أوجار : آن الأوان لمراجعة المواد المنظمة لأحوال المواطنين المغاربة الشخصية داخل الوطن وخارجه

أفاد وزير العدل السيد محمد أوجار ، امس الجمعة بمراكش، بان الوزارة بصدد إجراء تقييم شامل وموضوعي لمدونة الأسرة، ورصد مكامن الضعف والخلل فيها، واسقاط مقتضياتها على التطورات السياسية والحقوقية والاجتماعية والاقتصادية التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة ، في أفق تحديد المقتضيات التي تستدعي المراجعة و التعديل، ونهج مقاربة تشاركية و تشاورية واسعة مع الفاعلين في منظومة العدالة والعلماء وفعاليات المجتمع المدني.

واعتبر في كلمة خلال افتتاح أشغال ندوة “مدونة الأسرة على ضوء القانون المقارن والاتفاقيات الدولية”، ضمن فعاليات المنتدى الثالث للمحامين المغاربة المقيمين بالخارج، تلاها بالنيابة عنه الكاتب العام للوزارة السيد عبد الإله لحكيم بناني، هذا اللقاء العلمي المميز مساهمة من الجميع في تنزيل التعليمات الملكية السامية، لرصد ما يمكن أن يفيد في تقييم تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة على مغاربة العالم، وطرح تصورات لبدائل ناجعة يمكن أن تساعد على تقويمها ، وذلك بتزامن مع استكمال مدونة الأسرة خلال هذا الأسبوع لخمس عشرة سنة من التطبيق، مضيفا أن المدونة شكلت سنة 2004 بما تضمنته من مقتضيات مستلهمة من قواعد الشريعة الإسلامية السمحاء والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، تحولا جذريا في تعاطي المشرع المغربي مع القواعد التي تنظم مجال الأحوال الشخصية للمواطنين المغاربة ليس فقط بالنسبة للمقيمين منهم داخل المغرب، بل امتدت لتشمل أولئك المقيمين بالخارج ، وأنه آن الأوان لمراجعة بعض موادها التي أبانت التجربة العملية عن ضرورة مراجعتها، واحتواء الثغرات التي رصدها التطبيق العملي لمقتضياتها خصوصا بعد صدور دستور 2011، ورفع المغرب لتحفظه عن بعض بنود اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

وبعد أن أبرز العناية الخاصة التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس للمغاربة المقيمين بالخارج ، أكد السيد أوجار أن جلالته ما فتئ يعطي تعليماته في كافة المناسبات للحكومة وباقي المؤسسات المعنية بضرورة الاهتمام بهذه الشريحة المجتمعية العريضة من المواطنين، ويدعو إلى ضرورة تعزيز التواصل والتنسيق معهم وتفعيل المساطر الإدارية والقضائية المراعية لظروفهم ومواصلة التوعية بمضامينها، ومواكبة الإصلاح الإداري والقانوني لتجاوز المشاكل التي تعترض المغاربة بالمهجر.

فارس : نتطلع لقانون بمعايير حقوقية دولية يتغلب على اختلاف نظمها وأنساقها

أكد الرئيس الأول لمحكمة النقض ، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، السيد مصطفى فارس ، الجمعة بمراكش خلال افتتاح أشغال ندوة “مدونة الأسرة على ضوء القانون المقارن والاتفاقيات الدولية” ، أن محكمة النقض تضع في صلب رؤيتها الاستراتيجية، وضع كل الآليات الضامنة لحماية وضمان حقوق مغاربة العالم كمكون أساسي للمجتمع المغربي والتفكير في حلول ومقاربات تراعي خصوصية واقعهم وهشاشة أوضاع فئات كبيرة منهم.

وقال في كلمة ، تلاها بالنيابة عنه المستشار بمحكمة النقض السيد حسن فتوخ : لن نذخر جهدا على مستوى الإدارة القضائية من أجل تجويد الخدمات، وتحقيق النجاعة، والحرص على التطبيق العادل للقانون بمعايير دولية وبمقاربة حقوقية تعمل على كفالة حقوق المغاربة عبر العالم، وإيجاد حلول للإشكاليات التي يثيرها اختلاف النظم والأنساق القانونية وتضارب مفهوم النظام العام وتأثير ذلك على الأسرة المغربية “ .

وسجل السيد فارس أن التطورات المتسارعة التي يعرفها العالم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، رفعت من سقف التحديات الموضوعة أمام كل الدول وأدت إلى ظهور مفاهيم جديدة غيرت من هيكلة بنية المجتمعات وطبيعة العلاقات، وأفرزت قيما جديدة جعلت مدونة الأسرة وكل الترسانة القانونية المرتبطة بقضايا الأسرة عاجزة عن الإحاطة بكافة النوازل والأقضية بحكم صيرورة التغيير وحتميته “ .

وأضاف أن العولمة تفرض على الجميع اليوم توحيد الجهود والمعايير بخصوص القضايا المشتركة “حتى نستطيع حل الإشكاليات وضمان الأمن الأسري للجميع”، مؤكدا على الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه شبكة المحامين المغاربة عبر العالم في هذا المجال وبذل كل الجهود لخلق جسور للتواصل خاصة مع الدول التي تعرف قضايا أسرية كثيرة للمواطنين المغاربة.

كما نوه بالمجهود الكبير الذي بذله القضاة المغاربة من أجل تفعيل أمثل لنصوص مدونة الأسرة ولكافة القوانين المرتبطة بها رغم السياقات المجتمعية المعقدة والبنيات البشرية اللوجستيكية غير الكافية ، مشيرا إلى أن هذا التطبيق تساهم فيه كل مكونات أسرة العدالة دون استثناء إضافة إلى متدخلين آخرين يمثلون سلطات ومؤسسات عمومية متعددة، من أجل الوصول إلى الأمن الأسري المنشود.

وسجل أنه بعد 15 سنة من تطبيق مدونة الأسرة أظهر القضاء الأسري المغربي قدرته على إخضاع القانون لسنة التطور، وعلى تقريب المسافة بين الحقيقة الواقعية والحقيقة القانونية، والتفاعل الايجابي مع التحولات الاجتماعية والثقافية والتعامل السلس مع القضايا الأسرية ذات البعد الدولي خاصة تلك المتعلقة بمغاربة العالم.

وكان الوزير المغربي عبد الكريم بنعتيق أشار إلى أنَّ “طرح وتناول قضايا مثل “مدونة الأسرة” تستوجبُ الشجاعة في الاجتهاد وتجنب الخوف من الإجابة عن الأسئلة الصعبة أو التعامل معها بثقافة محافظة مبالغ فيها”، معتبراً أن “مغاربة العالم يشكلون نواة صلبة واندماجهم في مجتمعات الاستقبال سلس لأنهم مرتبطون بمرجعية تلقوها من آبائهم، وهي مرجعية دينية معتدلة”.

وعاد الوزير إلى التأكيد على أن “مقاربة المغرب في مجال الهجرة “إنسانية”، إذ إنه وبفضل توجيهات الملك محمد السادس تبنى سنة 2013 سياسة جديدة للهجرة ترتكز على حقوق الإنسان، وقام بتسوية وضعية 50 ألف مهاجر أجنبي يعيشون في المملكة ويستفيدون من التطبيب والتعليم”.

” وتأتي هذه الدورة الجديدة بعد دورات سابقة نتجت عنها خلاصات مهمة تهمُّ مغاربة العالم، سواء في بلدان الانتقال أو في علاقتها بالمنظومة القانونية في البلد الأصلي”.

ويعرف هذا اللقاء مشاركة عدد من المختصين والباحثين و60 محاميا مزاولا بالمغرب ونظرائهم بالخارج وقضاة في رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية وممثلين عن وزارة العدل وباقي القطاعات الوزارية والمؤسسات المتدخلة في هذا المجال.

مطلبُ “تعديل مدونة الأسرة”، الذي يستأثرُ خلال هذه الأيام بحيز مهم في النقاش الوطني، هيْمنَ على أشغال الندوة التي حضرتها شخصيات سياسية وقانونية رفيعة، يترأسها عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، ومحمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة، بالإضافة إلى عشرات المحامين والقضاة والمسؤولين في وزارة العدل.

التعليقات مغلقة.