فبراير 2020 والتوتر غير المسبوق بين تركيا والنظام السوري وداعميه

شهد شهر فبراير2020 توتراً غير مسبوق بين تركيا والنظام السوري وداعميه، خصوصاً روسيا، على خلفية التصعيد في” إدلب” الذي أدَّى إلى استشهاد 36 جنديّاً من الجيش التركي، وذلك وَفْقاً لتصريح للرئيس أردوغان في خطاب له في قصر دولمة بهتشة، هذا بالإضافة إلى تشريد عشرات الآلاف من المدنيين السوريين جرَّاء الهجمات الوحشية التي يشنّها النظام السوري ومن ورائه المليشيات الشيعية بدعم جوي من روسيا.

كما أدَّى هذا التصعيد إلى مواجهات مباشرة بين الجيش التركي ومليشيات النظام السوري التي تدعمها روسيا، وهو ما يتطلب دعم حلفاء أنقرة خصوصاً حلف شمال الأطلسي “الناتو” الذي يعتبر أن ردع روسيا واحدة من أهم وأبرز دعائم سياسته الدفاعية، خصوصاً أن تركيا تُعَدّ حليفاً استراتيجيّاً للحلف وتمتلك ثاني أكبر جيش فيه.

و بناءا على ذلك توجهت تركيا إلى الحلف من خلال تفعيل المادة الرابعة من ميثاق الناتو من ناحية، ومن ناحية ثانية حاولت التنسيق بشكل ثنائي مع أهمّ دول الناتو مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، لإطلاق مفاوضات رباعية في 5 مارس لتحقيق مزيد من الضغط على روسيا.

كما وقد دعت تركيا إلى اجتماع طارئ لحلف الناتو في مقره في بروكسل بعد استشهاد عشرات من جنودها في إدلب، وجاءت الدعوة التركية في إطار المادة الرابعة من ميثاق الناتو، وهو ما اعتُبر خطوة جادَّة من تركيا، لأن تدخلات الناتو السابقة في كوسوفو أو أفغانستان أو ليبيا أو العراق جاءت بموجب المادة الرابعة لا المادة الخامسة التي تعتبر أن الهجوم على أحد أعضاء الحلف يُعتبر هجوما على الجميع، والتي يركز عليها كثير من المراقبين.

وتنص المادة الرابعة وَفْقاً لما هو منشور على الموقع الرسمي لحلف الناتو، على أنه “يمكن لأي عضو من الحلف أن يطلب التشاور مع الحلفاء كافة، عند شعوره بتهديد حيال وحدة ترابه أو استقلاله السياسي أو أمنه”. ويأتي هذا التشاور للحصول على دعم ملموس لأحد أعضاء الحلف الذي يتعرض للتهديد، ولكن اجتماع الناتو الذي عُقد بتاريخ 28 فبراير 2020 لم يسفر إلا عن التضامن اللفظي مع تركيا وتقديم العزاء لها، وإدانة الغارات الجوية العشوائية للنظام السوري وروسيا.

هذا أيضا بالإضافة إلى الإعلان عن استمرار بعض أنواع الدعم التي لا تراها تركيا كافية، من قبيل مراقبة حدود الحلف الجنوبية الغربية بطائرات “الأواكس” ومتابعة التطورات على الحدود من كثب.

لم يكُن هذا هو ما تريده تركيا من حلف الناتو بكل تأكيد، لقد كان المطلوب إسهاماً عمليّاً، سواء من خلال طلعات جوية رادعة أو نشر بطاريات دفاع جوي -مثل الباتريوت- أو بالحد الأدنى إنشاء منطقة حظر جوي. لكن الحلف لم يترجم تنديده بسلوك روسيا وتضامنه مع تركيا إلى فعل ملموس على الأرض.

يدرك الجميع أن الحلف لم يقدّم لتركيا دعماً ملموساً حتى الآن، وقد دفع هذا الأمر أحد الصحفيين إلى سؤال أمين عامّ الحلف ينس ستولتنبرغ نفسه عن الدعم الملموس الذي سيقدَّم لأنقرة فلم يكُن الجواب إلا مبهماً من قَبيل: “الناتو يدعم تركيا، والحلفاء يدرسون إمكانية فعل المزيد من أجلها”، وَفْقاً لما نشرته وكالة الأناضول.

التعليقات مغلقة.