ضغط الدم المنخفض وأنواعه

إعداد مبارك أجروض

يحافظ الجسم في الحالة الاعتيادية على ضغط الدم في الشرايين ضمن المستوى الطبيعي. في حال ارتفاع ضغط الدم بدرجة كبيرة، فقد تتضرر الأعضاء والأوعية الدموية. كما يمكن لارتفاع ضغط الدم أن يُسبب تمزق الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى النزيف، أو غير ذلك من المضاعفات الخطيرة. وفي حال انخفاض ضغط الدم بدرجة كبيرة، فقد لا تصل كميات كافية من الدم إلى جميع أنحاء الجسم. ونتيجة لذلك، فإن الخلايا لا تحصل على كميات كافية من الأكسجين والعناصر الغذائية، كما إنها لا تتمكن من التخلص من الفضلات بشكل مناسب، ويمكن للانخفاض الشديد في ضغط الدم أن يكون مهددًا للحياة، لأنه قد يؤدي إلى حالة تُعرف بالصدمة.

تشير البيانات إلى أن الأشخاص الأصحاء الذين تكون مستويات ضغط الدم لديهم في الحدود الدنيا الطبيعية (عند قياسها في حالة الراحة) يميلون للعيش لفترة أطول من أقرانهم الذين تكون مستويات ضغط الدم لديهم في الحدود العليا الطبيعية، وهكذا فإن ضغط الدم المنخفض أو انخفاض ضغط الدم يبدو أمرًا يسعى له بعض المصابين بضغط الدم المرتفع، لكن، بالنسبة لبعض الأشخاص، قد يتسبب انخفاض ضغط الدم في أعراض دوار وإغماء، وفي الحالات الشديدة، قد يكون مميتًا.

وعلى الرغم من اختلاف ضغط الدم من شخص لآخر، إلا أن ضغط الدم يعتبر منخفضًا بوجه عام عندما تكون قراءة ضغط الدم الانقباضي أو القراءة العليا 90 ملليمتر من الزئبق أو أقل.. ويكون الضغط الانبساطي أو القراءة السفلى 60 ملم من الزئبق أو أقل. وقد تتراوح الأسباب بين الجفاف إلى اضطرابات طبية أو جراحية خطيرة. وعلى الرغم من إمكانية علاج الانخفاض لكن من المهم معرفة سبب الحالة حتى يمكن علاجها بشكل صحيح.

* أعراض ضغط الدم المنخفض

بالنسبة لبعض الأشخاص، قد يشير انخفاض ضغط الدم إلى مشكلة كامنة، خاصةً عندما ينخفض فجأةً أو يكون مصاحبًا لعلامات وأعراض مثل التالي: الدوخة أو الدوار، الإغماء (الغشيان)، فقدان التركيز، عدم وضوح الرؤية، الغثيان، جلد بارد ورطب وشاحب، سرعة التنفس وضعفه، التعب، الاكتئاب ولعطش.

وفي كثير من الحالات، لا يكون انخفاض ضغط الدم خطيرًا، وإذا كانت القراءات لديك منخفضة بشكل مستمر ولكنك لا تشعر بانزعاج، فسيراقب الطبيب حالتك على الأرجح خلال فحوصات منتظمة. وحتى الشعور بالدوخة أو الدوار العرضي قد تكون مشكلة بسيطة إلى حدٍ ما – نتيجة الجفاف الخفيف بسبب قضاء فترة طويلة في أشعة الشمس أو حوض الماء الساخن. وفي هذه الحالات، ليس المهم مدى انخفاض ضغط الدم، ولكن المهم هو مدى سرعة انخفاضه. ويجب زيارة الطبيب إذا كنت تعاني من علامات أو أعراض انخفاض ضغط الدم، لأنها قد تشير في بعض الأحيان إلى مشكلات أكثر خطورة. ومن المفيد أيضًا تسجيل الأعراض ووقت حدوثها والشيء الذي كنت تفعله في ذلك الوقت.

* أنواع انخفاض ضغط الدم

غالبًا يُقسم الأطباء ضغط الدم المنخفض (انخفاض ضغط الدم) إلى فئتين مختلفتين، وذلك حسب الحالة وعوامل أخرى. وتتضمن بعض أنواع ضغط الدم المنخفض ما يلي:

ـ انخفاض ضغط الدم عند الوقوف (انخفاض ضغط الدم الانتصابي، أو الوضعي)
يحدث انخفاض حاد في ضغط الدم عند الوقوف من وضع الجلوس أو عند الوقوف بعد الاستلقاء. وبشكل طبيعي، تتسبب الجاذبية في جمع الدم إلى الساقين عند الوقوف، ويعوض الجسم هذه العملية بزيادة معدل ضربات القلب وتقليص الأوعية الدموية، وبالتالي يضمن الجسم رجوع كمية كافية من الدم إلى المخ.. ولكن بالنسبة للمصابين بانخفاض ضغط الدم الانتصابي، تفشل آلية التعويض تلك وينخفض ضغط الدم، مما يؤدي إلى أعراض الدوخة والدوار وتشوش الرؤية وحتى قد يحدث إغماء.

وقد يحدث انخفاض ضغط الدم الانتصابي لعدة أسباب مختلفة، بما فيها الجفاف، والاستلقاء على الفراش لمدة طويلة، والحمل ومرض السكري ومشاكل القلب والحروق والحرارة الزائدة والدوالي الوريدية الضخمة وبعض الاضطرابات العصبية، كما يمكن لعدد من الأدوية التسبب في انخفاض ضغط الدم الانتصابي، خاصةً العقاقير المستخدمة لعلاج ضغط الدم المرتفع – مدرات البول، وحاصرات بيتا، وحاصرات قنوات الكالسيوم، ومثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين – إلى جانب مضادات الاكتئاب والعقاقير المستخدمة لعلاج مرض باركنسون وخلل الانتصاب.

ويشيع حدوث انخفاض ضغط الدم الانتصابي بشكل خاص لدى كبار السن، حيث إن ما يصل من 20% من البالغ أعمارهم أكثر من 65 عامًا يعانون من انخفاض ضغط الدم الانتصابي، ولكن قد يصيب انخفاض ضغط الدم الانتصابي صغار السن أيضًا، وبخلاف ذلك أيضًا الأصحاء عند الوقوف فجأة بعد الجلوس مع وضع الساقين فوق بعضهما لفترة طويلة أو بعد العمل لفترة في وضع الإقعاء.

ـ انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام
انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام هو انخفاض مفاجئ في ضغط الدم بعد تناول الطعامويصيب كبار السن على الأغلب، كما تقوم الجاذبية بسحب الدم إلى القدمين عند الوقوف، فإن كمية كبيرة من الدم تتدفق إلى الجهاز الهضمي بعد الأكل، وبشكل طبيعي، يوازن الجسم هذه العملية عن طريق زيادة معدل ضربات القلب وتنقبض بعض الأوعية الدموية للحفاظ على ضغط دم طبيعي. ولكن تفشل هذه الآلية عند بعض الأشخاص، مما يؤدي إلى دوار وضعف وهبوط. يؤثر انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام بشكل أكبر على المصابين بضغط دم مرتفع أو اضطرابات الجهاز العصبي اللاإرادي مثل مرض باركنسون. وقد يفيد تقليل جرعة أدوية ضغط الدم وتناول وجبات صغيرة منخفضة الكربوهيدرات لتخفيف الأعراض.

ـ انخفاض ضغط الدم بسبب إشارات خاطئة من المخ (انخفاض ضغط الدم بوساطة عصبية)
يتسبب هذا الاضطراب في انخفاض ضغط الدم بعد الوقوف لفترات طويلة، مما يؤدي إلى علامات وأعراض مثل الدوار أو الغثيان والإغماء. وغالبًا ما يصيب انخفاض ضغط الدم بوساطة عصبية صغار السن، ويبدو أنه يحدث بسبب سوء تواصل بين القلب والدماغ. عند الوقوف لفترات طويلة، ينخفض ضغط الدم حيث يتجمع الدم في الساقين. وبشكل طبيعي، يقوم الجسم بعمل تعديلات لجعل ضغط الدم طبيعيًا.

ولكن بالنسبة للمصابين بانخفاض ضغط الدم بوساطة عصبية، في الواقع تقوم الأعصاب الموجودة بالبطين الأيسر للقلب بإعطاء إشارة للدماغ بأن ضغط الدم مرتفع جدًا، عوضًا عن شدة انخفاضه. وبالتالي، يقوم الدماغ بتقليل معدل ضربات القلب، مما يخفض ضغط الدم أكثر. هذا يتسبب في تجمع للدم في الساقين بشكل أكبر وقلة الدم الواصل للدماغ، مما يؤدي إلى الدوار والإغماء.

ـ انخفاض ضغط الدم بسبب تلف الجهاز العصبي (ضمور الأجهزة المتعدد مع انخفاض ضغط الدم الانتصابي)
يتسبب هذا الاضطراب النادر- الذي يُسمى أيضًا متلازمة شاي دراجر- في تلف تدريجي للجهاز العصبي اللاإرادي، والذي يتحكم في الوظائف اللاإرادية مثل ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، والتنفس والهضم، وعلى الرغم من احتمالي ارتباط هذه الحالة بارتجاف العضلات، وتباطؤ الحركة، ومشكلات بالتناسق والحديث، وسلس البول، إلا أن أهم أعراض هذه الحالة هو انخفاض ضغط الدم الانتصابي الحاد المصحوب بارتفاع ضغط الدم الشديد عند الاستلقاء.

التعليقات مغلقة.