الجنوب الشرقي المغربي رحلة روعة الفضاء وقسوة الإهمال والتذمير (الجزء الثالث)… إحياء المكان رهين بمحاربة خفافيش الليل و مسهلي انتشار الفساد.

محمد حميمداني

بعد حوار مستفيض حول فوضى المكان، وخفافيش الليل التي تعيث فسادا في الأرض بمباركة رموز من السلطة، من “عبدة الدرهم”، الذين أغمضوا أعينهم عن عمليات إفساد روعة الرمال، وجمال الشروق والغروب، وامتداد الفضاء المفتوح على كل القيم، إلا قيم الفساد، وكما قال أحد مرافقينا “الناس تأتي لرؤية الرمال والاستمتاع بجمالها وجمال المناظر التي تسلب الأنظار، وليس للمبيت في الخيام وقضاء الحاجة في مراحيض 5 نجوم”.

قررنا اختراق الفضاء، لا لأخذ حمام شمس ورمال، ولكن للوقوف على حقيقة التدمير الممنهج مع سبق الإصرار والترصد الذي يطال الرمال والمكان، والذي حول الفضاء إلى فنادق من فئة 5 نجوم مقامة على الكثبان الرملية الذهبية، محطمين بذاك منحة السماء التي وهبتها لأبناء المنطقة، مساهمة منها في ضمان رغيف خبز حلال لهم، الذي يحارب حورب بقوة وسطوة المال والنفوذ وإغماض الأعين المؤدى عنها.

كان اليوم سبتا، وهو آخر يوم لنا قبل نطوي دفتر الرحلة، وينادي المنادي أن عودوا إلى الديار، توجهنا رفقة الأخ “الحسين آيت باحدو”، رئيس الجمعية المهنية للصناعة الفندقية بمرزوكة من سنة 2015 وإلى غاية 2020، والفاعل الجمعوي والمنعش السياحي، إلى أحد الفضاءات السياحية لملاقاة الدليل والسائق المختص بالسياقة في الرمال، وهو بالمناسبة فاعل جمعوي أيضا ومنعش سياحي بالمنطقة، ونتحفظ عن إيراد اسمه نزولا عند رغبته، ونشكره غاية الشكر لمساهمته في تدليل عقبات الوصول إلى أعماق الرمال، وتفاعله الإيجابي مع طبيعية مشروعنا هذا، من خلال كل أسرار البوح، إلا إدراج الاسم في سياق التقرير وهو ما احترمناه طبعا، ليعبر بنا عباب الرمال ويقودنا في رحلة البحث عن الجمال والفساد معا، وهو محور تقريرنا الصحافي هذا، الهادف إلى الحفاظ على الموروث الطبيعي والدفاع عنه مع كل الشرفاء من أبناء المنطقة ، الذي التقينا بهم فأعلنوا النفير العام بالاستجابة ، ليبقى المكان إرثا ليس للمنطقة و لبلادنا فحسب ، بل لكافة الأجيال التي ستأتي لاحقا للاستثمار فيه والدفاع عنه ككنز عالمي وجب اعتباره من قبل الأمم المتحدة كإرث ثقافي طبيعي إسوة بباقي التراث الإنساني.

لقد تطلب ركوب بحر الرمال إعداد السيارة ذات الدفع الرباعي، وإنقاص رياح العجلات حتى تصبح العجلة طيعة في التعامل مع الرمال، لتنطلق بعدها رحلة الدراسة والدرس، ولنشد الرحال عبر التلال والكثبان الذهبية، نمخر عباب الرمال لنستكشف أسرارها وخباياها التي لم ترد البوح بها لنا في عالم التمدن والمدنية، موجهة لنا خطاب الانتماء والانتساب لعالمها، والارتماء في أحضان فضائها، ومحملة إيانا رسالة ليست للغفران، كما كتب المعري، ولكن رسائل الفضح والتعرية لمن يعتدون على حرمة المكان، ويحطمون كل جميل ومستقبلي فيه، ليقتلوا التنمية ويبيدوا الاستدامة، لتتحول كل هاته الأحلام الوردية مع رحلة الجشع إلى لغة موت وإماثة لكل شيء، دافعين المنطقة للعودة إلى فقرها الأصلي الذي احتواها لعدة سنوات بشكل قسري، يراد له أن يعاود المكان والبشر مرة أخرى، وبقوة المؤامرة المزدوجة.

دخلنا عبر الكثبان الرملية عمق الصحراء والرمال، وسؤال الحيرة يلازمني كيف يستطيع هؤلاء الأشاوس اختراق المكان وضمان سبل العودة وتجنب التيه في الفضاء – المجهول، وهو السؤال الذي طرحته بعفوية على مرافقنا، فأجاب عنه بابتسامة لازمت محيا ردوده، لعلمه أن هذا الفضاء أسهل من عبور الصحراء الشاسعة، ولتوفره على علامات طبيعية تمكن المخترق من الرصد والتحقق ضمانا لسلامة الوجهة والعودة.

بعدها مباشرة بدأت رحلة الارتفاع والانحدار، والتشبث بالمقابض لتلافي الارتطام بالصقف مع كل هزة ورجة تلحق العربة في فضاء المكان، ومع وجود متاهات وتقاطعات لولبية تفرض تعاملا خاصا لا يخضع لا لمدونة السير ولقانونه، بل الواجب والمطلوب هو المعرفة بالمكان ومحبته والدفاع عن استمراريته بالعشق ومن خلاله، وهو ما تلمسناه بجلاء خلال الرحلة، يقول “الحسين آيت باحدو” “ما بقا ما يدار كلشي كايذمر، والسلطة اللي من المفروض تعاونا تخلات علينا، أنا دابا قطعت بطاقة السفر لإسبانيا، سأرحل إلى هناك و لن أعود إن استمر الوضع على ما هو عليه، عيينا من 2015 واحنا في الحرب من أجل المكان والحفاظ عليه، عيينا والسلطة خذلتنا”.

بهاته الحرقة، وهذا العشق الذي يكوي أضلع الإنسان المحب والملتصق بالمكان وليس المهووس بالجشع والبحث عن الدرهم والدولار على حساب الفضاء وصحبته وأنسته، ليصبح جزءا أصيلا من حركة المكان وحلقة الحياة التي قتلت باسم كل الألقاب إلا لقب الانتماء والانتساب لهاته الرمال ولفضاء الصحراء والاستشفاء من مرض الكنز والجشع الذي غدا لصيقا بهياكل لا تحمل من الإنسانية إلا العظام التي تغلف الكيان.

فضاء واسع ورائع ممتد على قيم الجمال الذي تقطعه عبور جمال وإبل تتخلل دفئه وطبيعيته، لتفاجئنا وتقطع صفو انتباهنا واستمتاعنا ومشاهداتنا فوضى عارمة سرعان ما احتوت الفضاء، فأحالته إلى جزر متحركة من الغذاء التسيب والعبث الإنساني الحارق لسخونة وطيبوبة المكان، فوضى عمت المجال كله فأحالته إلى مقابر ممتدة ليس للطمر الصحي الاستشفائي، بل لطمس وطمر المكان والقضاء على كل مقومات الجمال التي سكنته وتسكنه، ليجازى التلوث الآدمي والرسمي السكينة الملتصقة بالرمال بقشور السكن الإسمنتي الذي نصب في قلب الصحراء مهيئا فنادق مصنفة حسب ترتيب الفساد الذي غزى المكان، فحوله إلى “جيتوهات” عنصرية، عزلت الرمال عن محيطها الطبيعي وألصقتها بمجاري الاسمنت، فخلطت صفوها ونقاوتها ببزار آدمي ممتد يقضم عبق وشدو المكان فيرديه تلوثا وقتلا، وبين هذا وذاك تمتد أسلاك شائكة وحدود عازلة في فضاء الصحراء، إيذانا بانطلاق ممتلكات الجشع، وكيف لا، والرحل أنفسهم، تركوا الإبل والمواشي وتحولوا إلى سماسرة للمكان وبيع الرمال، والسلطات العمومية في “دار غفلون” أو بالأصح “في دار قبضون”، لأن الخدمة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون مجانية، علما أن فرق الدرك المكي قد تم تعزيزها بأربعة دراجات نارية رباعية الدفع، ممولة من المجلس الإقليمي، من أجل القضاء على هاته الفوضى، لكن من؟ وكيف؟ ومتى؟ وأين؟…، أسئلة ستبقى معلقة ما لم نستطع الإجابة عن السؤالين الأهم في مضمار التحليل وهما ماذا ؟ ولماذا؟

لقد كان المواطن والفاعل في الميدان يمني النفس بأن تشكيل لجنة برآسة خليفة القائد لتتبع الوضع وإحصاء المخالفات وإزالة المخالفين منها، وما تلاها من إزالة حوالي 84 خيمة فوضوية، المدخل لضرب كل أوكار الفساد والقطع مع الفوضى، إلا أن الوضع القائم عكس نقيض الصورة التي تلمسنها خلال الرحلة، فأعداد الخيام المخالفة لم تتوقف بل ازدادت توالدا، وهو ما رصدناه على طول مسارنا الصحراوي فوق رمال تلك المستعمرات الرملية، بل أن الوضع لم يزدد إلا قثامة.

فأين السلطات المحلية من هذا التدمير والاعتداء الممنهج على المكان والفضاء الطبيعي؟ وأن موقع تلك اللجنة المحدثة والتي يرأسها خليفة القائد من الإعراب؟ ولم الدرك البيئي لا يقوم بمهامه الرقابية والزجرية للمخالفات المرصودة بالعين المجردة، علما أنه قد تم تزويده باللوجستيك اللازم؟….، ربما الأسئلة ستبقى معلقة، لأننا نعرف وجهة الجواب الذي لا يعني سوى إغماض العين عن كل تلك الفوضى القائمة، كيف لا وهناك مؤسسات معروفة تساهم في سيادة هاته الفوضى، بل إن إحداها حولت الرمال إلى فندق يتكون من حوالي 100 خيمة، بل أننا رصدنا وجود كلاب حراسة من النوع البوليسي بجانب تلك الخيام.

إنه تدمير ممنهج للمكان والفضاء وبمباركة رسمية من الجهات الزجرية التي حولت مهامها إلى زجر النص القانوني بدل تفعيله، ما دام المكان لا يمكن أن يقدم شكاية وتظلما في الموضوع، فلا بأس والحالة هاته إذن من إغماض العين وفتحها على ما مقاص ما تذره هاته الغميضة من منافع، و كيف لا، ونحن في عباب بحر الفوضى نواجه بمجموعة خيام منتشرة كالهشيم، بل أننا لما سألنا عن أصحابها تبين لنا أنها تخص أعوان سلطة بمرزوكة، وهي تحمل اسم “مرداني”، ماذا بقي إذن وعلى حد قول المثل المصري “حاميها حراميها”.

هذا الواقع الفاسد ليس محصورا على الرمال، بل نجده على امتداد مداخل ومنعطفات مرزوكة، بل والأدهى من ذلك نجده ملاصقا حتى لمركز الدرك الملكي، حيث نجد طوابيرا من صائدي أو مطاردي السياح (Rabateur)، ممن يعملون في السوق السوداء، ويقدمون خدمات بسعر أدنى دون أن يقدموا ضرائب للدولة، ولا يساهمون ولو بسنتيم واحد في المداخيل الجماعية أو الإقليمية، بل أن اشتغالهم هو خارج السياق والضوابط القانونية والتأمينية الضامنة لوضوح المكان وحياة الزوار، والذين أصبحوا يشكلون نقطا سوداء من الممكن أن تستغل لممارسات قد تهدد أمن وسلامة الزائرين، خاصة الأجانب منهم، من قبل المنظمات الإرهابية التي يمكن أن توظف هذا المسار لأداء أعمال تستهدف الأماكن والسلامة العامة والخاصة.

“لحسن السكاوي”، أحد المنعشين السياحيين ورئيس سابق للجمعية المهنية للصناعة الفندقية بمرزوكة، يقول “نحن نؤدي الضرائب للدولة، لماذا نؤديها إذن إن كانت الفوضى هي سيدة المكان والمجال، فلنتحول كلنا إلى هذا المجال اللا قانوني ونهنيو راسنا من القانون الملزم لنا بالأداء للدولة”، ويضيف “هؤلاء الناس يشكلون خطرا ليس على مداخيل الدولة فحسب، بل على أمن الدولة أيضا، يجب القطع مع العشوائية في التدبير”، يقولها وبمرارة من تربى في أعماق الرمال وخبر كل الظروف، وقسوة الواقع والطبيعة، والتي يحملها من خلال نظارات منسدلة من تحت شعيرات سوداء غزاها الشيب، كما غزا الفساد المكان، حالما بالولادة الملتصقة بالقانون كما الطبيعة، والذي تحول ويتم تحويله مع سريان كورونا التدمير والفساد إلى موت سريري متسارع لواقع حزين قد يقضي على دور السياحة المفترض من خلال رمال وأفاق مرزوكة المفتوحة والتي تمد ذراعها للحياة، والذي قد تتحول مع استمرار الوضع إلى “وجهة لسياحة أخرى غريبة عن صورة المنطقة، كما نشهده في مواقع أخرى كمراكش وآكدير…”.

إن المطلوب هو مواكبة الدولة لهذا التطور المسجل في المجال، والذي عرف ذروته خلال موسم 2018 – 2019، والعمل على وضع برنامج تطوير للمنطقة بنيويا وسياحيا بما يتجاوز الطابع الموسمي للمداخل السياحية، وجعلها قبلة دائمة للسياح من خلال البحث عن إمكانات تمنح المكان ديمومة أكثر، وتؤدي إلى تجاوز هاته المراحل الصعبة، والقطع مع منطق اللوبيات في التعاطي مع الوضع السياحي الوطني من قبل مراكز النفوذ السياحي التقليدي المعطل للتنمية السياحية الوطنية، فهل يعقل أن تتوفر الجهة على ثلاث مطارات بكل من ورزازات وزاكورة والراشيدية، في حين نسجل ندرة في الرحلات الجوية إلى هاته المطارات، أي أنها وعلى الرغم من حضورها وخضوعها لمعايير ومواصفات الجودة العالمية في مجال الطيران إلا أنها ومع ذلك غير مشغلة بالشكل الجيد و المطلوب.

إن المطلوب هو تقديم الإغراءات من أجل تحقيق التنمية، خاصة إذا أخدنا بعين الاعتبار أن 80 في المائة من المداخيل السياحية تدرها الواحات والرمال، وفق ما أفادنا به “سفيان بشر”، عضو المجلس الجهوي للسياحة بجهة درعة – تافيلالت، وتجاوز منطق الترويج السياحي البدائي المنتهج، ولغة صم الآذان المعتمدة كمعيار للتداول مع المعنيين بالمجال، أي تجاوز منطق لغة الخشب في التعامل، من أجل بناء مستقبل السياحة في الجهة وبالمغرب، وتجاوز منطق الفوضى في البرمجة كما يقع في المواسم السياحية (الثمر، الزواج، الورود، الموسيقى…) وبل وحتى تاريخ إجراء الرالي لا يستقر على أمد زماني مضبوط، وهو ما يحدث لخبطة لدى الفاعلين في برمجة الرحلات والأنشطة… الخ، إضافة إلى اهتراء البنية الفندقية وغياب تحيين فعلي لتصنيف المؤسسات الفندقية الذي لم ينجز بالنسبة لبعض المؤسسات الفندقية لمدد تتراوح ما بين 10 إلى 20 سنة، وهو ما يضر بسمعة الخدمات السياحية وصورة الترويج السياحي في زمن يعج بالمنافسة الشرسة.

إن المأمول هو إحداث قفزة نوعية في نمط التفكير، وفي التعاطي و التعامل مع الوضع السياحي ، من خلال نسج علاقات صداقة فعلية مع البيئة، وأنسنة هاته العلاقات بما يجعلها خادمة للتنمية والتنمية المستدامة، لا أن تصبح خادمة للوبيات التدمير والجشع الرسمي والميداني كما هو الحال في الواقع الميداني المعاش، والسؤال المشروع أمام كل هاته التحديات الكبرى التي يعيشها المغرب ومعه العالم، هو هل سنستطيع بعد التعافي من كورونا ضمان حصتنا في الكعك السياحي العالمي، خاصة ضمن الأسواق التقليدية والتي تشهد منافسة شرسة؟

“الحسين آيت باحدو”، أحد الفاعلين الجمعويين والمنعشين العقاريين، حاول مقاربة الإشكالات في عمقها وجذورها الأصلية، معتبرا أن الإشكال الأكبر يكمن في ابتعاد الإدارة عن المهنيين الفعليين، وغياب إرادة فعلية لتغيير الوضع الفوضوي القائم، متسائلا إن كانت لهاته الإدارات ذات الصلة بالموضوع يد في واقع هاته المؤسسات العشوائية، فالمطلوب وفق وجهة نظره هو تطبيق القوانين الصادرة على علاتها، كقانون 14-80 المتعلق بالمؤسسات والمآوي السياحية، مستغربا كيف أمكن لموقعي (Booking و Expedia) أن يعمدا إلى إدراج 431 مؤسسة ضمن خانتهما الإشهارية، و الحال أنه لا توجد وفق التقديرات الرسمية سوى 102 رخصة ممنوحة من قبل المصالح الجماعية، ضمنها 56 فقط معترف بها ومصنفة من قبل وزارة السياحة، أليس هذا دليلا واضحا على الفوضى التي تلف المجال، والمسؤوليات الرسمية عن هاته الفوضى، وضلوعها بالجرم المشهود في أثونها، فالكل يتهرب من المسؤولية ويقذفها في اتجاهات متعددة، فعلى الوزارة الوصية تحمل مسؤولياتها في هذا الباب والانفتاح على المهنيين والاستماع لتفاصيل معاناتهم ضمانا للحق والاستدامة هذا المورد السياحي كخادم لقاطرة التنمية المحلية والجهوية والوطنية.

إن الواقع بأمراضه، يقتضي، وفق ما أفادنا به “لحسن السكاوي” المنعش السياحي والفاعل الجمعوي، “محاربة كل أشكال الوساطات الوهمية المنتشرة على نطاق واسع بالمنطقة”، والتي تتم في واضحة النهار وعلى “عينك أبن عدي” ولا تحتاج إلى “ميكروسكوب” لترى وتعاين وتتابع وترصد، لأن المطلوب هو زجز كل المخالفات المرصودة، والتي لا تقل خطورة عن تهريب وتدمير الرمال، ولن يتحقق ذلك  يضيف “لحسن”، إلا “بتوفر الإرادة التي تنعدم في المؤسسات الرسمية، لأننا لم نعد أمام سياحة معيشية وفق ما يقدمه الرسميون لتبرير غض الطرف عن محاربتهم للفساد والفوضى، بل أصبحنا أمام استثمارات، وهو ما رصدناه من وجود مؤسسات فندقية ذات خيام عديدة تتعدى لدى بعضها 100 خيمة، فالمشكلة الكبرى هي في تطبيق القانون، والإرادة السياسية في محاربة كل أشكال الفساد.

“نحن سنؤدي كل ما هو متطلب للدولة، ولكن يجب تطبيق القانون 14-80، والضرب على يد الخارقين له والذين يعدون أخطر من كورونا” يقول “الحسين آيت باحدو”، إن المطلوب في البداية هو تنظيم القطاع وتنزيل المقتضيات التي تم الاتفاق حولها مع والي الجهة، والتي تمنع من ضخ أموال هامة يمكن أن تستثمر في مجال التنمية الجماعية، إن المطلوب هو التوفر على إرادة تغيير الوضع القائم، وليس البحث عن “الترقية و الانتقال” كما قال أحد الفاعلين في المجال.

إن المطلوب هو محاربة كل أشكال الجشع، وأداء الواجب بمهنية بعيدا عن لغة الخشب أو المصالح الضيقة التي يدار بها القطاع السياحي، وتجاوز منطق المحاباة و”باك صاحبي” المعمول بها في التدبير، وتسخير الإمكانات القانونية والزجرية الممنوحة لأجهزة الدولة لقطع دبر الفساد، واجتثاث المفسدين الذي يخربون بجشعهم المستقبل المشرق للمنطقة والجهة والوطن، إن الواجب يقتضي الحفاظ على المكان و الرمال و ليس الخيمة، لأن الخيمة لا تأتي بالسياح، بل أن الرمال هي التي تجذب السياح، لذلك وجب العناية بها والاهتمام بها والمحافظة على كل تفاصيلها من صغيرة وكبيرة، ورعايتها من كل أشكال التضييع والإفساد الممنهج، وهيكلة القطاع جذريا بما يقطع مع كل أشكال الفوضى والعشوائية التي يدار بها حاليا، والاستفادة من الإمكانات الكبيرة المتاحة.

كما أنه من اللازم وضع إطار قانوني ينظم مجموعة من الأنشطة السياحية و الرياضات الميكانيكية لتجاوز وضع العشوائية المسجل في هذا الباب، كما أشار إلى ذلك رئيس الجماعة الترابية “الطاوس”، ضمانا لسياحة مستدامة، فالمأمول هو ربط التنمية بالإنتاج من أجل تحسين الوضع العام، وكل ذلك في إطار سياسة قوامها الانفتاح والوضوح مع المواطنين، ونهج سياسة القرب من مشاكلهم، والتعبير عن آمالهم المستقبلية، والمدخل هو مقاربة محلية تساهم فيها كافة القطاعات الحكومية نظرا لتحول المنطقة إلى وجهة عالمية للسياحة، الأمر الذي يقتضي أن تعطى أهمية خاصة من خلال مخطط خاص.

 

التعليقات مغلقة.