جمعية أصفا ASFA بستراسبورغ تحيي للجالية الجزائرية بهجة عيد الأضحى بديار الغربة

سيدي مليح و زادوا الهواء و الريح ( الغربة و الكروونا ) 

مثل شعبي ردده على مسامعنا الحاج سعيد, فرغم البعد والغربة زادتنا الكروونا هما و حرمانا. 

وبقول السلف ممن عصرتهم سنين الغربة الطوال أن هدير الغربة مؤلم وجامح , ولكن يبقى الشوق إلى الحنين بأنين جارح، فمن عذاب الفرقة القاتلة إلى آلام الوحدة القاسية المدمرة، يبقى القلب يتنفس الصعداء وينبض بخيوط الأمل والروح تتوق إلى إستنشاق ريحة الوطن و لمس تربته و التمتع بأرضه الطاهرة, والعين تشتهي نظرة من بعيد لبزوغ وغروب شمسه و ألوانه الزاهية المترامية الأطراف هنا وهناك. 

فرغم الهواجس المعيقات و الممنوعات، يبقى عيد الأضحى من أغلى المناسبات والشعائر الدينية التي ينتظرها المسلمين في ربوع بقاع العالم عموما، و أبناء الجاليات برمتها منها المغاربية والجزائرية بالمهجر، فرغم الغربة إلا إنهم يحاولون إحياء العادات والتقاليد في ديار المهجر من أجل تعويض الأجواء العائلية التي تعودوا عليها داخل أرض الوطن. إقتداء بالسلف لإحياء السنة الإبراهيمة, سنة أبينا سيدنا إبراهيم عليه السلام و حبيبنا المصطفى, سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . 

لم تسمح هاته السنة الفرصة للكثير من أبناء الجاليات منها الجزائرية والمغاربية لقضاء عيد الأضحى رفقة أفراد عائلاتهم، خاصة الذين بقوا عالقين بسبب غلق الأجواء، إضافة إلى الذين لم يسووا وضعياتهم القانونية للإقامة، فتحتم عليهم قضاءه بين الأصدقاء والأقارب في جو ديني وعائلي، تبادلون فيه التهاني. 

المغترب و الأضحية: 

رغم غلاء الأسعار سعر كبش العيد, إلا إن العائلات المقيمة بالمهجر تقضي عيد الأضحى في جو عائلي وديني رغم الشوق والحنين لفرحة العيد مع العائلة، و تحاول خلق جو من الأخوة والمرح بينهم حتى مع باقي الأشقاء المغاربة وبعض المسلمين من الدول الإفريقية بإشراك بعض الأصدقاء الأوروبيين من باب الفضول من أجل التعرف على العادات و التقاليد. وفيما يخص طريقة إقتناء كبش العيد، يقومون بشراء أضحية العيد بأسعار متفاوتة بين 100  و 270 أورو

 لا وجود لـنكهّة وبنة عيد الأضحى دون الذبح وحضور عملية السلخ. 

يجد الكثير من أبناء الجالية أنفسهم مرغمين على إقتناء كبش مذبوحا من عند إحدى قصبات الجزارة أو الجمعيات الرخصة خاصة لجان المؤسسات المسجدية، كونهم لا يقومون بنحر الكباش بسبب منع سلطات البلد ذلك. فيقوم المضحي بتسجيل نفسه كما سلف ويحتجزها ليوم العيد. 

المضحي بين السنة و الغرامة : 

يتعرض المهاجرون لغرامة مالية قد تصل إلى ما لا يمكن توقعه, بالأف الأورو في حالة مسك أحدهم متلبس يذبح كبش العيد خفية لوحده سواء في بيته أو أية جهة كانت، وحجز الغير مذبوحة ,إذ بموجب قوانين البلد يمنع ذبح أضحية العيد ويضطر المهاجرون لشرائها مذبوحة كما سلف بذلك.  

حنين الشوق للوطن و الأهالي: 

ففي هاته المناسبة الخاصة يشد حنين الشوق لدى المغتربين إلى أوطانهم وبلدانهم الأصلية وإلى أهاليهم وعائلاتهم وذويهم وتعطشهم لعاداتهم وتقاليدهم والأجواء المفعمة بالحوية والنشاط التي أعتادو عليها وترعرعوا فيها وبين أحضانها، حنين الأرض الذي لا يعوض ولا يوصف. 

‎ ‎ومن خلال هذا الإستطلاع بهذه الفقرة الموجزة حسب رؤيتنا لما جمعناه وأستقيناه من عين المكان. 

ننقل إليكم أجواء العيد بستراسبورغ وحنين الشوق للوطن ونطلعكم على ما لمسناه أثناء فترة إقامتنا بالغربة من خلال هاته الإتصالات، لنعرفكم على بعض مظاهر الإحتفال بهذه المناسبة المهمة و الشعيرة الدينية التي لا يمكن السماح ولا التفريط فيها. 

بحوالي أسبوعين على إقتراب موعد العيد، يبدأ الحديث عن التحضيرات والأجواء وعن هاجس التضحية قيامها من عدمها خاص في ظل وباء الكروونا و حالات الحجر و منع التحرك. 

من المغتربين من سافر إلى معارفه لقضاء العيد كما برمج له تماشيا ووقته وإمكانياته، خاصة إنه تزامن والعطلة المدرسية والصيفية, أما من لم يسعفه الحظ, بقي مثله مثل غيره يتحسر ويئن لعدم تمكنه من السفر والتمتع بمتعة اللمة العائلية والجمع الأسري. ومن خلال إستفسارنا وما أفادنا به الإخوة ممن لهم خبرة وأقدمية ودراية بديار المهجر، علمنا أن العيد يبقى الشغل الشاغل لكل مسلم ومسلمة بالغربة ولكل عربي ومغاربي بالمهجر لا يمكن له التنازل عنه ولا التفريط فيه مهما كان الحال والظروف والكل يعيشه حسب قدرته وإمكانياته. 

العيد بستراسبورغ: 

ومن بين المدن التي عاشت عيد الأضحى المبارك بالعالم أجمع وبأروبا خصوصا لهاته السنة 1441ه/2020م , مدينة ستراسبورغ بالآلزاس والمناطق المجاورة لها, إذ عرفت الأجواء بعض التحضيرات والإستعدادات كما علمناه سواء من حيث الفردي أو الجماعي. 

عشية العيد وصيام يوم عرفة : 

ككل مسلمي العالم صام مسلموا الجالية يوم عرفة على نهج السلف ومنهم من تقاسم وجبة الإفطار ليس من لهم عائلة او إمكانيات تحضير الإفطار و التمتع بلذته. 

صبيحة العيد والصلاة: 

كغيرها عاشت مدينة ستراسبورغ، أجواء عيد الأضحى المبارك في ظل حرب الكروونا هذا العام 1441ه/2020م , محرومة من لذة شعائره الدينية بالتكبير و التهليل بالمساجد و إقامة الصلاة جماعيا كالمعتاد. إلا إنه بداية من الساعات الأولى لطلوع النهار بدأ الناس مكبرين مهليين ومسبحين حامدين الله، إحياء لشعائرنا وسنة نبينا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم , إذ أديت الصلاة بالمنازل كل ومكان تواجده, فرصة مكنت الجميع من القيام بها رفقة أهله وأطفاله في جو إيماني أستمتع به الأطفال. 

المعايدة و التغافر والزيارات: 

رغم الحجر و وباء الكروونا و حالات الهلع منه إلا أن الحالة لم تمنع الأخوة من المعايدة على بعضهم البعض و التغافر والقيام بالزيارات وعيادات المرضى سواء بالمستشفيات أو بأماكن إقامتهم ممن بتابعون للعلاج  بمنازلهم. 

وتعويضا للحرمان الذي عاشته الجالية وأفراد أسرها وبمبادرة من جمعية أصفا ASFA للتضامن بين العائلات الجزائرية بستراسبورغ, برئاسة الحاج إبراهيم بتنظيم يوم في الهواء الطلق لتلاقي الأهالي و الأسر رفقة أطفالهم و ذويهم. 

وفي يوم منعش ومشمس أحييت الجمعية عادة المعايدة و التغافر بتوفير الجو الملائم في مكان هادئ ومناسب يعيدا عن الضجيج و الضوضاء بحظيرة الرياضة و الترفيه, في جلسات عائلية أخوية دينية بين التكبير و التهليل و الأهازيج و الفرح و المرح حاول طاولات الشواء و مختلف أطباق الحلويات التي أحضرها الأهالي طبق من كل بيت صدقة عليهم, مما لذا و طاب مما صنعته أنامل حرائر جالياتنا حفظهن الله ,وحول مائدة إكراميات المشروبات, تبادل الأخوة أطراف الحديث عن أجواء العيد وتبادل الأخبار والمعلومات في جو أسري عائلي صنعوا فرحته و بهجتهم بأنفسهم فيما بينهم لمختلف أبناء الجالية. 

أفكار وأراء : 

وبالمناسبة وبحضور العم الحاج صالح و الحاج إبراهيم و العم علي و باقي السادة الأفاضل من كبار و أعيان جاليتنا, إشرافنا و تأطيرا توسع الحديث وشوق الحنين أجواء البلاد وثقافته تبلورت أفكار و رؤى مستقبلية بتفعيل الحقل الثقافي برمته و الفني خصوصا للفون العربية أين تعددت الإقتراحات و الملاحظات و التسميات بين العربي , الأندلسي والمغاربي والشعبي خصوصا , بداية من محمد عبد الوهاب وباقي القامات الفنية العربية إلى المغربي و شيوخه من الحاج حسين التولالي , والشيخ العنقى الجزائري و أحمد حمزة وعلية من تونس و عيرهم . 

وتحركت الغيرة الأنثوية بين النائلي و السطائفي بين الأختين زهرة مقترحة للفن النائلي وأصوله و الآخت حدة الأسطورة التاريخية الإجتماعية صاحبة المواقف الشجاعة و المساهمات الفعالة في جميع المناسبات أيما كانت كما عهدناها, دفاعا عن الفن السطائفي وعين الفوارة , يا دلالي والنجم عميد الأغنية السطائفية المدوية المحركة للمشاعر و الوجدان بكاكشي الخيير. 

ومن من مدينة الجسور المعلقة وعاصمتها العلمية تحركت الينابيع الأدبية متدفقة بشلالات لا توقفها أية حواجز و لاشطئان , وتفجرت غريزة العم علي وطاقته المكنونة متدفقة بحكم ومواعظ ودرر, ما أحوجنا إليها خاصة في بلاد الغربة التي سلختنا نوعا ما من جدورنا و تلاشيتنا عنها و بدأ النسيان يعشعش و يخيم في العقول الراكدة. ومن خلالها صدحت الحنجرة بمختارات مقتبسة للقصائد المختلفة بقافيتها المتنوعة و المتلونة بألوان البحور . 

 ومن مقترح لآخر و حدث مرتقب و مناسبة قائمة أعلنت مبادرة اللقاء و جمع الشمل و رسم خريطة طريق مستقبلية لوضع لبنة الأساس لبناء الصرح الثقافي برمته بأرض المهجر لتنفس الصعداء بين أقراد الجالية عموما و خلفهم خصوصا. وبعد ساعات من التنزه والترفيه بحلقات رجالية و أخرى نسوية على الجانب عملا تقاليدنا و أصولنا وعلى أذواق كؤوس الشاي و القهوة العربية بأصالتها قهوة صفاي لعادات النوايل من إعداد الأخت الزهرة أبرز العناصر النسوية من نشطاء الحركة الجمعوية لعقدين من الزمن بستراسبورغ.  

طبق الكسكسي غذاء العيد المفضل بالمناسبة : 

ومن عاداتنا وتقاليدنا التي نشأنا عليها و ترعرعنا معها طوال سنوات تواجدنا بالبلاد طبق الكسكسي ( قصعة العيش التي تعرف ببعض المناطق بالجفنة) و كانت هاته السنة هنا بستراسبورغ وكانت في جلسة خاصة أين أجتمع عليه المشاركون من أبناء الجالية و بعض الطلبة الآفارقة. مع قعدة شاي بالنعناع و كاوكاو سبسب ومائدة حلويات العيد. 

صدقة و تضامن و تأزر وتكافل: 

وكما جرت العادة و للسنة و لتقسيم شاة الأضحية لثلاث قامن بعض العائلات بجميع نصيب الصدقة من الأضحية و تسليمه للمكلفين بتقسيه و توزيعه على مستحقيه من أبناء الجالية المعوزين و من هم في حاجة لذلك و على رأسهم العم فريد و الحاج محمد و الحاج عيد القدر بهوت بيار و الآخ عيسى والعم قدور الذي تنقل من مكان لآخر إلى ان وصل مكان تجمع الجالية يومهم وسلم لحصص لأصحابها بكل أمانة و نزاهة حفظهم الله ورعاهم و خلف عليهم بخلفة الخير.  

وتبقى المعايدة عن بعد عبر الوسائل التكنولوجية على الأهل عن طريق الأنترانت وغيره من باقي وسائل التواصل:

كون الأنترنيت هو الوسيلة الوحيدة للتواصل بينهم صوتا وصورة، سواء عبر السكايب- المسنجر أو الفايس بوك –وتساب –فايبر أو الهاتف لمن لا يملك ذلك و لا تسمح له ظروفه المادية.وهذا ما يخفف عنهم حدة الغربة بنقل أجواء العيد التي يفتقدونها في بلاد المهجر، خاصة لمن هم ممنوعون من الكثير من الأشياء التي تميز العيد في البلد الأم كنحر الأضحية في البيت أو الشارع وبهجة اللمة و نشوة الشواء مع الأطفال و العائلة الخ………. 

عشاء لقاء أبناء الجالية السنة و التقليد المعتاد : 

ومن بين عادات وتقاليد أجواء العيد التي تحرص عليها الجالية الجزائرية لأجل ربط العلاقات والتواصل و لم الشمل و الإحساس بلذة العيد, إذ تنظم أمسية لقاء تزاور و تبادل تهاني العيد في سهرة عشاء في جلسة أمسية أخوية أسرية تضامنية تآزرية, تجمع الأشقاء الأخوة أبناء الجالية بستراسبورغ وما جاورها 

وبالمناسبة نظم أحباب جمعية أمي AMI بهوت بيار جلسة عشاء على شرف أبناء الجالية من لا أهل ولا قريب بديار الغرفة في سهرة أعادت لهم بريق حنين الشوق ونشوة العيد بالبلاد كما قال الأخوة 

كانت هاته فعاليات أجواء عيد الأضحى لسنة 1441ه/2020م من ستراسبورع عيد سعيد وكل عام وأنتم بخير . 

الأستاذ الحاج نورالدين بامون – ستراسبورغ فرنسا 

التعليقات مغلقة.