نلت شهادة البكالوريا… وماذا بعد؟

مريم عبد المجيد بورداد

لن يتنفس الصعداء هذا الصغير الذي درس بجد وتفان طيلة 15 سنة متواصلة؛ لن يفرح أكثر من 48 ساعة والأمر يتجاوزه إلى ولي أمره الذي لا يملك من هذا الأمر شيء… صرف الكثير ليبلغ هذه اللحظة؛ لحظة الفرح؛ لحظة الانتصار… يفتح برنامج مسار يبتسم… نعم اليوم حصلت على البكالوريا أخيرا.. لحظة عن أي فرح اتحدث علي أن أعرف المعدل و الميزة كي أرتاح أكثر ويكون لفرحتي معنى..

يعدو بسرعة البرق ليبشر الأسرة المتلهفة للنتيجة.. أيضآ. فوالده ووالدته يحفظان البرامج الدراسية عن ظهر قلب ولو امتحنا لنجحا أيضا بميزة مشرفة… من هوسهما بتفاصيل ما يدرس ابنهما..

الآن، وقد اجتاز امتحانات البكالوريا وحصل على الشهادة… ماذا بعد؟ أكيد رحلة عناء جديدة تبدأ مباشرة بعد يومين من إعلان النتائج.. عليه أن يختار حسب ميزته ومعدله أي المعاهد سيلج لإتمام مساره الدراسي… معاهد عليا يشترط في دخولها معدلات عالية وكلها ميادين تخص النخبة…، أقسام تحضيرية؛ طب؛ صيدلة؛ إعلام؛ فلاحة؛ تجارة؛ تسيير واقتصاد… وعلى الطلبة الحاصلين على ميزة حسن جدا وحسن قبل كل شيء اجتياز امتحانات القبول… أما الفئة المتوسطة والتي حصلت على ميزة مستحسن فتلج باقي المعاهد التابعة لوزارة التعليم العالي والتي تخضع لنظام LMD نظام الإجازة والماستر والدكتوراه، وهذه المعاهد تعرف اكتظاظا كونها متاحة حسب الشعب.. ويبقى لأصحاب ميزة مقبول معاهد التكوين المهني وإنعاش الشغل.. أو الجامعة…

أما إذا كان الطالب من أسرة ميسورة، فيختار الدفع مقابل الدراسة في بعض المعاهد الخاصة دون نقاش… داخل هذه الأكمة العميقة المتشعبة ما دور الجامعة المغربية في كل ما سبق ذكره؛ هي التي كانت دينامو الشباب الفعال في فتح آفاق لجيل بأكمله… ما سر هذا النفور الكبير من الجامعات المغربية؟ هل هي مسألة فقدان ثقة.. نقص كفاءة.. رفض الخضوع لقوانين بعض الأساتذة المرضى الذين يتاجرون بمصائر الطلاب دون حياء …؟؟؟ أم أن الجامعة الموقرة لم تعد تغني ولا تسمن؟ هي ربما خطط تخدم أجندات هدفها توسيع الفوارق الطبقية داخل المجتمع: طبقة نبلاء النخبة ثم النخبة فالكادحين والذين يشكلون قاعدة الهرم الاجتماعي الذي منهم وبهم تدفع ضرائب كل صغيرة وكبيرة في هذا الوطن العتيد…

الكثير الكثير ينتظر منا إصلاحه في هذا الوطن… وأضعف الإيمان أن نغيره بالقلب واللسان..


التعليقات مغلقة.