فلسطين و رسم معادلة الدم بالدم و القصف بالقصف

محمد حميمداني

 تدمير أبنية مدنية و أبراح و منازل، و قتل مدنيين في حصيلة وصلت لحدود الساعة إلى 53 شهيدا فضلا عن العديد من المصابين، تلك هي الحصيلة الأولية للعدوان الصهيوني الغاشم على فلسطين، في المقابل مقاومة شعبية باسلة عمت كل ربوع فلسطين السليبة و شارك فيها عرب 1967 بقوة مما جعل الكيان الصهيوني يعيش حالة إرباك لا سابق له بوطئته، و هو ما دفعه لإعلان حالة الطوارئ باللذ، فيما صواريخ المقاومة الفلسطينينية تتأر للأقصى و للقدس و تدك أركان عنجهية الكيان الغاصب، و تعري شجرة التوت التي تغطي عورة فلول و قطعان المطبعين المرتمين في أحضان الصهيونية و الإمبريالية العالمية.

 

كعادة الكيان الغاصب و أمام عجزه التام عن تقديم أي إنجاز نتيجة خلو بنك الأهداف، لم يجد سوى تقديم إنجاز دموي يصنف ضمن خانة جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية من خلال قصف و تدمير الأبراج السكنية و المساكن، و الذي أدى إلى انهيار برج سكني مكون من 13 طابقا في غزة و تعرض آخر لأضرار شديدة بسبب غارات جوية نفذها العدو الصهيوني، و التي خلفت سقوط العديد من الأبرياء كما وقع لأسرة استشهد 3 من صبيتها و هم نيام نتيجة هذا القصف الوحشي ، اثنتان منهم يبلغان من العمر 10 سنوات، و شبل رضيع لا يتعدى عمرة الستة أشهر، هكذا يتباهى الكيان الغاصب بإنجازاته الدموية ضد شعب أعزل إلا من الإيمان بحتمية النصر.

 

في المقابل أكدت المقاومة الفلسطينية التي خطت مع كيان العدو قواعد اشتباك جديدة تجاوزت حدود غزة المحاصرة لتصل القدس و الضفة، و اعتبار الاعتداء على المسجد الأقصى و القدس خطا أحمر في مضمار الصراع القائم، و تشطيب بالمداد الأحمر على كل مفردات “صفقة القرن”، التي وحدت الفلسطينيين خلف علم فلسطين و انتفاضة شعب عانى من مؤامرات كونية لاجتثاثه من أرضه و مسح هويته العربية.  

 

وضع يتم في ظل صمت مهين لشتات الأنظمة العربية كما وصف الوضع “وليد جنبلاط” رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، و تخاذل رسمي عن تهويد المقدسات، ليطرح سؤال مشروع أين الوصاية على المقدسات التي يطبل بها بعض القادة العرب و المسلمين.

 

الرد الفلسطيني المكافح و المقاوم على الأرض لم يستكن لمنطق الندوب و العويل أو الاتكال على المدد الميت، بل أعلن التحدي واضعا قواعد للمستقبل من خلال صلية الصواريخ نوعا و عددا و التي عرت و كشفت عن عجز ما يسمى بالقبة الحديدية عن التصدي لها و منعها من الوصول إلى أهدافها المرسومة بدقة، و رفض المقاومة كل أشكال الوساطات المصرية التي هرول لها “ناتانياهو” من خلال مصر، مؤكدة على أن الحق كامل و أن الكفاح المسلح هو الطريق نحو الغد الفلسطيني في معركة هي الأشرس و الأعنف منذ سنة 2014.

العالم المتفرج على هاته المجازر لم يجد من لغة سوى التفرج على كل هاته المآسي و مساواة الضحية و الجلاد، حيث قال مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط “تور وينسلاند” على تويتر “أوقفوا إطلاق النار على الفور . نحن نصعد (الأمور) نحو حرب شاملة . يتعين على القادة من جميع الأطراف تحمل مسؤولية وقف التصعيد”.

وأضاف أن “كلفة الحرب في غزة مدمرة و يتحملها الناس العاديون . تعمل الأمم المتحدة مع جميع الأطراف لإعادة الهدوء . أوقفوا العنف الآن”.

 المشهد على الأرض رسم معادلة جديدة للصراع، “قبة حديدية” كان يقدمها الكيان الصهيوني كعروس إنجازاته العسكرية، تنهار و تستسلم لفجائية و كم الصواريخ العابرة لسماء فلسطين، و مستوطنون لم يجدوا سوى الركض في كل اتجاه و البحث عن ملاجئ في مدن و تجمعات سكانية على بعد أكثر من 70 كيلومترا على الساحل، كل ذلك وسط أصوات الانفجارات التي تعم المكان.

التاريخ الفلسطيني يولد من جديد و يتوهج على طول خريطة فلسطين ، في بلدة اللد أعلن رئيس بلديتها خروجها عن السيطرة و هو ما جعل “ناتانياهو” يعلن حالة الطوارئ بها، و يأمر بإرسال حرس الحدود إليها و إلى عكا و حيفا، و صواريخ المقاومة ترسم خريطة الوطن ، و هي تشق طريق رحلات ذك حصون الاستعمار في كل الاتجاهات ( بئر سبع و تل أبيب ) ردا على قصف البرج السكني في مدينة غزة، وسط حالة هلع شامل و تيهان مع انطلاق دوي كل صفارة إنذار، و مطار الكيان الغاصب الجوي خارج الخدمة بسبب صليات الصواريخ التي استهدفته و شحنات الغاز توقفت بسبب الصواريخ المباركة و اشتعال الحرائق فيها.

 

جامعة الدول العربية لم تجد من العبارات المساندة سوى وصف الهجمات ب”العشوائية و غير المسؤولة”، و البيت الأبيض  قال إن ل “إسرائيل” الحق المشروع في الدفاع عن نفسها من الهجمات الصاروخية، و مجلس الأمن في انتظار الانعقاد مع تعمد الولايات المتحدة الأمريكية تأخير جلسات الانعقاد، وفق ما أفاد به دبلوماسيون، و الخارجية الأمريكية في شخص الناطق باسمها “نيد برايس” لم يجد من لغة سوى دعوة الجانبين إلى الهدوء و “ضبط النفس”، قائلا “نأسف بشدة لوقوع خسائر في الأرواح خسائر في أرواح الجانبين”. 

 

شبح الحرب الشاملة على الأبواب، و الكيان الصهيوني الغاشم يلوح بلغة التصعيد من خلال مشاركة 80 طائرة في قصف غزة، و نشره مشاة و مدرعات دعما للدبابات المنتشرة بالفعل على الحدود، و سماع دوي طلقات مدفعية على حدود غزة، و هو ما يحيل إلى الأذهان مشاهد سنة 2014 .

رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس“إسماعيل هنية”، قال إن الشعب الفلسطيني هو صاحب اليد العليا، معتبرا أن هناك ميزان قوة جديد انطلق من ساحات القدس و الأقصى، و أن معادلة ربط غزة بالقدس تعني معادلة المقاومة مع الهوية، معتبرا بأن فلسطينيي الداخل هم السور الحامي لمدينة القدس و المسجد الأقصى، و أن جبهة القدس هي جبهة الأمة و جبهة المسلمين و لمسيحيين الأحرار، و أن غزة و القدس و فلسطينيو 1948 كلهم يتحركون معا في لوحة متماسكة و متكاملة من أجل مواجهة الاحتلال.

 

التعليقات مغلقة.