نجية نضير.. طوق نجاة ونضارة روح

زهرة عز

“الإيمان؛ أن ترى النور داخل قلبك، حتى لو كانت عيناك لا ترى إلا الظلام..”، جلال الدين الرومي.

الفقراء لايحلمون، يتلمسون طريقهم في العتمة ، لربما عثروا على أمنياتهم الضائعة بأحدى الزوايا المظلمة، قد تكون كرامة مهضومة او لقمة عيش مغمًّسة ببعض الحقوق، ينامون وعيونهم مفتوحة، لذلك لا تداعب الأحلام الوردية خيالهم، فكوابيسهم اليومية تقضّ مضاجعهم، لذلك يصارعونها ليلا وهم يترصّدون لأمنياتهم، قد يحالفهم الحظ مرّة، ويعانقونها عن قرب.

الفقراء لايحلمون، يتمنون فقط أن تطرد أمنياتهم كل الكوابيس الماكرة التي تقتات على أحلامهم وحقوقهم المسلوبة.

ثم أشرقت نجية الجميلة بابتسامتها الصّادقة وقلبها الطيب فأنارت زاوية من العتمة، وأحيت أحلامهم، ندى عطائها أنعش الأزهار الذابلة بقلوبهم فأزهرت أملا، وهي مسافرة كانت نجية تحمل الوطن بقلبها، تعانق ذكريات طفولتها وصباها، وكل الأمكنة تأتي إليها، ولم يكن لأنفاسها عبير دونها، مزيجٌ من مسك وعنبر وياسمين، ووفاء، كانت تحلّق بأجنحة عشقها للوطن  حتى تلمس قوس قزح،  فتبث بعضا منه لحلمها فيزهر، طرقت يد  نجية  المباركة أبواب الفقراء بمنطقتها سطات هناك، بعمق البادية، فمسحت بعضا من هواجس الآباء والأمهات، فكم تقلبوا على سرير الهلع والترقب والخوف من المجهول، وهم يَرَوْن أبناءهم وبناتهم معرضون للهدر المدرسي، مع ضنك العيش وفي غياب ثانوية لإتمام دراستهم، وغياب أي إحساس مسؤول بمعاناتهم أما الأطفال فكانوا يقطعون عشرات الأميال للالتحاق بمدرستهم الابتدائية النائية الآلية للسقوط.

تبرعت نجية نضير الجميلة التي تحمل كل النضارة بروحها الدمثة، تبرعت بمليون ومائتا ألف دولار لوزارة التعليم لإعادة هيكلة المدرسة الابتدائية، وبناء ثانوية ومرافق لإيواء التلاميذ من مناطق بعيدة. الوطنية ممارسة ومواقف، نجية الجميلة عنوان للإنسانية والعطاء ومبادرتها حب للوطن في أبهى تجلياته.

وتبقى الركيزة الأساسية لأي مشروع تنموي شامل من أجل الرخاء تعتمد على الارتقاء بالمنظومة التعليمية ونشر الوعي والثقافة، ولنا في سانغافورة وماليزيا، نموذجان يحتدى بهما، انتقلا من الفقر والجهل في ظرف سنوات إلى مصاف الدول المتقدمة والغنية، والسر في ذلك هو النهوض بمنظومة التعليم، فكان تطويرها من أولوية الأولويات، مبادرة نجية مبادرة رائعة تستحق عليها كل تنويه وشكر وامتنان، لكن ننتظر من وزارة التعليم أن تأخذ المشعل من يد نجية، و تعمد إلى زيادة المدارس والمعاهد التكوينية والكليات، ننتظر أن تضع الحكومة خارطة طريق وبرامج مسطرة، ونأمل كثيرا  أن يسهر على تنفيذها وإتمامها كل مسؤول بكل تفان وإخلاص، وولاؤه الكامل لمصلحة الوطن والارتقاء به. 

نأمل من حكومتنا أن تتوفر على رؤية مستقبلية وبعد نظر وتخصص أكبر ميزانية للتعليم، وربما تستفيد من التجربة الكندية فمن أجمل الأفكار المبهرة والجميلة بكندا، تخصيص جزء من الضريبة السنوية على الملك الخاص للنهوض بالتعليم، وتسمى الضريبة المدرسية، وهكذا يصبح النهوض بالتعليم شأنا وطنيا ومشاركة، فبالتعليم ترتقي الأوطان ولا مستقبل لها بدونه.

كل الحب و الورود لك ايتها الطيّبة نجية وربما توقظ مبادرتك الإنسانية بعض النيام من سباتهم وقد يَرَوْن أبعد من مصالحهم الذاتية وتكنيزهم للثروات فهناك بعمق المغرب ، أحلام تحتضر و ابتسامات موؤودة تنتظر أن تحيا ،،،


التعليقات مغلقة.