المرأة وحب الرجل

بقلم : آسيا لغبالي

 

في هذه الحقبة المعطوبة و الواقع المشروخ، ليس بإمكان أي إمرأة أن تضمن رجلاً في الحب، فهي تخاف دائما من الحب و من الرجل الذي سوف يقع عليه اختيارها ليُجسد الحب، و يمنحها الحياة و تفاصيل العلاقة.

لا أعلم ما هو السر في امتلاك الرجل كل هذه الثقة عندما يطرق باب قلبه الحب أو عندما يُبادر هو في خلق علاقة جديدة بالرغم من عدم امتلاكه هذه الثقة الكبيرة في جوانب أخرى من الحياة، أكيد “استخفاف”، في أغلب الأحيان يستهين الرجل بالمرأة فيتعامل معها باستهانة فهو بكل هذه الثقة قادر على الدخول في الحب و الخروج منه وقت ما شاء دون النظر إلى ما قد يُسببه هذا الاستهتار بمشاعر و بقلب إمرأة واعدها.

فلو تعمقنا في ذلك لوجدناه رغم شعوره بالتشبث بها و حبه الصادق لها يظل خائفا و معلقاً، مُتأرجحاً ما بين فكرة الحاضر و ما هو أفضل في الغد بمعنى أن يعيش اليوم قصة حب مع إمرأة و لكن باله كله مشغول بالغد، فربما كان يخبئ له حبيبة أفضل وعالما أفضل، و لا أعلم لماذا في أغلب العلاقات يُراهن الرجل على المجهول بالرغم من أن أغلب التجارب الواقعية التي نراها حولنا اثبتت أن “صاحب بالين كذاب” بمعنى أنه سوف يخسر الأنثى الحاضرة الموجودة معه و من ثم يخسر رهانه على العدم.
يا الله كم أحتقر الرجل الذي يُراود امرأة عن قلبها و من ثم يبدأ في استدراجها إلى تفاصيل و أفعال أكثر انفتاحاً و من ثم يغدر بها بكل بساطة مُتذرعاً بأنها أصبحت منفتحة على مصراعيها.

بالله عليك بمن وثقت هذه المرأة؟ مَن دفعها إلى حفرة الحب؟

مَن سلبها عقلها و إرادتها و جعلها تُطيعه طاعة عمياء؟

غريبٌ جداً هذا المبدأ فهل من المعقول أن الأم عندما تُربي ابنها و يتشرب مبادئها و أسسها في التربية تتبرأ منه بعد أن تعلم و صار مُتفتحاً ؟؟

هذا ما يحدث في العلاقة يُعلِم الرجل المرأة طريقته و أسلوبه و قوانينه و عندما تتعلم كما يجب و تنجح في الدرس، يتخلص منها بداعي انها أصبحت خطر عليه و على شخصيته و كأن حق عليه، أن تكون امرأة مُغلقة او لتتظاهر بذلك امامه و لا تُصرح بالكلام و المشاعر و الرغبة بطريقتها و حق عليه أن يبقى الرجل منبع المُبادرة الوحيد فقط، فإن كان هذا هو تفكير و مبدأ الرجل فلماذا علم المرأة ما يُحب أن يراه فيها و لماذا سحبها من قلبها إلى منتصف المسافة و من ثم تركها ؟

صدقاً صدقاً، هذا أشد أنواع الرجال حقارة…و لكن الدين يُرد و لو بعد حين وهي ايام يداولها الرب تعالى بين الناس.

نسبة كبيرة جدًا من التشوه في المشاعر و في الفكرة المأخوذة عن الحب و لكن المشكلة ليست في الحب نفسه و لكن المشكلة فيمن ينوبون عنه بطريقتهم و منهجهم الذي أفقد الحب مصداقيته و قداسته و مرة أخرى لا أعتب على المرأة التي تبحث عن الحب لأنه سوف يسد رمق قلبها و يكفيها حاجتها العاطفية و الجسدية
لأن الموضوع أشبه بالرهان المُخيف…قد تراهن المرأة على قلبها و اختيارها، وتُراهن على أهم ما فيها لأجل الحب، ليس الحب قميص ذبر و لكن هو التجربة و الحياة و الواقع الذي يسوقها لمعرفة الحبيب سواء كان جاراً او زميلاً في العمل أو مدرسا أو شخصاً حاول الاقتراب منها و استراحت له و لهذا لا ضمانات في الحب، فمع هذا الانحدار الأخلاقي المرعب في التعاملات اليومية لابد و أن يطال الحب هذا التمسخ فمن يكذب في الكلام و في التبرير سوف يكذب ويغدر ويخون في الحب، خاصة اننا في الحب نرفض أن نُصدِق كل الحقائق التي تتعارض مع قلوبنا، بمعنى أن المرأة تستشعر الخطر في كذبة أو تصرف للرجل الذي تهواه وتعشقه و لكنها تقنع نفسها أنها قادرة على تغييره و للأسف هي فقط تخدع نفسها في المقام الأول و الأخير إلا إن كانت تمتلك طرف قوي من خيط الحب الصادق والصافي من خلاله تكون على يقين انها قادرة على إبدال الحال و تغييره.

في بادئ الحب كلنا جميلون، أو هذا ما يفرضه علينا الحب في أوله بأن نكون مثاليون ، براقون و لكن هل يستمر هذا البريق و هذا الإتقاد إلى النهاية؟

الحب ليس انتحار و ليس مغامرة هلامية يفوز بها المُغامر الطائش الذي ليس له منهج و لا قانون و لا آلية في التعامل مع المشاكل التي يفرزها الحب.

لذا يجب ان تعلم ايها الرجل أن المرأة هي “فاكهة الله في أرضه”، فمهما حاولت أن تكون المرأة جريئة في الحب فإنها تستبعد بالمرة أن تكون مُبادرة ، قليلات في مجتمعنا تمتلك القدرة على التصريح بمشاعرها و مُبادرة الرجل بالحب، لهذا تخف الوطأة عنها قليلاً لأنه كما نعرف أن “البادىء أظلم”، المرأة هي “مُتلقية” و لأجل هذه المبادئ و التربية التي تلقتها في المنزل و من ثم تقف على خشبة الواقع، فتشعر بهذا الرهاب الذي غُرِس فيها من الرجل لابد و أن تكون مُطيعة مُهذبة، فالمرأة التي تُجادل و يعلو صوتها تفقد أنوثتها، الكثير و الكثير من الأمور التي تترسخ بداخلها تخلق هذا الشعور الانهزامي بداخلها فتخرج إلى الحياة الانهزامية ، قابلة للكسر لتتلقفها انت وتبرز مخالبك فيها.

أُريد أن أشكر الرجل الذي أُحِب من كل قلبي فهو قد علمني كيف أمشي على صراط الحب المستقيم دون أن أسقط و علمني أيضًا كيف أكون إمرأةً مُنصفة في الحب معه لا عليه،

و علمني أيضًا، أن الأفعال وحدها في الحب هي الضامن الأكبر للإستمرارية و النجاح و كل ما هو غير ذلك محض خيال، و أن المرأة المسامحة والصبورة يإمكانها إمتلاك الرجل الذي تحبه إلى نهاية الرحلة، و ليس المرأة التي تشد فتيل القلب فقط و تترك كل الأحداث القادمة للظروف،

و علمني أيضًا، أن أُحبه دون أن أشعر و لو للحظة أن هناك عناء في الحب، فدائمًا ما أقول له: أعظم ما يُمكنني أن أقوم به في هذه الحياة “أن أحبك” .

أنت أيتها المرأة، كوني امرأة بكل ما تحمله الكلمة من معنى و لا تبخسي حق قلبكِ فالحب لا يحترم إلا صاحبات القلوب المؤمنات الصدوقات بالحب وفي الحب و ليس الطائشات المُتهاونات بالحب و في الحب، كوني وفية وصادقة مع الذي يهتم بالتفاصيل التي تُسعدكِ و الذي يُبجل حتى ضجركِ، لأنه هو الحب ومنه الحب وله الحب كله!.

التعليقات مغلقة.