من ربيع براغ الى “الربيع العربي”

انطلقت جهود المعسكر الغربي الليبرالي،اثناء ما كان يعرف بالحرب الباردة ، في مسلسل الديمقراطية الليبرالية، بشكل واضح منذ بداية الستينيات.وكان الهدف منه هو تفكيك الاتحاد السوفياتي باليات داخلية، بعد ان صمد في الحرب العالمية الثانية امام الجيش النازي، المدعومة امريكيا.

وكان “ربيع براغ” سنة 1968 في تشيكوسلوفاكيا،ربيعا مزيفا تسير دواليبه  الامبريالية ،بعد ان دفعت الرئيس دوبشيك، بالقيام بإصلاحات رجعية، و الغرض من ذلك هو تفكيك الاتحاد السوفياتي.

وفي البداية حري بنا ان نفرق بين الديمقراطية كمطمح للشعوب في التحرر من البيروقراطية و الاستغلال، و ديمقراطية راس المال والشركات العملاقة الشكلية، المدعومة امريكيا. التي تكرس الاستغلال و الاستلاب.فمنطق التاريخ هو الوعي بالحرية، هو تقدم كل الشعوب التواقة الى التحرر و الانعتاق من الاستغلال ،و تختلف حركة التقدم من شعب الى اخر حسب المعيقات الداخلية و الخارجية.

فا امريكا تكيل بمكيالين في تعاملها مع الاعراف و المواثيق الدولية لحقوق الانسان ،و حق الشعوب في تقرير مصيرها، مما يجعلها تريد من خلال نشر الديمقراطية ،تأسيس التبعية و ليس الحرية،وهناك علاقة وطيدة بين التبعية و التخلف.

حينما وقفت امريكا وراء الانقلاب الذي اطاح بالرئيس المنتخب في الشيلي، السالفدور الليندي،هو دليل على ان امريكا تحارب كل توجه غير اقتصادوي، منفلت من هيمنتها حتى تبقي الدول بمثابة مزرعة لها،وهذا ما يتجلى بشكل واضح من خلال تعاملها مع امريكا اللاتينية،و القضية الفلسطينية و الشعوب العربية الاسلامية،وافريقيا.

وشنت القوى الامبريالية الامريكية حروب على العديد من الشعوب، مثل الحرب على الفيتنام و العراق…وأخرى بالوكالة. و فرضت ايضا العديد من العقوبات على الدول التي تحاول الانفلات من هيمنتها.

والأخطر من ذلك هو مشاريع التقسيم  وافتعال الفتن و الاحتجاجات…،التي بدأت تعصف بالدول العربية، من بينها مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي يتأسس على ديمقراطية “مربللة” تؤسس لمزيد من التغول و التغلغل الاقتصادي الغربي،في الاسواق العربية. و تضعف المناعة الثقافية للشعوب العربية لتجد غطاء للتوغل و الرهن الاقتصادي و التبعية… وبالتالي انهاء اي وجود لأي قوى سياسية وطنية،و الابقاء على قوة الاقتصاد و راس المال.

و مشروع الشرق الاوسط الجديد،هو مشروع من مخيلة الثعلب الخبير بالمنطقة، و الدارس لكل خباياها،الخبير الاستراتيجي الامريكي برنارد لويس.

وانطلق مشروع التقسيم بعد غزو العراق، و تقسيم السودان، ليشمل التقسيم ليبيا و سوريا، لتنتشر بعد ذلك خرائط التقسيم بعد ان نشرتها نيويورك تايمز،وصحف اجنبية اخرى، وهي الان متواجدة على شبكة الانترنيت. لتوضح الاماكن المعنية بالتقسيم العراق و سوريا و ليبيا و المغرب و مصر و اليمن و تركيا.

ولدقة خبرة برنارد لويس بالمنطقة،و المعرفة بخباياها الثقافية و الجغرافية،قام بدايتا ببعث النعراث القبلية و العرقية البائدة،لخلق قوميات في المنطقة وايضا خلق حركات احتجاجية بعدما اصبحت حقوق الانسان الية للاختراق .

في التسعينات احتضنت معاهد في يوغسلافيا و تشيكوسلوفاكيا مهد الديمقراطية الرجعية،تدريبات للشباب عربي في التظاهر السلمي و اسقاط الانظمة، لسحب الانظمة العربية التي هرمت، وإحلال مكانها “الفوضى اللاخلاقة”.

وكانت حركة 6 ابريل تكونت في امريكا في معهد انشتاين، و معهد الحرية و في دول اسيا مثل القوقاز”وتلقوا عشرات الالف من الشباب تكوينا على التظاهر في  في صيربيا و بلغاريا و في قطر من مهندسي الحركات الاجتماعية الامريكية،مثلما تلقو تمويلا اجنبيا فضح امره في مصر.وحينما كان قد نشر كتاب جين شارب الشهير الذي هو مثل كتاب تمارين عن كيفية تنفيذ انتفاضة او مظاهرة او كذا؟ما نوع الشعارات التي تحمل الخ؟كان ذلك معدا اعدادا محكما و الهدف كما قلت في كتابي “ثورات و خيبات” استكمال الاطباق على المجتمعات”عبد الاله بلقزيز ،جريدة الاتحاد الاشتراكي ،العدد11.670،و تم اغلاق كونراد اديناور الالمانية في 2012و تبين بعد اسقاط النظام الليبي الدور الكبير الذي لعبه المفكر”شيطان الثورات”الصهيوني برنارد هنري ليفي في اشعال الاحتجاجات و ادخال الاسلحة و اقناع الناتو بالتدخل المباشر.

وحقوق الانسان اصبحت الية للاختراق،كما هو الحال حقوق الاقليات الذي هيج المناطق العربية،حقوق الاقليات التي يراد من خلالها تفكيك المنطقة،المدعومة من امريكا،التي لم تعترف بحقوق السود الى قبل اربع عقود،فبعث النزعات و العصبيات البائدة الغاية منه هو ضرب الوحدة الهشة.

وانقسام مجلس التعاون الخليجي يدل على ان قرارات الخليج تملى من الخارج، و اي محاولة للتحرر لها ثمنها ،فانفتاح قطر على ايران، حرك غيض جنون ترامب. وهو نفس الشيء الذي حصل مع الكويت حينما طالبت بقيمة مبيعاتها من البترول نقدا، و هو ما حصل مع صدام حينما حاول التعامل باليورو بدل الدولار الامريكي، و ايضا حينما حاول القدافي تسلم اموال البترول ذهبا و ليس نقدا.فأي وحدة عربية اما ان تكون بموافقة القوى الاجنبية،و هو ما حصل طويلا مع مجلس التعاون الخليجي،او ان تكون رغما عنها، تقوده قوى تقدمية فتفرض عليه مضايقات عنيفة، من الخارج كما حصل في تجارب القومية العربية.

ووصل الاختراق الغربي و الصهيوني للمنطقة العربية،و بالخصوص منطقة المغرب العربي الى درجات عالية ،بحيث يم احتواء الانظمة و المعارضة والاعلام، و المجتمع المدني.

سعيد السعدي

التعليقات مغلقة.