المغرب يفوز بكأس الأمم الإفريقية.. (قصة قصيرة متخيلة)


عبد الاله الجوهري

انطلقت المبارة النهائية لكأس الأمم الأفريقية بين الجزائر وتونس، واختلطت الأعلام وتداخلت الأصوات الجماهيرية، حيث لا يمكن لأحد أن يفرق في المدرجات بين الجماهير الجزائرية والجماهير التونسية والجماهير المغربية، خليط عجيب من شعب مغاربي واحد يهتز ككيان واحد موحد. الشعارات ترتفع والزغاريد تصدح والطبول تقرع، حماس لا يوازيه أي حماس في المدرجات، لكن، وعلى العكس من كل هذا، هناك تباطؤ وبرود داخل رقعة الملعب، حيث لاحظ الجميع تردد اللاعبين في الهجوم وتهديد شباك الخصم، والحراس يعيشون حالة عطالة في انتظار هجوم لا يأتي، حيث تتمركز الكرة واللعب في الوسط وعلى الهوامش مع تعمد اللاعبين السقوط والخروج لتلقي الإسعافات…

ما الذي يقع حقيقة بين الفريقين؟ و ما الذي يجعل حماس اللاعبين لا يشبه حماسهم في المقابلات السابقة ضد الفرق الإفريقية الأخرى؟…

قرر الحكم أن يضع حدا للتباطؤ و”الغش” في اللعب، فقرر توقيف المقابلة والمناداة على قائدي الفريقين لمعرفة السبب الحقيقي لما يقع ويدور. جاءا والحبور يملأ وجهيهما، وكأنهما في حفل عرس وليس في تنافس حاد حاسم، هش كل واحد منهما للآخر وضحكا بشكل مستفز. الكثير من الصحفيين والمتتبعين لم يفهموا ما الذي يقع، وحدهم المغاربيون في ملعب السلام ووراء الشاشات التلفزية، كانوا يعلمون ما يجري ويدور من عجائب الأمور.
سال الحكم بإنفعال: ما الذي يقع؟

أجابه الجزائري: لا شيء، نحن لا نريد الكأس! نريد أن يفوز بها الإخوة التونسيون، لأن فوزهم وسعادتهم هو فوزنا وسعادتنا.

رد التونسي باندفاع قوي : وحق ربي ما تكون، لقد قررنا في ما بيننا أن نترككم تفوزون، ففرحة الحراك وخروج الشعب الجزائري للمطالبة بالتغيير، يستحق فرحة أكبر، والفوز بهذه الكأس الإفريقية مستحق لكم.
ردد الجزائري مقسما بأغلظ الإيمان، أن تونس ستكون هي البطلة، رفض التونسي مهددا بالإنسحاب من إتمام أطوار المقابلة…

الحكم وقف مشدوها مبهوتا غير فاهم، والصراخ يتعالى أمامه بين اللاعبين، حيث لم يبقى سوى العراك والتشابك بالأيادي.

تدخل الحكم واقفا بينهما، ومتسائلا: بربكم، ما الذي يقع، أريد أن أفهم؟.
لا شيء سيدي الحكم، فقط كل واحد منا يريد الكأس لغيره. قال الجزائري.
كيف؟، تساءل الحكم وعلامات التعجب تكتسح محياه.
أجاب التونسي: لأن فوز أي بلد منا هو فوز للآخر، بل هو فوز لمغربنا الكبير..
الحكم: المغرب الكبير؟!، ما هذا الهذيان…؟، لكم مشاكلكم السياسية المتعددة، وااتنافس الفج بين أنظمتكم، والحدود المغلقة منذ سنوات طويلة، وتأتون لتحدثوني عن الحب والتعاون والعشق والتضحية من أجل بعضكم بعضا.. لا أفهمكم، ومن الصعب أن أفهمكم، هيا روحوا تلعبوا!!!.
اجابه الجزائري: لا يمكنك ان تفهم سيدي الحكم، عليك أن تكون مغاربيا لكي تفهم…
أضاف التونسي موضحا: الحب ثابت بين جماهيرنا، وهو حب صادق، أما الخلافات فهي من صنع الأعداء، وحفنة من السياسيين الواقعين في شباك الغير، والدليل على ذلك، ان اغلب السياسيين المغاربيين يحملون جنسيات أمريكية وأوروبية مختلفة، هم مغاربيون قولا، لكن غربيون فعلا، غربيون بالأفئدة وخدمة مصالح الآخر،حفاظا على مصالحهم ومصالح أبنائهم في الخارج.
الحكم: ما العمل الآن، هل ستواصلون المقابلة أم لا ؟.
دعنا نتحاور ونقرر سيدي الحكم. قالا معا….
فغر الحكم فاه وهو يراهما ينسحبان خارج الرقعة، وما أن وصلا إلى خط الشرط، حتى كان العديد من المسؤولين واللاعبين الجزائريين والتونسيين قد التحقوا بهما. هذا قبل أن يعلو الصراخ والضجيج والقهقهات الطالعة من القلوب والمشاعر الصادقة المرسومة على الوجوه…
بعد خمس دقائق من النقاش الحاد والجاد، عاد قائدي الفريقين لرقعة الملعب ليعلنا للحكم بصوت واحد موحد: سيدي الحكم، لم نصل لنتيجة وبالتالي قررنا أن نتنازل عن الكأس لبلدنا المغرب الحبيب، لأن فريقهم لعب مقابلات كبيرة دون أن يحالفه الحظ في الوصول للنهاية، ففريقه يستحق، كما أن المغرب هو في نفس الآن الجزائر وتونس وباقي البلدان المغاربية الأخرى، ومن باب التضامن والإعراب عن التقدير قررنا منحه اللقب..
صفر الحكم نهاية المقابلة وهو مشدوه ، معلنا عن قرار منح الكأس للمغرب، مناديا على مسؤولي الفريق المغربي لكي يلتحقوا برقعة الملعب وتسلم الكأس القارية. 
تحت تصفيقات الجميع، ودهشة وسائل الإعلام الدولية، نزل ثلاث شبان من المدرجات، لهم نفس الملامح المغاربية الأصيلة، يحملون اعلام البلدان الثلاث: الجزائر وتونس والمغرب ليتسلموا الكأس، ويطوفون بها أمام الجماهير المنتشية بالفوز، مرددين لحنا مغاربيا واحدا:
ارفعوا أياديكم عنا…

التعليقات مغلقة.