الحكامة الجيدة والحساب الإداري للمجلس الجماعي

الحكامة الجيدة في التسيير المحلي في ظل حساب إداري ومالي يرتهن بالحسابات السياسية والنفعية للأعضاء المنتخبين، وتمرير هذا الأخير رهين بتلك الحسابات ، قبل الشروع في تعميق البحث عن مدى حسن التدبير ونجاعته من عدمها بالجماعات سواء الحضرية منها أوالقروية نعطي إضاءة بسيطة عن الحساب الإداري والمالي، يعد الحساب الإداري والمالي من أهم المقررات الصادرة عن المجلس الجماعي وجلساته التداولية بالنظر إلى طبيعة هذه الوثيقة المالية وأهميتها حيث تكون فرصة ذهبية لمساءلة الرئيس بصفته أمرا بالصرف ومنفذا لنفقات الجماعة حيث يعتبر الحساب الإداري والمالي جردا لمداخيل المجلس الجماعي وأوجه صرف تلك المداخيل التي تعتليها خروقات واختلالات بالجملة فيما تكون الإنجازات ضئيلة وبالتقسيط تفادياً لنعتنا لها بالمشلولة لأنها لا تهم احتياجات الساكنة سوى المصاريف التي يتم صرفها في الشق الإداري الموظفين وما إلى ذلك،إذن فالأمر هنا يتعلق إن سددنا القول بعملية تصفيةللميزانية المحلية قبل المصادقة على الميزانية السنوية الأخرى مما يجعل الحساب الإداري والمالي مناسبة ذهبية تتسم جلساته التداولية بمكانة وطابع خاص نظراً لعلانيتها التي يضمنها الميثاق الجماعي وفق آخر تعديل تنص عليه صراحة المادة واحد وسبعين بوجوب الاقتراع العلني وانسحاب الرئيس لحضة التصويت ومما يجعل الحساب الإداري والمالي ذو طابع خاص أنه يتجاوز حدود ذلك الإجراء الروتيني أو التقني ويتعداه لما يصاحب جلساته أو ما يجري في الكواليس ، ففي الكواليس التي تسبق هذا الجمع العام تكتيكات يجريها الرئيس للتأثير على إرادة المنتخبين المصوتين أي الأعضاء واستمالتهم أثناء التحضير لجلسات الحساب الإداري كي تختتم بالتصويت ايجابيا لصالحه فهي تعتبر بالنسبة لبعض الأعضاء محطة مهمة لمساءلة الرئيس ومحاسبتهم له على تسييره السنوي إدارياً وماليا ومدى احترامه لمواد الميثاق الجماعي وتسليطهم الضوء على تجاوزاته وسوء تدبيره في صرف النفقات بطرق مشبوهة تبعا لنسخ المستندات التي توصلوا بها قبل الجمع العام والتي كثيرا ما تكون مسألة انفراد بالقرارات ، يتم في مرحلة الاعداد والتحضير عادة لهذه الجلسات جلسات من نوع آخر في جنح الظلام وتجري في كواليسها لغة أخرى لا يعرفها إلا القليل حيث يتم تقديم رشاوي وإعطاء وعود لبعض الأعضاء ولا سيما أغلبية مكتب الرئيس ليكون التصويت إيجابياً على الحساب الإداري والمالي وتكون فرصة للبعض مناسبة للابتزاز للحصول على إمتيازات غير مشروعة نقدية كانت أم نفعية وأحيانا عينية لتصويتهم الإيجابي وعدم الرفض ، فقط لغة الربح تتكلم وكي تصبح الوجبة حلالا ينبغي اقتسامها وتعميم الفائدة رغم ما قد يتضمنه ذلك الحساب من اختلالات صارخة تدخل تحت طائلة المتابعة القضائية وسوء التدبير المالي وخير إثبات على ذلك عزل عدد كبير من الرؤساء بأغلبية أعضائهم عن أداء مهامهم من طرف وزارة الداخلية بعد إرسال لجان تفتيشية وكل الحسابات الإدارية والمالية رغم الموافقة عليها تعرف اختلالات خطيرة واغتناء غير مشروع فالمصادقة على الحساب الإداري بالقبول ليس دليلا على براءة الرئيس بقدر ما يكون في الغالب تورطا مباشرا لبعضهم وتواطؤا أما ما يصاحب الجلسات التداولية حوله فهي كذلك تعرف طابعا خاصا بها فهي مناسبة لتبادل الاتهامات ومحاولة للنأي بالنفس لبعضهم كما أنها مناسبة لتحقيق مجموع من المبادئ الدستورية كالشفافية يطلع من خلال ذلك الناس على حقائق كانت غائبة عنهم داخل أسوار الجماعة فقد مستنداتها والقلة بداخلها تعرف وتحقيق كذلك مبدأ آخر الوصول للمعلومات التي آلت هي بحوزة الإدارات كما هو متضمن بالدستور كما تشكل المداولات العلنية مناسبة للمساءلة باعتبارها أداة من أدوات المحاسبة والرقابة التي يمارسها المنتخبون ومدى جديتها بالإضافة إلى ذلك فهي تشكل مادة إعلامية دسمة لمناقشة الشأن المحلي من قبل الفاعلين السياسيين والمهتمين والمجتمع ، إن المصادقة على الحساب الإداري والمالي ايجابيا هي القاعدة أما الرفض فيعتبر استثناءا ينبغي الوقوف عنده حيث هي إدانة صريحة للأمر بالصرف على اختلالات وانفراد بالقرارات وعادة ما تتضمن مستندات المصاريف مصاريفا فضفاضة وبشكل عام لكن الشيطان يمكث بالتفاصيل الدقيقة التي تغيب فلو تم التطرق اليها بالتفصيل الممل لاكتشفنا أن معظم النفقات منفوخة على الورق ، في حالة تصويت الأغلبية الساحقة بالرفض تعقد جلسات تداولية أخرى لقراءة ثانية واذا تمسكت الأطراف الرافضة بقرارها يحال في الغالب الحساب الإداري والمالي موضوع النزاع على المجلس الجهوي للحسابات لإبداء الرأي فيه تجنباً لإقحام الحسابات السيياسية في الموضوع حسب ما تقتضيه المادة مائة وثلاثة وأربعين من مدونة الأحكام المالية فيما ينبغي على الأطراف الرافضة تعليل وتبرير رفضها بالمحضر، الأطراف الرافضة اليوم هي نفسها من قبلت بالأمس مما يطرح أكثر من سؤال هل هي الدقيقة تسعين من ولاية المجلس الجماعي من خلف الرفض ومرده حسابات سياسية محضة أم محاولة للنأي بالنفس ، لما لا تقوم عادة المعارضة بارسال مذكرات للمجلس الجهوي للحسابات مذيلة بتوقيعات وتجعل دورها محصوراً فقط في الحضور الباهث والرفض اللين.

 

التعليقات مغلقة.