فوضى احتلال الملك العمومي تبلغ ذروتها بالقنيطرة.

بقلم:عزيز منوشي

تفشت مظاهر احتلال الملك العمومي بمدينة القنيطرة في الآونة الأخيرة، حتى صارت القاعدة السائدة في أغلب الشوارع والفضاءات المفتوحة في وجه المواطنين، وهو ما أجبر السكان على التطبيع مع التسيب الحاصل في استغلال الملك العمومي دون أي موجب قانوني، فيما اختارت السلطات المحلية بدورها هي كذلك التخلي عن واجبها وممارسة حياد سلبي اتجاه هذه الظاهرة.

وكان من نتائج ذلك، أن تحولت الفوضى العارمة التي تجتاح الشوارع والمساحات العمومية بالمدينة كثيرا منها إلى أسواق مفتوحة لعرض مختلف السلع والبضائع، مع ما ينتج عن ذلك من صادمات لا تنتهي بين الباعة أنفسهم أو بينهم ومستعملي الطرق أو زبنائهم، فيما فرض على السكان المجاورين أن يتحملوا حركات صخب وضوضاء يومية تتخللها شجارات وكلام نابي وروائح مخلفات الباعة من السمك والأزبال التي تتراكم على مقربة من أبواب منازلهم، ما يتسبب في إزعاجهم وإقلاق راحتهم بشكل مستمر.

وفي المقابل، لم تلق شكايات عديدة توصلت بها السلطات العمومية والمصالح البلدية من المتضررين الآذان المصغية، خصوصا بعدما انضافت إلى مسلسل احتلال الملك العمومي الذي كان إلى وقت قريب مرتبطا بالمحلات التجارية وأغلب المقاهي المنتشرة على طول الشوارع الرئيسية، ظاهرة الأسواق العشوائية أو الجوطيات التي تعرقل بشكل مكشوف حركات المرور.

ويتحكم الباعة المتجولون في المساحات التي يستغلونها لعرض سلعهم على الأرصفة وعلى طول الشوارع المحيطة بها، وتبدو هذه الظاهرة بجلاء في أحياء أولاد أوجيه،المغرب العربى. العلامة، الخبازة،صياد على جنبات الشوارع المؤدية إليهم، بينما يفرض “الفراشة” بمحاذاتهم قانونهم الخاص في غياب دور واضح للسلطات المعنية عبر تكديس سلع ومواد مهربة وعرضها للبيع في تحد تام لكل الضوابط.

وحول هذه الوضعية المثيرة لكثير من علامات الاستفهام، أن الظاهرة ترتبط بالأساس وبشكل مباشر بالتساهل الذي تتعامل به السلطات العمومية والمجلس البلدي مع ظاهرة احتلال الملك العمومي من قبل أصحاب المحلات التجارية والمقاهي الذين يلجؤون إلى وضع الطاولات والكراسي أمام المساحات المقابلة لها، والتابعة أصلا للملك العمومي، إذ حطمت المدينة أرقاما قياسية في حجم المساحات المحتلة داخل الأرصفة والشوارع الرئيسية، وباتت معها هذه الممارسات تصنف القنيطرة بجانب ممارسات أخرى تعرف بها مدينة تكرس واقع السيبة والخروج عن القانون. المصادر ذاتها ترسم صورة قاتمة حول دور السلطات في حماية امن المواطنين وسلامتهم والحرص على جمالية المدينة، وبالمقابل يستمر زحف أصحاب المحلات التجارية والمقاهي على الملك العمومي وبجانبهم الباعة المتجولون، في تحد صارخ لحقوق المارة والراجلين الذين يضطر الكثير منهم إلى المشي وسط الطريق بسبب احتلال الأرصفة والممرات المخصصة لمرورهم.

من جانب آخر، استغرب عدد من المواطنين الذين التقتهم اصوات في الفضاءات المعنية بانتشار ظاهرة احتلال الملك العمومي، الحياد السلبي الذي تلتزم به السلطات المحلية، وهو ما يشجع حسبهم أكثر على الممارسات التي يقوم بها الباعة، وبينهم كثير من المنحرفين وأصحاب السوابق الذين لا يترددون في الدخول في مواجهات دامية، نظير ما تشهده باستمرار جنبات جوطية العلامة وجوطية والخبازات.

وفي السياق ذاته، تؤكد معطيات الاستطلاع الميداني الذي أجرته اصوات أن ظاهرة الأسواق العشوائية لم تعد مظهرا يقتصر على المساحات العمومية والشوارع، بل امتدت كذلك إلى كل أحياء المدينة، حيث استنبت الباعة فوق مساحات فارغة تابعة في الغالب للملك العمومي دكاكين ومحلات تجارية قصديرية، سرعان ما تجذب بدورها المزيد من الباعة المتجولين، خصوصا في فصل الصيف. في الوقت الذي يؤكد السكان أن هذه المظاهر بدورها كانت محلا لعدد من الشكابات الموجهة للجهات المعنية في أكثر من مناسبة، دون أن تلقى تظلماتهم الاهتمام المطلوب، كما لم تبادر السلطات بالمقابل إلى التقصي في كثير من الحالات التي تحوم شبهات حول من له المصلحة في استمرار هذه الفوضى لجني إتاوات تحدد قيمتها بحجم المساحة التي يتم استغلالها ضدا على القانون، على حد قولهم.

التعليقات مغلقة.