على هامش الصمت المدوي لل”كبار”..

منير الحجوجي

أنا من الذين يعتقدون أن مهمة المثقف – ببساطة شديدة- هي وصف العالم “كما هو”.. و لوصف العالم في “حقيقته” يجب السير على الأقل بسرعة العالم.. ان أي تموقع/سير أخر سيلقي بنا بعيدا.. بالضبط في تلك النقطة التي يصبح معها صعبا جدا رؤية/فهم العالم..

هناك نوعان من المفكرين: المفكر السائح و المفكر المسافر.. عند الأول الخريطة تكون أكبر من الأرض.. وعندما يكون دليلك في التحرك في العالم هو الخريطة/الجزء التافه جدا من العالم فإنك تمر بجانب كثير جدا من الأشياء، من كل الأشياء: الجغرافيات/التضاريس/التفجرات الملتهبة للعالم.. المفكر المسافر على العكس من ذلك ليست له خريطة.. خريطته هي الأرض.. هي ما يجري/ينمو/يتحول/يحول على الأرض.. موجهه الوحيد: عقله المنتبه و قلبه الحساس.. متحرر من الحسابات.. حسابات الذات/المال/الموقع/القبيلة/الدين.. لا يهاب أي شيء.. يقفز الى الأرض.. و هو على الأرض يبحث عن غرس مخالبه الفكرية.. الوجودية.. ثم يبدأ التحرك.. تماما مثلما يفعل حيوان جميل جدا، هو البيما le puma الأسود، الذي لا يتردد – ما ان يلتقط هسيس طريدة – في الارتماء الى قلب أخطر الأماكن و أعقدها.. وعند الأرض يبدأ في رسم دوائره.. في بناء تحركاته.. المثقف المسافر بيما واع تماما بأن لاشيء أخطر – وألذ – من القفز.. نرتعب في البداية.. لكننا نربح في النهاية.. نربح ما لايمكن لمسه/قنصه و نحن مرتاحون في “مواقعنا” العليا.. المفكر السائح – على النقيض من ذلك- يبقى داخل الخريطة.. معتقدا أنها هي الأرض.. واستغراقك طويلا في الخريطة/الدليل يحولها بداهة الى شاشة تحجب عنك الأرض الجذرية..

التعليقات مغلقة.