لما تصالح البام، لما تخاصم البام؟

الجيلالي بنحليمة

من يملك الجواب، هو من يملك حق السؤال، لكن الجواب والسؤال سيان في صراع طواحين الهواء الخفي هذا. البام يعيش أزمة حزب منهك خرج من انتخابات كعراب فقد مرتزقته، وطل صبحه بجيش كبير من المعطوبين، وقادة جشعون يتصارعون حول غنيمة فقدت بالكامل، ومع كل ذلك يأمل الرجل المريض أن يخوض معركة الشرف الأخيرة برمق نقي، معركة آخر الأنفاس بمقاتلين حقيقين بدلا عن مرتزقة نفذ مخزونهم، قبل علمهم بنفاذ مخزون عرابهم.
عبد الحاكم بنشماش، وريث الكرسي المكسور، لا يملك أجوبة وفي أحسن الأحوال لا يريد الخوض في أسئلة سيكون الجواب عنها مكلفا، كثيرا وكثيرا، كيف خلف ظل الرجل القوي في البام، وكيف سُحب البساط من تحت قدميك بسهولة، بل الأهم كيف ساعدت في تيسير هذا السحب دون مزيد من الخسائر، ودون أن يفهم حتى المقربون منك السر في ذلك؟.
معارضو بنشماش، أنفسم، والذين ملكوا زمام أمور الحزب العليل لا يصارحون بالجواب، لما ساندتم بنشماش، ولماذا انقلبتهم عليه؟ غموض الولادة، هو من يطرح سؤال الشيخوخة المبكرة، وهو سؤال يحمل من الشرعية أكثر مما تحمله ولادة قيصرية غابت الكفاءة عن المشرف عن جراحتها.
ما الذي يقع في البام اليوم، صراع المصالح، أم صراع كسر الأذرع؟ طرح السؤال لأكثر من مرة، داخل المكتب السياسي، وداخل الاجتماع القنبلة الذي أشرف عليه عبد الحاكم بنشماش للمكتب السياسي، وما سمي المكتب « الفيدرالي » ، لكن جزء القصة الخفي في عجلة الجرار العطلانة، كان اتفاقا بين من المتصارعين اليوم وكان رأس إلياس العماري هو المطلوب، وتقلد بنشماش قيادة حزب يشبه نبت العوسج في قيض الصحراء. أحد ظرفاء البام شبه اجتماع عشاء قادة البام قبل رمق العماري الأخير على رأس التنظيم، بانقلاب الصخيرات، وكأنهم اختاروا مكانهم رمزا للانقلاب على شرعية ثابتة. كان عبد الحاكم بنشماش جزء الحفلة الأهم، ورهان مقامري الانقلاب.
ما قرر في عشاء في الصخيرات بين قلة قليلة من قادة الجرار، نفذ مصيره بالتمام في دورة مجلس وطني كان إلياس العماري، يعلم تفاصليها قبل غيره، وبدا أن الأمر يشبه مسرحية كبيرة وكبيرة جدا غيب فيها وعي الممثلون، وكان عاديا أن يغيب السيناريو، الذي بدا أن لا فائدة منه على الإطلاق.
لكن في كل المسرحيات هناك عقدة لا تفك الا بشطارة الممثلين، وهذا جزء من أزمة التراكتور اليوم، ضيوف حفلة الصخيرات، وبعد أن انتهوا من العماري، لم يغيبوا شعار المغاربة الخالد « لي في راس الجمل في راس الجمالة ».
ضيوف الحفلة اتفقوا على أمين عام في شخص بنشماش، مجرد من الاختصاصات وبولاية لا تمتد الا لسنة 2020 قبل أن تنقلب أمور تدبير الحزب لتيار المنصوري واخشيشين قبيل الانتخابات التشريعية القادمة، خرج الاجتماع باتفاقات مسبقة حول تركبية أجهزة الحزب، وتقسيم المهام، بشكل شبه كامل، وهو الاتفاق الذي انقلب عليه بنشماش بمجرد ما تولى أمانة الحزب، فبدأت الحرب، تارة بانتقاد الانفراد بالقرار وتارة بالبيانات التي وقعها أعضاء الحزب في جهتين، وثالثة بالدعوة لحل المكتب السياسي والفيدرالي، دفعة واحدة لإنهما حسب الداعين إليهما لا يملكان اختصاصا واحدا وأن الأمين العام هو الناهي الآمر في الجهازين.
والواقع أن بنشماش لم يملك النفس الكبير اتجاه الثنائي عبد اللطيف وهبي وفاطمة الزهراء المنصوري، التي رفضت أن تدعو لاجتماع دورة المجلس الوطني، رغم أنف الجميع. ازدادت حلقات الغموض، بعد وجبة عشاء آخر قبل ساعات من انعقاد الاجتماع العاصف للمكتب السياسي والفيدرالي، جمعت بنشماش ووهبي في منزل الأخير تم فيها الاتفاق مرة أخرى على توزيع جديد للمهام، سرعان ما تهاوى في صباح الاجتماع الذي حشدت فيه كامل الأسلحة وانتهى بأن صار « البام » خلف بنشماش عوض أن يكون أمامه أو يسير معه جنبا لجنب.

التعليقات مغلقة.