القطط لاتجيد أن تزغرد

محمد بنميلود

القطط تختفي فعلا يوم عيد الأضحى، وقد تختفي قبله بيوم أو بيومين، وقد يطول اختفاؤها ثلاثة أيام أو أكثر. الجدات تقلن إن القطط تذهب صبيحة العيد إلى الحج. هذا صحيح. أقصد بهذا صحيح أنها فعلا تختفي، دون أن أقصد بها أنها تذهب إلى الحج. حيث أنه لم يسبق لنا أن رأينا قططا تطوف حول مكة مرتدية ثياب الإحرام أو أن رأيناها ترجم الشيطان أو تلتقط السيلفي مع جبل عرفات. كما أننا لم نر أبدا وفد قطط يعود من الحج عبر طائرة الخطوط الملكية المغربية مرتديا الطواقي والجلاليب البيضاء وفي أيديه السبحات وهناك قطط عند باب المطار في استقباله بالتمر والحليب والزغاريد. 

القطط لا تجيد أن تزغرد وهذا وحده كاف كي نسقط عن القطط نظرية ذهابها إلى الحج.

في حقيقة الأمر القطط تختفي فقط، تنفذ بجلدها، تسبت، تتريط، تتخبع، داخل شق أو حفرة أو بين جدارين منهارين. بين قصديرتين أو تحت شاحنة معطلة. لا تتحرك طيلة ثلاثة أيام. منتظرة أن ينتهي مشهد الرعب والفزع الذي في الخارج. القطط لا تحتمل ما يقع صبيحة العيد، وبالضبط لا تفهمه. الجميع يشحذ السكاكين، المدينة تتحول إلى زريبة أغنام، السكان يتحولون إلى جزارين. تعتقد القطط أن البشر قرروا ذبحها، قرروا التخلص منها، قرروا تحويلها إلى شوارمة، فتفر قبل أن تقع الفأس في الرأس. تستبق العاصفة.

رأيت مشهدا مشابها هنا ليلة رأس السنة. لم تتوقف مفرقعات الاحتفال طيلة يوم كامل، وطيلة ذلك اليوم بأكمله ظل القط مازوت مختبئا داخل أنابيب التدفئة. ناديته مرارا دون أن يستجيب كعادته، بحثت عنه في كل مكان ولم أجده. اعتقدت أنه ذهب إلى الحج على رأي جدتي، إلا أني وجدته بالصدفة مختبئا بين الأنابيب، كامنا، مخبعا، مريّطا، لا يفهم ماذا يحصل بالضبط في الخارج. وحتى بعد انتهاء الاحتفالات وتوقف زعيق المفرقعات ظل هناك بين الأنابيب حتى الصباح رافضا أن يغادر خندقه المنيع.

تأكدت بعد ذلك أن القطط مفترسة هذا صحيح، وشرسة أيضا في عراكاتها، لكنها متحضرة أكثر من البشر تحضرا لن نصل إليه أبدا عبر تقدمنا ولا عبر تطورنا ولا عبر بدائيتنا.

اننا المخلوق الوحيد الأكثر دموية وإرعابا لكل الكائنات على هذا الكوكب، ليس في حروبه فقط بل أيضا في احتفالاته وأعياده.

التعليقات مغلقة.