منظومة المجتمع البشري

زكرياء أيت المعطي

عند النظر إلى الفئة المجتمعية  التي تتكون من مسؤولين ورؤساء ومعلمين ومتعلمين وخبراء، ومن هم على رأس القيادة العامة لمنظومة الحياة بشكل عام ومنظومة التعليم بشكل خاص وكذا من هم في  القمة يرسخون ويثبتون القوانين المشتركة في البلاد.

قد نقول بأن هذا الأمر يحتاج إلى هزة تحتية تقلب الطاولة لإعادة تصنيف القضايا والإشكالات المطروحة، لتصير تشكلا نظريا واضحا على الأوراق للكل ليثبت في الواقع على شكل هندسة مفروشة متقونة مضبوطة، وهذا  من أجل أن يرى كل واحد من مكانه وزاوية محيطه ومعتقده ومنطلقه بشكل مباشر.

بيد أن لا بد أن تجمعنا محور الطاولة ومركزها بتعددها الثقافي والاجتماعي والسياسي والفكري، لإنماء وبث الروح الأخلاقية والقيم السليمة، التي علينا أن نتشارك فيها لرفع منظومتنا التربوية ورفع المنسوب الأخلاقي التربوي ودحض أوحال اللأخلاقي واللاتربوي عند كل فرد، لتكون رؤيتنا موحدة  وليأخذ كل شخص احتياجاته الخاصة وفق الضوابط والقواعد التعليمية التعلمية الرشيدة، قوادها الخبراء ومن حملوا على عاتقهم التربية أولا.

وقد وضح الشاعر العظيم أحمد شوقي في بيت يمكن أن يدخل في هذا الصدد وفي هذا الموضوع المتشعب قائلا:

” صلاح أمرك للأخلاق مرجعه   ”’   فقوم النفس بالأخلاق تستقم”

فالشاعر  يبين هنا أن النفس التي تتخذ من الخير طريقا تجني ثمارا طيبة والنفس التي تعتاد على فعل الشر فلن تجني إلا ما زرعته وبالتالي يتوجب علينا أن نتبع السبل الموصلة لجني وقطف الورود اليانعة، وعلينا أن  نرى بالعين المجردة لهذه الرؤية الأولية ولهذا البعد الحكيم الذي سنستشرف به المستقبل.

وما سنورد في هذا الصدد، هو أنه لا بد من أن نغرس ونحفر من الجدر ونزرع حباته في النفوس والعقول حتى تستيقظ الهمم العالية وتنمو لتعطي ورودا وزهورا أينما حلت عطرت وشممها مستنشقو الإنسانية الحية.

فمجتمعاتنا نحن قوية وما زالت قوية وستبقى قوية بمناهجها ومنطلقاتها الرشيدة ومنظومتها الاستراتيجية، أولا في قدرتها على صناعة الأجيال و الأبطال، وثانيا في قدرتها على قيادة رعيل القرن الواحد والعشرين لبر الأمان والسلام حتى يبلغ مبتغاه.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الوعي والفكر والثقافة السائدة في الوسط الإنساني العربي الذي نحته الأقحاح القدماء في كتبهم وسطورهم وقواعدهم التي رسخوها في جداريات التاريخ ونقشوها في أحجار الحياة ونحتوها لتبقى راسخة في الأذهان كونها صالحة لكل زمان ومكان، وهذا يجعلنا نركز بالدرجة الأولى على العمود المتزن اتنزانا متوازنا بالرغم من الاختلاف الذي هو محمود بين بني البشر.

هذا بالإضافة  إلى أن شباب اليوم مازالوا يحملون هم التغيير وهم المسؤولية وهم الوطنية لرؤية المجتمع مزدهر ومنفتح ومتقدم في مختلف مجالات الحياة، فالعصر الحالي الذي نتعايش معه ونعيش فيه توجد عقول متوقدة ناضجة وقلوب متنورة حاملة لمنهج القراءة والكتابة والرقي والتعلم والعلم المتجدد المجدد، شعارهم:

“العلم نور يوقد شعلة الحياة  …  والجهل ظلمة تسوّد الحياة ”

وختاما فعلى الأسر  والعائلات والشباب بصفة عامة والمؤسسات التعليمية أن يحملوا هذا الهم ليقف وقفة  الوطن الواحد بركائز ثابتة نبني بها مجتمعنا، بالوعي الفكري والثقافي والسمو الأخلاقي والعلم الراسي لكي لا نجتر وتجرفنا هواجس الأفكار التي لا معنى لها في عالمنا الذي بناه أسلافنا القدامى ورسخوا عماده بخطط منهجية مضبوطة تحملنا على أن نخذها محمل الجد لكي نتعلم ونستفيد منها ثم نطورها ونجدد في مفاهيمها وهياكلها انطلاقا مما هو كائن وموجود في هذا الزمان الجديد الذي يتقلب بين الفينة والأخرى.

التعليقات مغلقة.