هل سَيُدقُ جدار الخزان هذه المرة؟

بقلم: الأستاذ حسن اروش

يقال أن رياح التغيير آتية لا محالة، ومما لا شك فيه أننا على أبواب صيف ساخن  ينبئ بشرقي شديد الحرارة في مدينةٍ عرّفت بالعاصمة الروحية و العلمية  للأقاليم الجنوبية، يعزز هذا التنوع الثقافي الواضح المعالم  للشباب بهذه المدينة، الذي يرقى إلى أن يكون مصدر لابتكار الأفكار وتجديدها، والمساهمة في تنمية الشأن المحلي للمدينة.

لكن في نظر الكثيرين إن لم أقل أغلبهم، لطالما كانت الأحزاب السياسية بمختلف فروعها  بالمدينة مجرد وسيلة لبلوغ  مراتب  يتنافس عليها الكثيرون ويتراضون في ما بينهم، بل ويمكنهم تحييد اللون الحزبي ودوره في المشهد السياسي قبلا، و متى أُريد ذالك، أفكارٌ مسلمٌ بها لديهم بفعل التجارب السابقة للانتخابات، التي لم يجني منها الشباب، سوى الخذلان المستميت، هذا ما يفسر عديد الاحتجاجات من أمام مصالح الإدارة مذ خمس سنون مضت، والتي عولجت تارة بالحوار الايجابي وتارة بالتجاهل وتارة بالقمع.

ونحن نعيش اليوم ظروفا إستتثنائية غيرت نمط الحياة بالعالم بأسره، أجبرنا على التعايش الحذر مع هذا الوافد الجديد “كوفيد 19” بعد ركود مؤقت، واستأنفت  في مابعد، جميع الأنشطة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية، ونحن الآن على بعد خطوات معدودة من الموسم الانتخابي، الذي تميز بانتفاضة شبابية لم تشهدها المدينة من قبل، تجلت في ظهور مرشحين شباب على قائمة اللوائح الانتخابية الجديدة ، شباب حاملي مشروع تغيير، منهم المهندس و المقاول و المثقف والجمعوي  والمعطل.  كل منهم سيسعى إلى جذب ثقة الساكنة المحلية المتنوعة الاطياف و الأقطاب.

وحرّي. بنا نحن شباب السمارة إلى أن نساهم في اختيار من هو الأكثر قدرة على التأثير و خلف التنمية، إن الاختيار الخاطئ هو ذلك الذي يتم على  أسس عائلية أو قبلية أو مناطقية، والذي كانت له خلفية مصلحية نفعية زائلة، فهذا ينعكس بالسلب يبعد إبعاد للكفاءات المتميزة، ويفسح المجال لمن هو أقل مستوى وكفاءة لمجرد قربه من الناخب، وفي هذا تَبخر لطموحات الشباب الأكفاء من بعده (وقد حدث هذا قبلا)، كما أنه من أهم مسببات الفساد بنوعيْه المالي والإداري، لهذا  وَجب وجب علينا نحن الشباب محاربة هكذا أفعال عن طريق التوعية و المشاركة في العمل السياسي. فالاختيار  الأنسب للمدينة.

برمتها يجب أن يكون مبنيا على أسس موضوعية قابلة للقياس كالدرجة العلمية, والخبرة السياسية والقانونية و مدى الانخراط في تحقيق نجاحات الأعمال المنجزة قبلا.

فالوقوف على مسؤوليات وسلطات المناصب الجاري التصويت عليها من غرف و مجالس إقليمية و بلدية  يساعد بشكل كبير على الفصل بين المرشحين , و اختيار الشخص المناسب حسب كفاءته وخبرته التي تمكنه من تولي مسؤوليات هذا المنصب بالشكل الأمثل. ولهذا فالدرجة العلمية والخبرة العملية والقانونية والسياسية، تعد من أهم المقومات للاختيار الحكيم و الأمثل, إذ أنها تعطي المرشح مساحة أكبر في التعامل مع القضايا التي تمس صالح المدينة والساكنة على حد سواء على الصعيدين السياسي والاقتصادي, وتسهم بشكل كبير في التنبؤ بآلية تبني المرشح للمواقف والقضايا التي تهم مصلحة الوطن بشكل عام ومصالح الشباب بشكل خاص تحت قبة البرلمان.

فمثل شباب السمارة الطامح لمستقبل أفضل، كمثل شخصيات غسان كنفاني في رواية “رجال تحت الشمس” أبو قيس “ومروان ،واسعد، ضحايا الواقع السياسي و الاجتماعي بفلسطين،

“فأبو قيس” الذي فقد بيته وشجيرات زيتونه، يحلم باستعادة ما ضاع منه، فيرضخ للضغوط ويقرر الرحيل إلى العراق ومنها إلى الكويت باحثا عن ثروة ومستقبل جديد لزوجته الحامل وإبنه الصغير.

“مروان” الشاب الذي أجبر على ترك المدرسة والذهاب إلى مدينة البصرة العراقية ومنها إلى الكويت، لإعالة أسرته التي توقف أخوه عن مدها بالنقود، وهرب منها والده وتزوج بفتاة معاقة، فقط لأنها تملك دارا من ثلاث حجرات وسقف إسمنتي بدلا من مخيمات اللاجئين!

وأسعد الناشط السياسي الذي يهرب إلى العراق مخططا للدخول إلى الكويت وتكوين ثروة يرد بها قرض عمه ويتزوج، لكننهم لم يحسنو اختيار السائق المهرِب أبو “الخيزران” وهم من وثقوا به حيث استسلم إلى نزعاته ونواقصه في حديثه مع حرس الحدود و نسي من هم داخل خزان الشاحنة، وحرارة الكويت في أوج توهجها مما أدى إلى موتهم  اختناقا، قبيل الوصول، وبالتالي تبخر كل أحلامهم.

فنحن كلنا مروان و أبو قيس واسعد ،فلا تكونو نسخة مطابقة لأبو الخيزران الذي أهمل الشباب وتسبب في اختناقهم و موت أحلامهم.

رحم الله الشباب ،ورحم الله” غسان كنفاني”.

 

التعليقات مغلقة.