قد نُلْزَمُ بارتداء الكمامة و لسنوات مقبلة

إعداد مبارك أجروض

مع إعادة فتح الأسواق والمحلات الخدماتية وتخفيف إجراءات العزل الصحي في المملكة المغربية، فإن استخدام الكمامات سيصبح أمرا روتينيا بين الناس، لقد كانت دول العالم قد فرضت إجراءات العزل الصحي لمواجهة وباء Covid-19، ومع السيطرة عليه في كثير من الأماكن خففت تلك الدول إجراءاتها.

غير أن استخدام الكمامات سيصبح أمرا مطلوبا بل وإلزاميا بشكل دائم خلال الأشهر المقبلة على الأقل كما هو متوقع، فمع كل يوم جديد تظهر اكتشافات جديدة حول Covid-19.

من جهة، ومن جهة أخرى فبعد أن كان الغموض يخيّم حول Covid-19 في فترة سابقة. تبيّن أن معلومات كثيرة كانت تبدو أكيدة وثبت اليوم أنها ليست حقائق في الواقع، كما كان الخبراء يتصورون. على رأس هذه المعلومات، معطيات جديدة أُثبتت فيما يتعلّق بالمناعة التي يمكن اكتسابها جراء الإصابة بالفيروس.

* المناعة المكتسبة على أثر الإصابة ب Covid-19

تبدو المناعة التي يمكن اكتسابها أساسية في تحديد طريقة التعاطي مع Covid-19. وسمعنا كلنا عن نظرية “مناعة القطيع” التي تهدف إلى اكتساب المناعة ضد الفيروس على نطاق واسع بعد الإصابة بالفيروس في المجتمعات.

في إسبانيا استند المسؤولون إلى هذه النظرية وأهملت الإجراءات الوقائية مع فتح البلاد بطريقة واسعة، لاعتبار أنه يمكن أن يكتسب المجتمع المناعة تدريجاً. عندها أجريت دراسة علمية موثقة تبين فيها أن نسبة 55% من المجتمع الإسباني عرضة للإصابة بالفيروس، وهذا ينقض تماماً نظرية “مناعة القطيع”، ويؤكد أن هذه النظرية التي كانت الأنظار تتوجه إليها لاعتبارها أملاً للمجتمعات.

فالمناعة لم تحصل ولن تحصل بعد إصابة المجتمع ب Covid-19بشكل واسع وعشوائي.من جهة أخرى، يؤكد الدكتور حصري أن المعلومات الجديدة التي أظهرتها الأبحاث تؤكد أنه لا يمكن للمجتمعات أن تعوّل على المناعة التي تكتسب جراء الإصابة بCovid-19.

وما تبين حديثاً أن الأشخاص الذين أصيبوا ب Covid-19يكتسبون مناعة لكنها تضعف مع الوقت، ويبدو أنها موسمية وموقتة وتقتصر على فترة محدودة جداً، وبالتالي يؤكد ذلك عكس ما كان يتصوره الكل أنه يمكن الإصابة بالفيروس مرة ولا يمكن الإصابة به مرة أخرى لاكتساب المناعة ضده. ما يعني أنه لا يمكن الاعتماد على هذه الإصابة والمناعة المكتسبة والاطمئنان بعدها واستبعاد احتمال الإصابة مجدداً.

هل تتوجه الأنظار إلى اللقاح ؟

ثمة آمال كبيرة في اللقاح الذي يعتقد الناس أنه قد يظهر قريباً. أما حصري فلا يتوقع أن يتوافر اللقاح قبل عام للعالم كلّه، وفق ما تظهره المعطيات الحالية، فيما يظهر لقاح Moderna الذي أظهر فاعلية واضحة ولم يتعرض الأشخاص الذين أعطي لهم اللقاح لآثار جانبية.

في المقابل تتوجه الأنظار إلى العلاجات التي تدعو للتفاؤل والتي ساعدت في تراجع معدلات الوفيات حول العالم كلّه وعلى رأسها علاجات Hydroxychloroquine الذي ساعد على الحد من مضاعفات الفيروس وآثاره على الرئتين، فلقد ساعد هذا الدواء في انخفاض معدلات الوفيات ما قد يشكل بصيصاً من الأمل في مواجهة الفيروس.

هل تظهر الوقائع أن الخطر يخف تدريجاً حتى يعود الناس إلى الحياة الطبيعية دون إجراءات وقاية ؟

في الواقع، ليس متوقعاً أن تعود الحياة بشكل تام إلى طبيعتها على المدى القريب. ويجب ألا يتوقع الناس العودة إلى حياتهم من دون إجراءات وقاية وكمامات قريباً. وثمة توقعات لأطباء وخبراء بأن يُلزم الناس باستخدام الكمامات خلال سنوات عديدة مقبلة.

وهذا حتى في حال اكتشاف اللقاح المناسب والفاعل للفيروس. وبالتالي يجب ألا تعقد الآمال على العودة إلى حياة طبيعية دون تباعد اجتماعي وكمامات. فالإجراءات الوقائية مع العودة إلى حياة شبه طبيعية كفيلة بالحد من الخطر في المرحلة المقبلة.

وهنا يشدد حصري على طريقة انتشار الفيروس، ولو في حال عدم وجود أعراض، حيث يبدو أن هذا الانتشار الواسع للفيروس حول العالم حصل بسبب عدم ظهور أعراض له لدى كثيرين. وقد تبين أن المرضى الذين لم تظهر لديهم أعراض، مسؤولون عن أكثر من نصف الإصابات بكورونا حول العالم.

فالخطورة الكبرى هي في “الانتقال الصامت” للفيروس من شخص إلى آخر، ما يؤكد أهمية استخدام الكمامة في كافة الأوقات لحماية قصوى، إضافة إلى أهمية تكثيف الفحوص لكشف المزيد من الإصابات بهدف احتواء الوباء بشكل أفضل. مع الإشارة إلى ان الكمامة قادرة على تأمين الحماية بمعدلات مرتفعة بحسب ما تبين في الدراسات حيث ينخفض احتمال التقاط العدوى إلى حد كبير في حال استخدامها.

التعليقات مغلقة.