اليسار النرويجي يمنى بهزيمة غير متوقعة في الانتخابات التشريعية

لم يكن يتوقع يوناس كاهن ستورا، زعيم حزب العمال المعارض، أن يمنى حزبه بهزيمة غير متوقعة برسم الانتخابات التشريعية التي جرت أول أمس الاثنين.

وأصيب المعسكر اليساري النرويجي بخيبة أمل كبيرة بعد الإعلان عن النتائج التي تؤكد استمرار اليمين في سدة الحكم، على الرغم من الانتقادات الشديدة التي وجهت له.
ولم يتردد زعيم حزب العمال النرويجي، أقوى تشكيلة سياسية معارضة، في التعبير عن “خيبة الأمل”، مسارعا إلى التأكيد بأن حزبه لن يكون بديلا عن التكتل اليميني الذي سيحتفظ بالسلطة لولاية حكومية جديدة.
وكان يوناس كاهن ستورا يمني نفسه بتقلد منصب رئيس الوزراء بالنرويج بعد فترة ساد فيها اليمين حكوميا ورغبة منه في استرجاع تبني سياسات تركز على الجانب الاجتماعي وتهتم بالمسنين وترفع من وتيرة الاقتصاد الوطني.
وتلمس ستورا، البالغ من العمر 57 عاما، الهزيمة حينما قال في تصريحات صحافية قبيل الإعلان عن مجمل النتائج، إن رئيسة الوزراء الحالية، إيرنا سولبيرغ، قد تظل في منصبها لولاية جديدة.
كما أعلن أمام أنصار الحزب وأعضائه في ليلة ترقب كبرى لما سيؤول إليه فرز أصوات الناخبين في جل الدوائر، أن اليسار قد “لا يستبدل الحكومة الحالية”، في إشارة إلى أن الهزيمة وشيكة لا محالة.
ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه، فقد احتل نفس الحزب المرتبة الأولى برسم انتخابات 2013، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لتشكيل الحكومة، لكونه فشل في تكوين ائتلاف سياسي، وهو ما كان بالنسبة لحزب المحافظين الذي تحالف مع أحزاب يمينية تتقاسم معه العديد من البرامج والأفكار.
وعلى الرغم من أن الحزب كان يعول على نتائج مهمة لمكونات اليسار الأخرى إلا أنه لم تحصل على مقاعد وافرة لكي يتمكن من تشكيل الحكومة المقبلة.
فقد حصل الحزب على المرتبة الأولى بنحو 49 مقعدا (27.4 في المائة)، واليسار الاشتراكي على 11 مقعدا (6 في المائة)، والحزب الأحمر على مقعد واحد (2.4 في المائة)، وحزب الخضر على مقعد واحد (3.2 في المائة).
فالتكتل اليساري لم يحصل على المقاعد اللازمة للعودة إلى الحكم (81 مقعدا) نظرا لانتصار اليمين الذي حصل على 88 مقعدا من أصل 169 مقعدا في البرلمان.
وكانت لهذه النتائج انعكاسات داخلية على الحزب أدت إلى دعوة بعض قيادييه إلى تقييم الأداء الانتخابي وضرورة إحداث تغيير يعيد للحزب وهجه السياسي.
ونقلت صحيفة (في غي) عن ستورا قوله “نشعر بخيبة أمل إزاء نتائج الانتخابات. ولكننا متحدون جدا لدراسة ما تم القيام به، ومن أجل العودة السريعة”.
وأكد على ضرورة القيام بدراسة شاملة لمجريات الحملة الانتخابية، مشيرا إلى أن منظمات الحزب معنية بهذا التقييم، وأن هناك طموحا بالبدء في العمل السياسي بسرعة.
ودعت قيادات من الصف الأول في الحزب إلى إجراء تغييرات سياسية وتنظيمية تعيد للحزب توهجه وتساهم في تحسين ترتيب التكتل اليساري مستقبلا.
ومن المنتظر أن تجتمع القيادة المركزية للحزب لمناقشة الحملة السياسية والتنظيمية داخل الحزب.
وتأتي خيبة الأمل والرغبة في التغيير على الرغم من تركيز الحزب على الصعوبات الاقتصادية التي واجهتها حكومة اليمين، خلال السنوات الأربع الماضية بفعل، على الخصوص، تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، إلا أن ذلك لم يكن كافيا من أجل استمالة الناخبين.
وركز الحزب اليساري على ملف الضرائب، داعيا إلى الزيادة في نسبتها خاصة لدى الفئات الميسورة من أجل تمويل القطاعات الاجتماعية التي تهم، على الخصوص، الصحة والتعليم ورعاية المسنين.
كما أكد أن من شأن الإجراءات التي وعد بها الناخبين الحفاظ على دولة الرفاه في هذا البلد الاسكندنافي، رافعا شعار “الكل معنا”، في إشارة إلى اقتسام الثروة وفقا لدولة الرعاية الاجتماعية المهتمة بكل فئات المجتمع.
ويطرح السؤال حول الدرس الذي يمكن أن يستقيه الحزب والمعسكر اليساري عموما من هذا الاستحقاق الانتخابي، وهو ما قد تجيب عنه الأيام المقبلة مع اتساع دائرة طرح الحلول لتجاوز أسوأ نتيجة لحزب العمال المعارض منذ سنة 2001.

التعليقات مغلقة.