العلواني تلك الحالة المتفردة في المشهد السينمائي المغربي

عبد الكريم واكريم

حينما تكون في “الروبيس” كعادتك ويدخل عليك العلواني وهو في طريقه لتطوان وكأنه قادم من كوكب آخر غير كوكبك لايمكن لك إلا أن تحس أن الجلسة قد تغير إيقاعها وأنك في ذلك اليوم لن تظل في نفس مزاجك الذي تعودت عليه.

عرفتُ “باسطوف” منذ زمن وهو عرفني أيضا وأنا في بداياتي ويحلو له أن يقول لي كلما إلتقاني أنني وشريف طريبق وإسم آخر لا أذكره كنا من بين من أحبهم وعرفهم وهم في بداياتهم.

مصطفى العلواني إنسان مغرق في إنسانيته، فقبل أن يكون سينفيليا كبيرا وناقدا متمرسا فهو إما أن يحبك أو لا يحبك إذ ليست لديه مناطق وسطى بين الحب والكره، لكن مؤخرا فضل مناطق العشق في الأناس الذين يعرفهم ولم يعد يحبذ الخوض في معارك كان ذات يوم أول من يُعلنها وينتصر فيها، لكن كانت أيضا للعلواني هزائمه الخاصة خصوصا مع ذاته والتي قد تجعله يبكي وهو يتذكرها.

حينما يحدثك مصطفى العلواني عن خيباته ستدري أن الأصدقاء الأقربون هم سببها الأكبر والأساسي فحسب ما يرويه أنهم كانوا هم من استغلوه وتسلقوا السلالم على أكتافه الضعيفة وعلى هيكله الهش.


السينما مع العلواني تحضر بقوة في حديثه لكن ليس هي فقط من تشكل هاجسه الأول والأكبر بل أيضا ابنته وابنه اللذان لا يخلو حديثك معه من إشارة إليهما (إبنته القاطنة بالقاهرة وابنه الذي يشتغل في السينما بدوره) .أعلم أن للعلواني بصمات في السينما المغربية الجيدة إذ هنالك بضعة أفلام أحببتها كان للعلواني نصيب كبير في صُنعها ومن يستشيره من المخرجين لايخيب أبدا.

هو إنسان مشاغب لكنه صادق ومحب وإن أحبك العلواني فطوبى لك وطوبى لفيلم اشتغل فيه هذا الإنسان الذي يشكل حالة استثنائية في السينما المغربية.

حينما أرجع سنوات إلى الوراء الآن أجدني أتذكر العلواني، في مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية وفي بضع مهرجانات أخرى، ذلك الناقد الذي لايهاب في إبداء رأيه لومة لائم وربما قد شكل له ذلك كثير آلام وبضع عداوات تجاوزها مع الزمن.

العلواني أيضا مناضل سياسي لم يتنازل قط عن مبادئه اليسارية منذ نضاله وهو أستاذ للفلسفة، وما زال يكافح عنها ليس فقط مع حركة عشرين فبراير لكن أيضا مع اليسار الاشتراكي الموحد الذي خرج معه في الميدان أثناء حملته الانتخابية التي ربما تشكل الاستثناء في كون من شاركوا فيها مجرد مناضلين أوفياء لايريدون من خروجهم لاجزاءا ولا شكورا ولا ينتظرون من ذلك سوى أن تعمَّ العدالة ربوع الوطن وأن يختفي الفساد وتذهب الوصولية الدينية إلى الأبد.

على العموم ف”با صطوف” من بين الأناس الذين أعتز أنني عرفتهم والتقيتهم وأنا أدخل هذا الميدان السينمائي المليء بالألغام والعلاقات الملتبسة.

التعليقات مغلقة.