الاصلاح العميق للمنظومة الصحية عناصر الاصلاح الجذري للمنظومة الصحية في كل تجلياتها وابعادها.

مولاي الهاشمي الميري

لا حديث هذه الأيام الا على النموذج التنموي الجديد، وما جاء به من افكار جريئة وتقاطعها مع ما سبق الافصاح عنه من عناصر الاصلاح الجذري، للمنظومة الصحية في كل تجلياتها وابعادها. وكل هذا لعمري فيه الخير كل الخير لوطننا العزيز ويشجع على التفاؤل بغد أفضل لأبنائنا.

غير انه وموازاة مع كل الاشارات الايجابية، التي بدأت بالتعليمات الملكية السامية المتتالية بإعداد تصور شمولي للإصلاح الجذري، للمنظومة الصحية باعتبارها مكونا من مكونات منظومة الحماية الاجتماعية، والتي تلتها تعليمات ملكية اخرى واضحة وصارمة لتوسيع نطاق التشاور، والمشاركة نظرا لإدراك جلالته مدى خطورة التفكير احادي الزاوية بمنطق الوصاية، ونظرية الحلول وما قد تحدثه من خلل لا يعكس جوهر الارادة الملكية السامية.

وموازاة مع التضحيات، التي يقدمها يوميا مهنيو الصحة بمختلف فئاتهم وتخصصاتهم العلاجية والتدبيرية والتقنية وغيرها، بدأت للأسف تطفو على السطح، بعض الممارسات الغير مفهومة المقاصد، وبدأت تصدر بعض الاشارات التي توحي بان تنزيل الاصلاح، ربما بدأ يصاغ في دوائر مغلقة دون اشراك جميع ممثلي اصحاب الشأن انفسهم وفي غياب اي حوار او مشاركة في النقاش، ولأن كل واحد “خايف على خبيزتو” كما يقول المغاربة، بدأت تتقاطر بعض البيانات الفئوية المشروعة، والتي ربما لا تغوص حتى في عمق الأشياء، نظرا لغياب المعلومة الصحيحة او حجبها عن المعنيين بالأمر، مما ينبئ بان مركبة الاصلاح انطلقت دون ركاب ،وهي سائرة في طريق غير معبد، قد ينحرف بها عن المسار السليم في أي لحظة مما سيفرز لا محالة احباطا جديدا، للجميع وعلى رأسهم المواطن المحتاج للعلاج وللخدمات الصحية والمواطن الممتهن لمهنة من مهن الصحة والمواطن الأب والأم، الذي له أبناء متمدرسون مواطنون أيضا يطمحون لأن يصيروا اطرا في علوم التطبيب، أو التمريض أو الهندسة البيوطبية، أو علوم تدبير الموارد الاستراتيجية او علوم الاعلام الصحي وغيرها من التخصصات، التي تكتسي طابعا خاصا عندما تمارس بقطاع الصحة.

أمام هذا الوضع، المثير للخوف والتخوف والفزع والهلع، هل علينا ان ننتظر حتى تقع الفأس في الراس؟ ونحن نرى ونقرا ونسمع ما يتم تداوله في السر والعلن؟

 

في رأيي المتواضع من المفترض أن يتحرك الجميع، من نقابات وجمعيات وتنسيقيات ونواب برلمانيين وصحفيين ومراسلين ومؤثرين ومواطنين، نشطاء وغيرهم ممن لديهم صفة، أو آلية تؤهلهم للتعبير عن أراءهم وتبليغها بوسائلهم المناسبة إلى من يهمهم الأمر. من المفترض ان يطالب كل هؤلاء من خلال بياناتهم واسئلتهم الشفوية ومذكراتهم الادارية وعرائضهم الجمعوية أو الشعبية ومقالاتهم وتعليقاتهم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، والصحافة الإلكترونية، بأن يتم الإفراج عن مسودات النصوص التشريعية والتنظيمية ان وجدت قبل وضعها في مسطرة التصديق، لتؤخذ بكل شفافية كأرضية للتفكير الجماعي الجاد والمتبصرأو أن يفسح المجال أمام نقاش عام منظم ومسؤول، يتم في إطاره طرح الأسئلة الصريحة، لكل من يهمهم الأمر، خاصة من يملكون زمام الأمور، أو زمام المبادرة حول حقيقة ما يدور وما يحاك، وما يتم إعداده لتنزيل مختلف محاور إصلاح المنظومة الصحية، لمعرفة مصدر تلك الأفكار وهوية أصحابها، ومناقشتهم بكل تجرد ووطنية دون تخوين أو إتهام أو استاذية والعمل سوية على تبديد التخوفات المشروعة للمهنيين، الذين يطالبون بان يحترم ذكاؤهم وان يفسح المجال امام من يمثلهم لإسماع، اصواتهم المعبرة عن أراء فئاتهم المختلفة ونظرتهم الشمولية للمنظومة الصحية الموعودة من خلال توسيع دائرة التفكير والتشاور تنفيذا للتعليماتن الملكية التي تدعو للمشاركة الموسعة ونبذ عقلية النظرة الاحادية الزاوية وفرض الوصاية من داخل او من خارج القطاع والتي لم تنتج لحد الآن سوى مزيدا من الرداءة التي حجبت الانظار عن كل المنجزات الجبارة والتضحيات التي قدمها القطاع العمومي للصحة منذ فجر الاستقلال ودفعت به اليوم الى حالة هي اقرب الى الافلاس.

 

والخوفن كل الخوف الآن ان يكون الهدف، من بعض الخرجات المتهافتة التي تركز الاهتمام على الفئات العلاجية دون سواها فيما تم تسريبه ،لحد الأن هو فقط من أجل جس النبض او مقايضة بعض الفئات الوازنة عدديا ونوعيا بتعويضات هزيلة تنفس عمن لا زالوا في طور التكوين وبوظيفة عمومية للصحة (مفصلة ظاهريا على مقاس من يمارس منهم في القطاع العمومي ) لضمان حيادها اللازم لتمرير نصوص تنظيمية اكثر عمقا وتأثيرا على المشهد العام والشمولي ربما تم او يتم اعدادها بشكل متسرع لن يؤدي الا الى استقطاب الرأسمال الليبرالي المفترس والى اغراق السوق الوطنية بالممارسين الاجانب من جنسيات ربما يرتاح معها اصحاب الشكارة دون حد ادنى من الضوابط اللازمة لتدبير المخاطر ولضمان السيادة الوطنية على هذا المجال الاستراتيجي وإحقاق حق الافضلية والاولوية للرأسمال الوطني وللأطر الوطنية التي يرهق تكوينها كاهل كل الاسر المغربية، علما بان افساح المجال للاستثمارات والكفاءات الاجنبية هو امر محمود ومرغوب وحتمي وفيه حتما خير عميم ودعم للمنظومة شريطة ان يخضع لضوابط متفق حولها والا يتم على حساب المصالح العليا والطاقات والكفاءات الوطنية.

 

من المفترضن ان يتواتر طرح كل الاسئلة الملائمة للظرفية من كل الجهات والزوايا قبل فوات الأوان وفق الألية المناسبة لكل متدخل لعل وعسى يتم تغليب العقل والصواب على الارتجالية والتسرع الذي لن يخدم مصلحة الوطن والمواطن بالشكل الذي نطمح اليه جميعا ويطمح اليه عاهل البلاد وأن يتم توسيع دائرة التشاور والمشاركة لان ذلك من شروط نجاح الاصلاح الجذري للمنظومة الصحية ببلادن.

التعليقات مغلقة.