خناثة بنت بكار الفقيهة والعالمة…مجد امرأة وبناء دولة.

الأميرة خناثة بنت الشيخ بكار بن علي بن عبد الله المغافري الشنقيطي”، الفقيهة، العالمة، الأديبة،  زوجة السلطان إسماعيل مؤسس الدولة العلوية ومستشارته، وأم السلطان عبد الله، وجدة السلطان العالم سيدي محمد بن عبد الله العلوي وأستاذته، والمشرفة على تكوينه وتربيته.

وقد استطاعت السيدة خناثة “بنت بكار” أن تتميز وسط البلاط العلوي بحظوتها العلمية والفقهية وبنسبها المغافري، التي كانت من العالمات اللائي أسهمن في حياة المغرب  سياسيا وفكريا ، تنحدر منه أيضا أم السلطان إسماعيل “للا مباركة”، فنجد أنها تشربت تربية القصر الإسماعيلي، ففيه تعلمت وتثقفت، يذكر القادري في كتابه نشر المثاني، أن الشيخ المكي الدكالي هو الذي كان يصحح لها اللوح الذي تكتبه بيدها لحفظ كتاب الله تعالى..

لها تعليقات على كتاب الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني وهي محفوظة في الخزانة الملكية بالرباط، كانت تحسن القراءات السبع و قارئة، وعالمة بالحديث،  كما عرف عنها غيرتها على العلماء، ويكفي أنها كانت سببا في نجاة الفقيه المفسر عمر لوقش التطواني ت 1149 هـ من عقاب ابنها السلطان عبد الله إثر وشاية بعض المكناسيين.

لقد كان للسيدة خناثة لها أدوار أساسية  في تاريخ المغرب ؛ فإن أول ما قام به السلطان هو إلقاء القبض على السيدة” خناثة بنت بكار” رفقة حفيدها سيدي محمد بن عبد الله، يقول الضعيف الرباطي: «فبعثت تطلب العلماء بعد أن دخل دارها واستولى  على ما فيها… خاصة خلال الفترة التي حكم فيها ابنها السلطان عبد الله، حيث تعرضت للعديد من المضايقات والمحن من النفي إلى السجن والمطاردة ، فمباشرة بعد العزل الأول للسلطان عبد الله، ومبايعة أبو الحسن الأعرج على يد سالم الدكالي أحد كبار قواد جيش البخاري،وطلبت أن يتكلموا في شأن حفيدها سيدي محمد على أن يخرجها من السجن لأنها امرأة  مسنة واتقت أن يتكشف عليها من أجل الضيق، وادعت أيضا أن حفيدها صغير السن 13 سنة وما فعل ذنبا يستحق عليه العقوبة والسجن، وها أنا في السجن حتى يحكم الله بيني وبينه، ثم بعد ذلك تكلموا مع السلطان علي الأعرج فسرح حفيدها من السجن.

كما لعبت السيدة خناثة في تثبيت اتفاقية السلام والتجارة التي وقعت بمكناس بين الإيالة الشريفة ودولة إنجلترا في شخص سفيرها شارل ستيوارت خلال صيف سنة 1721م، نفس السفير كانت له مراسلات مع السيدة “خناثة” بخصوص طلب دعمها لهذه الاتفاقية، وبشأن التدخل وبالتالي التفوق على الكثير من بنات جيلها بعلمها وفقهها ومواقفها السياسية المشرفة . تاريخ ساسي حافل من حياة “السيدة خناتة”، لدى السلطان للإفراج عن عدد من الأسرى الإنجليز.

توفيت هذه السيدة الكريمة رحمة الله عليها في جمادى الأولى عام 1159هـ ودفنت بروضة الأشراف من المدينة البيضاء بفاس الجديد.

التعليقات مغلقة.