لماذا أصبحت دولة من دول أمريكا الجنوبية بؤرة لCOVID-19 ؟

إعداد مبارك أجروض

أصبحت البيرو بؤرة جديدة لتفشى جائحة COVID-19 رغم ما تتبعه من إجراءات احترازية من المفترض أنها شديدة وصارمة، فقد كانت من أوائل دول الأمريكتين التي اتخذت إجراءات وقائية صارمة لمواجهة الوباء، وذلك بأمر المواطنين الالتزام بالحجر الصحي في منازلهم وفرض حالة حظر التجوال، لكن ذلك كله لم يؤد إلى نتائج ملموسة، فلقد أصبحت البيرو من أكثر الدول تضررا في قارتي أميركا الشمالية والجنوبية.

وتكفي نظرة خاطفة إلى الأرقام ليظهر بوضوح أن هناك 130 ألف مصاب ونحو 4 آلاف وفاة في البيرو حتى صباح يوم الأربعاء 27 ماي، ومما لا شك فيه أن هذه الأرقام تعتبر كبيرة مقارنة بعدد السكان الذي يناهز 31 مليونا، حيث تعد البيرو ثاني أكثر دول أميركا الجنوبية تألما من COVID-19 بعد البرازيل.

تربط منظمة الصحة العالمية دائما بين الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدول ونجاحها في مواجهة COVID-19، لكن يبدو أن هذه القاعدة لم تسرِ على دولة البيرو.

* مقارنة بين البيرو والبرازيل

تعتبر البيرو ثاني أكثر دول أميركا الجنوبية تألما من COVID-19 بعد البرازيل. واختلفت سياسة البلدين في مواجهة هذه الجائحة، إذ قلل الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو من مخاطر الفيروس، وظل يهمل في جولاته الميدانية إجراءات الوقاية، حيث ظهر كثيرا من دون أقنعة واقية أو قفازات.

وفي المقابل، سارع مارتن فيزكار رئيس البيرو إلى إعلان حالة الطوارئ على مستوى البلاد في15  مارس الماضي، بما يشمل ذلك من حجر صحي إلزامي وفرض حضر التجول، علاوة على إغلاق الحدود. غير أن النتائج جاءت مخيبة للآمال، إذ سرعان ما تفشى الفيروس في البلاد حاصدا أرواح الآلاف ومصيبا نحو 130 ألف شخصا.

وباتت حوالي 85% من إجمالي أسرة وحدة العناية المركزة المزودة بأجهزة تنفس اصطناعي في البيرو مشغولة، وسط مخاوف من تصاعد أعداد المصابين بما يفوق قدرة المستشفيات. وقال ألفريدو سيليس الطبيب والأستاذ الجامعي في البيرو، إن البلد لا يشهد حاليا حالة طوارئ صحية، بل “كارثة” حسب تعبيره، نظرا لأن الوباء تجاوز قدرة القطاع الصحي على الاستيعاب.

* ما هو تفسير النتيجة المأسوية في البيرو ؟

أوردت CNN أن كثيرا من الفقراء فضلوا تأمين احتياجاتهم المتواضعة على حساب إجراءات الحجر الصحي. ونقلت الشبكة الأميركية عن الطبيب البيروفي إلمر هويرتا، قوله: “ما تعلمته هو أن هذا الفيروس يكشف عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية”. ولذلك، لم يكن لدى العديد من الفقراء في البيرو سوى خيار المغامرة للخروج من منازلهم، للعمل وتأمين المأكل والمشرب لأسرهم.

وعلى سبيل المثال، تمتلك 49% فقط من العائلات بالمناطق الحضرية في البيرو ثلاجات، وفقا لأرقام رسمية نشرت في 2017، وهذا، بحسب هويرتا، يُتَرجم إلى حاجة الكثيرين لزيارة الأسواق يوميا للحصول على الطعام، لأنهم لا يستطيعون تخزينه.

* لا شيء سوى الاكتظاظ والازدحامات

وفي منتصف أبريل الماضي، أي بعد مرور شهر على تطبيق الإجراءات الصارمة، نشرت صور تظهر تجمعات كبيرة وطوابير طويلة في سوق بإحدى ضواحي العاصمة ليما، وبدا في الصور أن البعض فقط من ارتدى الأقنعة، فيما كان التباعد الاجتماعي مستحيلا. وقالت امرأة كانت تقف في الطابور حينها، إنه “يجب تحمل الوقوف في ظل الحشود، لأنه لا توجد وسيلة أخرى للحصول على الطعام”.

وفي تلك المرحلة، أي منتصف أبريل، كان هناك نحو 10 آلاف إصابة COVID-19 في البيرو، أما اليوم فقد تضاعف هذا الرقم بنحو 13 مرة. ويبدو أنه من الأمور التي ساعدت في تفشي COVID-19 “خطة التحفيز” التي أقرتها حكومة فيزكار، وتقتضي بمنح السكان معونات مالية.

وقال كريستيان لوبيز فارغاس أستاذ الاقتصاد البيروفي في جامعة كاليفورنيا، إن حزمة التحفيز الحكومية لمساعدة ملايين العائلات الأكثر فقرا في البيرو كانت فكرة جيدة، لكن توزيعها كان كارثيا. كما أنه أظهرت صور أخرى ازدحاما واكتظاظا شديدين أمام المصارف في البيرو، حيث انتظرت طوابير من الفئات الأكثر تضررا لوقت طويل قبل الحصول على نقود الإغاثة إن هي تمكنت من ذلك.

التعليقات مغلقة.