من أجل مواكبة القانون الجديد للوضع الصحافي بالمغرب

صادق البرلمان المغربي كما هو معروف سنة 2016 في عهد الوزير الاتصال السابق محمد الخلفي على قانون الصحافة و النشر رقم 88.13 و ومنح أجل آخره شهر غشت 2017 ليدخل حيز التنفيذ
في ظل الارتباك الحاصل لدى المهنيين و المعنيين من رجال السلطة و القضاء و غيرهم ،لم يعرف هدا الحدث ما يستحق من نقاش و مجادلة بإستثناء بعض مداخلات قليلة المتفرقة هنا و هناك و الندوة المقامة من طرف النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة مؤخرا بمدينة سلا ،هدا المعطى أرغمني على التطاول و التدخل في تشخيص و دلو بدلوي في الموضوع في انتظار رأي رجال الاختصاص.
قوانين الحريات العامة في أي بلد تشكل مقاسا للوضع الديمقراطي بها .

 لقد سبق لصاحب الجلالة (نصره الله ) توجيه رسالة ملكية سامية بتاريخ 15 نونبر 2002 بمناسبة اليوم العالمي للإعلام ” …. الحرية و المسؤولية هما عماد مهنة الصحافة و منبع شرفها…. و أضاف جلالته أنه .. .. ” لا سبيل لنهوض و تطور الصحافة الجيدة دون ممارسة لحرية التعبير شريطة أن تمارس هده الحرية في نطاق المسؤولية … بدون حرية يعني مجتمع الاستبداد، والحرية بدون ضوابط قانونية تساوي مجتمع الفوضى، ومهمة رجال السلطة هي التوفيق بين السلطة و ﺇكراهاتها والحرية و انزلاقاتها كما أشار السيد سعيد الوردي دكتور في الحقوق .

يشهد الوضع الصحافي حاليا اختلالا متعدد الأوجه و تسيبا خطيرا. و أصبحت مهنة الصحافة مهنة خصبة لكل دجال و لكل نصاب و مهنة مفضلة لكل من لا مهنة له. ويحاول قانون 88.13 معالجة هدا الوضع الصحافي بالمغرب بجانب قانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين و 90.13 الخاص بالمجلس الوطني للصحافة، إلا أن هده الترسانة القانونية لم تستجب للأسف الشديد لمتطلبات العصر الرقمي و تفاعلاته السريعة .
بالنسبة للمغرب، فقد انخرط باكرا بالحركة الدولية لتثبيت و تفعيل القوانين الوضعية في مجال حقوق الإنسان، و تم إحداث قانون الصحافة لأول مرة من طرف سلطة الاحتلال سنة 1914 الذي عرف عدة تطاحنات و لم يكون مستساغا أنداك أن يكون للوطنيين منابر إعلامية حيث لم تعمر جرائد في أحسن الأحوال أكثر من سنة .

مباشرة بعد الاستقلال وضع المغرب منظومة للحريات العامة من خلال إصدار بتاريخ 15 نونبر 1958 ،كل من الظهير الشريف رقم 1.58.376 الخاص بحرية تأسيس الجمعيات و الظهير الشريف 1.58.377 الخاص بقانون الصحافة و النشر و الظهير .1.58.378 الخاص بتأسيس الأحزاب السياسية .و عرف المغرب عدة صراعات و تطاحنات و مجادلات سياسية و فكرية و قانونية و إدارية بين كل مكونات المجتمع المغربي مما دفع بدولة المغربية إلى المصادقة و موافقة علي مجموعة من القوانين و الأعراف الدولية سمحت بإدخال بعض الترميمات و الإصلاحات سنة 1973 و تعديل أخر سنة 2002 من خلال قانون رقم 77.00 المتعلق بقانون الصحافة و النشر و بقي الصراع السياسي محتدما وقائما بأساس حول ممارسة الفعلية للحقوق و الواجبات كما هي متعارف عليها دوليا و بين مصالح الطبقة الحاكمة بالمغرب التي استفادت من التطورات الدولية و انهيار التوجه الاشتراكي . مما أدى بتفتيت الأحزاب الوطنية و الاشتراكية من الداخل عبر مجموعة من القياديين الانتهازيين و بتالي فقدت النقابة الوطنية للصحافة المغربية كمخاطب لصحافة الرأي تلقائيا الركائز الأساسية التي كانت تقف عليها المشكلة أساسا من الكتلة الأحزاب الوطنية. هده الوضعية من بين تفاعلاتها بروز صحافة أشخاص تحت يافطة الصحافة المستقلة و تقهقرت إن لم نقل شلت و لم يبق لصحافة الرأي الصدى و الإشعاع المرموق أو بمعنى أدق الصحافة السياسية خصوصا مع تطور الصحافة إلكترونية و تقدم الهائل لمواقع التواصل الاجتماعي و التراجع المطرد لصحافة الورقية المكتوبة في ظل تسارع وتقدم المطرد لصحافة الرقمية . هده الحالة سمحت بتنامي الهائل من ناحية الكم للمستصحفيين أشخاص تلغي بدلوها ساهمت في قتل الصحافة السياسية و بقي المغرب لأكتر من عقد من الزمن بدون مشروع مجتمعي باستثناء أفكار يلوح بها حزب الاشتراكي الموحد القابلة للنقاش و التحليل .

في ظل هده الوضعية و في أفق معالجتها جاءت حكومة عبد الإله بنكران بقانون 88.13 بجانب قانون 89.13 و قانون 90.13 أهم ما سجل على هده القوانين المغالطات و التراجعات العديدة المغلفة ببعض المصطلحات الرنانة و الإدعاء بتحقيق إنجازات وفي الحقيقة تراجعات . قراءة فصول قانون الصحافة و النشر الجديد 89.13 التي تعطي شعورا للقارئ أنه حصل على الحقوق في حين يجد نفسه أمام عكس ما قرأه ، أي أمام ضياع لحقوقه وليس حصوله عليها .
من أهم التراجعات التي عرفها القانون الجديد مبدأ حرية إصدار الجرائد والطبع و التوزيع الكتب التي أصبحت مشروطة بالإذن السيد وكيل جلالة الملك عوض تقديم لطلب فقط و مدير النشر أن يكون من جنسية مغربية راشدا و قاطنا بالمغرب و دون سوابق عدلية تحرمه من حقوقه الوطنية ، دون مستوي دراسي و كفاءة مهنية أو علمية حسب الفصل الرابع من القانون الحالي . بنسبة لقانون الجديد المادتين 17و16 سيكون ملزم بالمستوى الإجازة أو ما يعادلها متوفرا على البطاقة المهنية الصحافية الموزعة من طرف وزارة الاتصال بمعنى اعتقال حرية التعبير و الرأي . حيث هده المادتين تشترط على مدير النشر مبدئيا أن يكون متوفرا علي البطاقة الصحافة وللحصول عليها وجب عليه أن يكون مسجلا بالصندوق الوطني لضمان الاجتماعي من طرف إحدى المؤسسات الصحافية و كدلك مالكا لأزيد من 30 % من أسهم الشركة المراد تأسيسها هده كلها شروط مانعة و متناقضة مع أحكام الدستور بمعنى اعتقال حرية التعبير و الرأي .

المراجع : 
ـ ظهير 1.58.377 الخاص بالصحافة و النشر
ـ ظهير122/16/1
ـ السيد المحترم عبدالكبير طبيح
ـ الدكتور سعيد الوردي
ـ السيد نائب وكيل جلالة الملك

 

التعليقات مغلقة.