الشاي..او..اتاي في الادب وفي الثرات الشعبي الامازيغي..

للباحث الحسن اعبا

اولا وقبل كل شيء وقبل ان اتطرق الى هدا الموضوع الجميل الرائع لابد ان اقول بان الشاي او بالامازيغية..اتاي..يعتبر من الثرات الشعبي الامازيغي بل له عاداته واعرافه وطقوسه وخاصة في المناطق الجبلية.فكيف ادا ظهر هدا المشروب الغريب العجيب..ومتى ظهر في المغرب..وماراي الشعر والمثل الشعبي الامازيغي في الشاي…

حسب كتاب حكاية الشاي The story of tea، بدأ شُرب الشاي في إقليم يونان الصيني في عهد مملكة شانگ، كمشروب دوائي قبل ٣٠٠٠سنة. ومن هناك، انتشر شراب الشاي إلى سيچوان، حيث يُعتقد أنّ الناس بدأت بغلي أوراق الشاي واستخراج سائل مركّز دون إضافة أوراق أخرى أو غيرها من الأعشاب، وبالتالي بات يُشرب الشاي المرّ كشراب منبّه.

وقد عُثر على أدلّة أثريّة عام ٢٠١٦ تشير إلى أنّ الإمبراطور چينگ هان (زينگ خان) في چي-آن قد قدّم الشاي كشراب مُسكر في القرن ٢ قبل الميلاد، أي قبل ٢١٠٠ سنة تقريباً.في الواقع بدأ استهلاك مشروب الشاي في تايلاند كمشروب ديني من قبل قبائل التاي قبل ٥٠٠٠ سنة، أو باسمهم القديم “الصاي” أو “التساي”، كلمة تساي أو تاي بلغة الأيّوطايه (اللغة التايلاندية القديمة) معناها السيد أو الملك، وبالتالي نقل مزارعوا إقليم يونان إنتاج وزراعة نبتة الشاي عن تايلاند باسم نبتة شعب التساي، التي تحوّلت لاحقاً مع الشعوب الفارسيّة إلى التشاي (چاي).

حوالي ٨٠٠ ق.م بدأ الرهبان الصين باستهلاك الشاي مدّاً للقدرة على الصلاة لأطول وقت ممكن، واستمرّت العادة مع رهبان البوذيّة وبالأخصّ مع طريقة الزن (تسن)، كما اتّخذ الشاي مكانة دينيّة مميّزة في عاصمة البوذية التبتيّة المقدّسة “لاسا”.في المغرب اشتُهر الشاي (أتاي عن الفرنسية) في القرن ١٨، بعد أن قدّم مبعوثون فرنسيّون هدايا فدية للسلطان العلوي مقابل إطلاق سراح أسراهم، وكان بين الهدايا أكياس شاي وسكّر.ومند تلك الفترة والمغاربة يشربون الشاي وخاصة عند الطبقة الميسورة انداك قبل ان ينتقل الى العامة من المغاربة.نعم لقد تحدث الشعر الامازيغي القديم عن الشاي ولعل اقدم قصيدة عثرنا عليها والتي تتحدث عن الشاي دون ان نعرف صاحبها هي هده

ءيلاواتايءيلي داو غ واناو ن واتاي
اغاد ن ؤدرارؤالله ارتن كولو يوف
ؤسيغؤكانايديدءينو نمون دؤغاراس
ا ريان ؤدرار ليغن ءيترسؤضار
گان ادرار اد ياگوگنياتويتاساونت
اتيزي ن هارون اغين ءيترسؤضار
ؤسيغد ابريق نگوگيسؤراو ن واتاي
ئيلينلمقراش ف ترگين خار تقاساينت
اسيغد ابريق نگوگيسؤراو ن واتاي
نبي غ ءيزوكني د ءيزرينگاسنتين
ءينواواتاياليغءينواناسيتءيد
ناسيد لكاس نگوگيس يان ءيميكؤكان
مضيغاتايازيض نس ءيسكرتيميمين
اك ؤصاغ اد غاد ءيگان ماي توصا يان
اياتاي واليت ءيگاناداونتءينيغ
ازوند وين ؤدرار هان ؤالله ار نيت سويغاتاي
اياتاي واليت ءيگاناداونتءينيغ
ازوند وين ؤمزيلؤالله ار نيت سويغاتاي
گانءيگنوان طبلا گونءيثران لكيسان
ءيلي لبراد غ توزومتسوتلناس لكيسان
ءيغءيلا زافران هان لعيب ؤرتاكءيليواتاي
ابناقس نم اشيبا بناقس ن لاطرش
ابناقس ن ءيزريؤلاتيميجا بناقس ن واتاي
الاحيا نيتا جديگ نك لاحياتيملسيت
الاحيا نيت ؤلا اضو نك لاحياتوجوت نك

ان الشاعر هنا يميز بين الشاي الحقيقي وهو شاي الجبل الدي يغلى في النار عوض الغاز وطرق الى مداقه الحلو في رحلة قام بها هو واصحابه الى جبل فبعد وصفه لدلك الجبل تطرق الشاعر الى الطريقة او الكيفية التي نهيا بها الشاي الحقيقي.وفي الاخير ميز الشاعر بين الانواع المختلفة من الشاي واكد لنا بان الافضل هو دلك الشاي الممزوج بالزعفران الحر الدي اعتبره هو الافضل وهو الاغنى. وقد تطرق شاعر اخر الى نفس الموضوع وهو يتحدث عن الاجود من الشاي وقال.

اك ؤصاغ اوالي ءيگان ماي توصا يان
ءيغاكءيناؤهداوي ها لكاس تينيماس
ءيربي زايدي واياض اشكو ءيكساغ لهيف
ءيغاكءينا ها وين ءيمغارنؤكانتينيماس
اجيتينؤرتاكنحتاجا غ دار توكي ؤلا كام

ان الشاعر هنا ميز بين نوعين مختلفين من الشاي هناك شاي من الدرجة الاولى نجده عند الطبقة الفقيرة وهو الالد والاعدب وهناك بالمقابل شاي النخبة الدي ليس شايا في نظر الشاعر.وقال عنه شاعر امازيغي اخر

خار تلا شيبا خار تالا تورتيت ن ليقامت
خار يالاالبرادا امون لكيسان غ تاما نس

اجل لقد جعل الشاعر الشاي هنا يبكي فالنعناع يبكي والابريق يبكي وحتى الكؤوس المحاطة به تبكي. ومن الاشعار الامازيغية القديمة والقديمة جدا والتي تتحدث عن الشاي كثيرة ومنها ايضا.

طابلازوندتافوكت ، لقيصت نس ءارادبيينغ

تفولكي، تنقي، دار لغاني كاغءاتكاوار

طابلا لجديد يوف ءاقديم، نور ءيزيين

راراد لعقول، لفرحا نتاتءايزيين

راراد لعقول ، ءيماطابلاءوساردومنت

والي تضفار لموت، ءايسءيدومن د لخيرت

ان الشاعر يجعلنا بمقطعه هذا غير قادرين على تحديد قصدية مباشرة لقصيدته، تكون وفية لأفق انتظار معين يمكن تصوره، سواء انطلاقا من العنوان كعتبة أساسية ، او انطلاقا من الاستهلال ومابعده . فهو منذ البداية يصرح بأن الموضوع الرئيسي لنصه هو سرد” قصة الشاي”، لكنه سينهي المقطع بذكر خاصية الزوال التي تصاحب ” طابلا” ، مذكرا بالموت كمآل حتمي، مما يفهم منه أنه في نفس السياق الذي امتدح فيه ابراهيم نايت إخلف صينية الشاي، مذكرا برمزيتها الاجتماعية، بفعل إسناد امتلاكها للأغنياء الميسورين، مشبها لمعانها بأشعة الشمس، ومتوقفا أمام صفاءها ونقاءها، مفضلا الجديدة عن المستهلكة القديمة، فإن كل ذلك المدح والتحبيب في ” طابلا” سنلاحظ أنه في آخر المطاف سيتحول إلى نوع من التقليل من كثافته، وكأنه يقوم بقراءة معطى مادي من متاع الحياة الدنيا، مركزا على نسبية جماله وخصائصه، ومذكرا في نفس الوقت بما هو أقوى منه، أي ضرورة العمل الجدي من أجل اليوم الآخر:وانطلاقا من ذلك التأرجح مابين المدح والتقليل من أهمية الممدوح في نفس السياق التعبيري الشعري ضمن المقطع الواحد، يمكن ان نطرح عدة تساؤلات توجه أفق استشراف معاني النص في المقاطع الموالية، أسئلة تروم تحديد مقصدية النظم بالأساس.وفي نفس المقطع دائما ، سنلاحظ انه مباشرة بعد كثافة التشبيهات السابقة، سيدلي الشاعر بشهادة تاريخية اجتماعية لاتخلو من أهمية، حيث أنه خلال عصره لم يكن شرب الشاي في متناول العامة من الناس، بقدرما كان علامة على السمو الطبقي او المهني، سيما وأن امتلاك ” طابلا” يكون مقرونا بالغنى واليسر المادي*، او على الأقل أداء وظيفة في خدمة السلطة والمخزن “:

طابلاتفولكي يان ءيطافنءايدانسءيزضاراس

طابلادلكيساندلبراد، لجيد ءيزضاراس

ءامغار د لقايد دلقاضي، زضارنءيطابلاوات

ءولاءاكليدءيزضاراس، كويان ءيهداياس

طابلاءافولكيءيلادارونت ولكن هاتي

يان دار ءايدادلمال، مقار ءيزضاراس

في المقطع الموالي، سيواصل الشاعر تغنيه بجمالية ” الصينية”، مادحا ومفضلا لنوع خاص من كؤوس ” الطاوس” التي تعتبر من أجود وأغلى الأنواع المستعملة خلال فترة الناظم التاريخية

طابلادلكيسان ن طاوسءايفولكين زيين

ءيكا لمجمر جهنما، لمقراج داغ نتان

ءاركيس حركن وامان زوندويزوكن نان :

” ءيفوغ لخير دونيت، نزرا لاشجار

ءارتنت نسوا، نتنتين ءاداغءيحركنءوكان “

يستمر الشاعر في توصيف مكانة الشاي عند العموم في المجتمع الأمازيغيواصفا عملية إعداده بشكل عام ، ومنبها بالتحديد للنكهة الخاصة التي تضفيها أوراق نبتة ” النعناع” على مذاقه، إلى درجة أنها تقوم بنفس وظيفة مادة الملح بالنسبة للطعام، مرتكزا من جديد على التشبيه في صياغة معاني المقطع، حيث شبه هيبة الشاي بهيبة الملوك، كما شبه البخار المنبعث من إناء ” المقراج” بفحيح الأفاعي لحرارته المرتفعة، بل إن حب العامة للشاي يرادف حبها للحياة بكل عام ، كمادة تورط كل من تذوق حلاوتها في الإدمان والإذلال المستمرين، اللهم باستثناء الفقراء، ممن لايمتلكون إمكانيات اقتناءه، الأمر الذي يؤكد أن الشاي في حدود أواخر القرن التاسع عشر ظل حكرا على الطبقة الغنية، وهو المعنى الذي يكرره الشعر الامازيغي القديم وزاد الشاعر الامازيغي قائلا

ءيفوغ لفوار ءيميلمقراجزوندءيميءوبنكال

ءيفيياغن لبراد ءارنيتنسدولو

كيس ءاتايءولا سكار ءيفسيزوندءامان

ءيكاس نعناع تيسنت ، كرا مو يحادا ءيميم

ءيفيياغ لبراد غ لكاس ن جاجبيينغ

كويان ءيرايغءيزريميدنءيلا غ دارنغ

حوبين ءاغميدنزوندءاكليدءيغدءيفوغ

زوندلموحيبا ن زمان ءوراكءاتبالان

نك لمقراجدلبراددلكيسان د ءوفوس

نزري غ ءيمي دار تاسا دوول راحاغكيسنت

يان ءاغءيمضين مقار ءيكا صابي نهولت

ءيما والي تيميارنيستءاك نسلب ناويت

نلا تامان، يان ءيزلضنءورسارءيدس نمون

ان جميع الاصناف الادبية الامازيغية قد تطرقت الى التغني بالشاي ويظهر لنا ذلك حتى في الامثال الشعبية الامازيغية السائدة بالمنطقة حيث يقول المثل : ” ءيلاواتاي تيلي تاتايتءيلي داو غ واتاي ” والمقصود هنا ان هناك شايا حقيقيا وهناك المتوسط وهناك الرديء.ويقول مثل شعبي امازيغي اخر عن الشاي..اواناءيرانايسوءيسوبورزا..ان المقصود ببورزا هنا هو الشاي الصحراوي المعروف برغوته البيضاء المميزة.

التعليقات مغلقة.