اليوم العالمي بدون سيارات.. مبادرة صديقة للبيئة لم تجد بعد صداها في الدول النامية

قد ينتابك إحساس فريد وأنت تجوب شوارع مدينتك في ظل غياب تام لزحمة وضوضاء السيارات… لا دخان أسود يتصاعد من عوادم المركبات ولا ازدحام، فقط سير على الأقدام واستنشاق لهواء نقي. إنه التقليد السنوي “يوم بدون سيارات”، يوم يترك فيه المجال للراجلين ومستعملي الدراجات الهوائية ووسائل النقل العمومي الأخرى.

قد يبدو المشهد غير مألوف للبعض لكنه غدا مبادرة سنوية تخلد في 22 شتنبر بعدد من عواصم ومدن الدول المتقدمة، بهدف التخفيف، ولو بشكل “ضئيل”، من التلوث البيئي الناجم عن انبعاث دخان السيارات والغازات الناجمة عن الاستعمال المكثف للمركبات، في وقت لا يجد فيه هذا اليوم صدى لدى دول العالم النامي، إذا ما استثنيت بعض المحاولات “المعزولة” هنا وهناك.

ويعزو عدد من المراقبين والمهتمين بالمجال البيئي غياب هذه المبادرة بالدول النامية إلى صعوبة تطبيقها لهشاشة بنية المواصلات بالمدن وانعدامها في أماكن أخرى، مشددين، في هذا السياق، على دور الجمعيات ومنظمات حماية البيئة التي يجب أن تحمل على عاتقها هذه المواضيع الهامة، وتشجع الناس على الانخراط بكثافة في مبادرات من هذا القبيل.

وقد تم تنظيم هذا اليوم لأول مرة بالمغرب، في ماي 2016، عندما وجهت “شبكة دار البيئة”، المتألفة من ست جمعيات تشتغل بالمجال البيئي بجهة الدار البيضاء الكبرى، دعوة إلى سكان المدينة من أجل المشاركة في يوم من دون سيارة، للمساهمة في رفع الوعي بأهمية خفض نسبة تلوث الهواء في العاصمة الاقتصادية، والمشاركة الفعلية في المحافظة على البيئة.

وهمت هذه المبادرة مدن الدار البيضاء، والمحمدية، ومديونة، والنواصر، من خلال الدعوة إلى التخلي عن استعمال السيارة، وإعطاء الامتياز للنقل المشترك، من قبيل الطرامواي، الحافلات أو سيارات الأجرة.

وبالنسبة لهذه السنة، فقد وقع الاختيار على العاصمة الرباط لاحتضان هذه التظاهرة الايكولوجية التي ستنظمها جمعية “شباب القرن ال21” يوم الأحد المقبل، ستصاحبها دعوة إلى المواطنين للسير رفقة أطفالهم وذويهم، والاستمتاع بالمشي واستنشاق هواء نقي، والسير في مدارات طرقية من دون سيارات.

وعلى الرغم من هذه المحاولات والطابع الاحتفالي للـ”يوم بدون سيارات”، فإن مثل هذه المبادرات تساءل السلطات العمومية والمواطنين، على حد سواء، حول أهمية تعديل السلوكات تجاه البيئة، لاسيما في ظل تأكيد عدد من الاحصائيات الأممية على أن النقل الحضري هو المصدر الرئيسي لثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، إذ يشكل 40 في المائة من إجمالي الانبعاثات.

يذكر أن المبادرات الأولى لحملة “يوم بدون سيارة” تعود إلى سنة 1956، حينما اضطرت عدد من البلدان إلى اتخاذ إجراءات صارمة للحد من استعمال السيارات بعد قرار تأميم قناة السويس في مصر.

وعمدت كل من بلجيكا وهولندا وسويسرا إلى إقرار أيام آحاد بدون سيارة من نونبر 1956 إلى يناير 1957، فيما عاودت كل من سويسرا وبلجيكا اللجوء إلى هذه الإجراءات في سنة 1973 في سياق الأزمة الطاقية.

وتعود التظاهرة الرسمية الأولى لـ”يوم بدون سيارة” إلى يونيو 1996 بمدينة رايكيافيك في آيسلندا، حيث نظمت هذه المبادرة لتشجيع السكان على استعمال وسائل نقل تكون صديقة للبيئة وأقل استهلاكا للطاقة و أكثر أمانا.

وتم إطلاق هذه المبادرة بشكل رسمي على المستوى الأوربي في سنة 1998 في إطار ما سمي بـ”أسبوع التنقل”، غير أن صعوبة إقرار يوم محدد لهذه التظاهرة (يوم 22 شتنبر) أدت إلى إقرار يوم في الأسبوع بدون سيارة بكبريات المدن.

عبد الحق يحيى / الرباط

التعليقات مغلقة.