الريفيون ينتفضون ضد تصريحات الأغلبية الحكومية و اليزمي يمد يد الوساطة لنشطاء الحراك

كما كان منتظرا خرج مساءأمس الخميس الآلاف من المواطنين بمدينة الحسيمة في مسيرة احتجاجية رغم الإنزال الأمني الذي شهدته المدينة قبل انطلاق المسيرة و تنفيذ الإضراب العام.

المتظاهرون جابوا شوارع المدينة في طوفان بشري قبل أن يصلوا إلى ساحة محمد السادس وسط المدينة (ساحة الشهداء) التي جسدوا فيها وقفة احتجاجية سلمية دامت لساعات تخللتها شعارات منددة بتصريحات الأغلبية الحكومية التي وصفت المحتجين بالانفصاليين و حراكهم الشعبي بالغير الشرعي.

المحتجون الذين برهنوا مرة أخرى على سلمية حراكهم بتأمينهم للممتلكات العامة و الخاصة، طالبوا بالانفصال عن الفساد و الاستبداد و الحكرة و أكدوا على تشبثهم بمطالبهم الاجتماعية العادلة و المشروعة و بإنهاء العسكرة على المنطقة و بضرورة فتح حوار جدي و مسؤول و الاستجابة لملفهم المطلبي.

ناصر الزفزافي أحد رموز الحراك الشعبي بالريف أكد أن الاحتجاجات التي تشهدها مدينة الحسيمة منذ مقتل محسن فكري قبل ستة أشهر، جاءت نتيجة الحكرة و التهميش، موضحا أن شكلهم الاحتجاجي لا يتلقى أي دعم من خارج المغرب عكس ما يروج له البعض.

المناضل الريفي الذي أصبح رمزا لحراك الريف تحدى كل من روج لأطروحة تلقيهم لأي تمويل خارجي مطالبا بالإدلاء بما يثبت، قبل أن يستغرب إقدام الأغلبية الحكومية على اتهامهم بالانفصال متسائلا هل هي حكومة أم عصابة؟

الحراك الشعبي الذي شهدته الحسيمة شدد من خلاله المحتجون على أن مطالبهم اجتماعية وحقوقية واقتصادية صِرفة، نافين مجددا أن يكون هدفهم هو السعي للانفصال كما نفوا بشكل قاطع الاتهامات الموجهة لهم بـ” خدمة الأجندات الخارجية أو تلقي أموال من جهات أخرى”.

مدن تتضامن مع حراك الريف

تزامنا مع حراك الريف شهدت العاصمة الرباط وقفة احتجاجية أمام البرلمان تحولت إلى مسيرة في لحظاتها الأخيرة، استنكر من خلالها المحتجون تصريحات الأغلبية الحكومية التي وصفت النشطاء بالحسيمة بالانفصاليين، قبل أن يطالبوا بضرورة تمكين الريفيين من مطالبهم الاجتماعية العادلة و المشروعة.

القنيطرة هي الأخرى تضامنت مع الحسيمة من خلال الوقفة الاحتجاجية التي شهدت تدخل أمني عنيف أصيب على إثرها مجموعة من المتظاهرين و اعتقل آخرين.

وإلى مدينة الحاجب، خرج العشرات ضمنهم نساء سلاليات للاحتجاج تضامنا مع الريف ومع الحراك الشعبي الذي تعرفه المنطقة، ورفع المحتجون بعضا من الشعارات التي رفعها حراك الحسيمة اليوم من قبيل “المخزن يا شماتة هز العسكر وحرر سبتة”.

التضامن امتد أيضا إلى شرق البلاد، حيث خرجت فعاليات حقوقية وسياسية، بعاصمة الشرق وجدة، للتضامن مع المحتجين بالحسيمة، ورفض الإنزال الأمني الذي عرفته الحسيمة خلال الساعات الماضية.

اليزمي يمد يد الوساطة لنشطاء الحراك

في الوقت الذي خرج فيه المحتجون في مسيرة احتجاجية بالحسيمة، أعلن المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن نيته للتدخل، مقترحا نفسه “وسيطا” بين اللجنة المسؤولة عن الحراك والسلطات العمومية.

مجلس اليزمي، ضمن “إعلان للوساطة”، أفاد بأنه يمكن للجنة الجهوية لحقوق الإنسان الحسيمة ـ الناظور، التدخل للوساطة بين الحراك ممثلا في لجنته وكل من تكلفه السلطات العمومية، مضيفا أن اللجنة تفتح أبوابها للتنسيق وعقد لقاءات، سواء في مقرها بالحسيمة أو في مقر آخر يختاره الطرفان.

اللجنة الجهوية لحقوق الانسان وجهت توصية بعدم استخدام القوة وبالحفاظ على السلم، معتبرة أن المرحلة الحالية هي بمثابة “امتحان عسير للجميع”، قبل أن تصف الوضع في الحسيمة بـ “المتأزم”، الذي “لم تنجح فيه المحاولات للوصول إلى حل يبدأ بتفعيل سياسة التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة للمنطقة”، مؤكدة أيضا أن “الوضع ينذر بالأسوأ في ظروف لازال التراجع عنها والاحتكام للعقل والتبصر والخروج من النفق متاحا”.

الحكومة تتبرأ من تصريحات زعماء الأغلبية

قبيل انطلاق مسيرة الحسيمة خرجت الحكومة بتصريحات مخالفة لما جاءت به الأغلبية بخصوص حراك الريف الذي اتهمت فيه النشطاء بالانفصال، و أعلنت التزامها بتنمية المناطق التي تعرف احتجاجات منذ قرابة نصف سنة.

وقال الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، خلال الندوة الصحافية التي عقبت المجلس الحكومي المنعقد اليوم الخميس، إن المجلس الحكومي “أبدى حرص جميع القطاعات الحكومية، في إطار واجباتها تجاه المواطنين، على اتخاذ الإجراءات الضرورية لتسريع تنفيذ المشاريع المبرمجة في المنطقة”، مشددا على ضرورة القيام بكل ما يلزم لتحسين جودة الخدمات العمومية على غرار باقي مناطق المملكة.

الداخلية تتهم فئة معدودة باستغلال الاحتجاجات لأغراض مشبوهة

خلال المجلس الحكومي شدد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، على أن “استغلال البعض للحدث المؤسف لمقتل محسن فكري لتحقيق أهداف مشبوهة، إذ انتهزوا فرصة المطالبة ببعض المطالب الاجتماعية، التي تبقى معقولة وتتم الاستجابة لها من خلال البرنامج التنموي الخاص بالإقليم، وهذا التوجه المغرض لا يعبر عن جميع الفئات الاجتماعية للساكنة المحلية، بل تتزعمه فئة صغيرة ومعدودة تشتغل وفق أجندة محددة واضحة للجميع”.

 

 

التعليقات مغلقة.