حفل شاي الأخوة بمسجد الأخوة بلامينو ستراسبورغ

بقلم الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون   ستراسبورغ فرنسا

علم جيدا جميعا علم اليقين أن المساجد لله وحده سبحانه وتعالى, لما لها من أهمية كبرى في الإسلام وفي حياة المسلمين، أخصهم الله فيها للعبادة، مكان تقام فيه النواة الأولى ألا وهي سلسلة حلقات العلم والتعلم مصداقا لقوله تعالى( إقرأ )، وحلقات حفظ كتاب الله، وإقامة الصلوات وباقي العبادات, فمشروع المسجد في مثل هذه الحالات والمساهمة في بنائه و تشييده في الأماكن البعيدة و الأحياء التي تفتقر إلى مسجد لاسيما في أرض المهجر أرض الله الواسعة التي يجب إعلاء كلمة الله فيها والعمل على زرع نواة أماكن العبادة لعباده لتمكينهم من القيام بشعائرهم الدينية بكل أريحية في طمأنينة و سكينة, فذلك يعد من أروع أبواب وطرق اكتساب الأجر والحسنات الكثيرة وترك الصدقات الجارية لما بعد الموت.

وقصة هذا المسجد تختلف كثيرا عن باقي القصص الكثيرة الأخرى التي تروى عن مسلمي فرنسا.والتي ولدت منها تسمية الأخوة في غضون شهور و نمت و ترعرعت والتي انفصلت عن اليقظة وهي الصحوة وما تحمله الكلمة من معنى وجوهر من وعي و تحسيس و حماية ووقاية من أفة المخاطر والكوارث لا قدر الله. والتي تعكس في بعض جوانبها المشاكل التي تواجه المسلمين، لاسيما فيما يخص التزامهم بشعائرهم الدينية. من بينها عدم وجود المساجد الكفاية والقريبة منهم في المنطقة للسماح لهم باللقاء و الاجتماع للصلاة بكل أريحية بشكل جماعي خاصة في المناسبات والأعياد الدينية. والتي تساعدهم على الاستقرار النفسي و البدني و الاجتماعي وغيره.

وبحكم إن مدينة ستراسبورغ أصبحت اليوم يضرب بها المثل اليوم في ربوع العالم الأوروبي عموما وفرنسا خصوصا في مجال المبادرات الخيرية التطوعية في بناء المساجد والمراكز الإسلامية التي ذاع صيتها فاح أريجها وشذي عبير ريحانه و تعدى خارج أسوارها وراء الضفة الأخرى ليصل لمسامع باقي ربوع أرجاء المعمورة خاصة أن مسجدها الكبير يعد أكبر مسجدا مساحة في التراب الفرنسي وهو فخر ومكسب للجالية الإسلامية برمتها و لأعمالها و ملتقياتها وندواتها ومؤتمراتها الرامية إلى تعزيز فقه الحوار بين مختلف الديانات والحضارات و الثقافات والحرص على السلم و السلام و نبذ العنف و الكراهية.

في مبادرة إنسانية أخوية من جمعية مسجد الأخوة بلامينو ولفتة تضامنية من الوافدين وجمع الحضور من سلطات ومحليين ومسؤولين ومنتخبين وإعلاميين وضيوف وفي جو ممطر غائم، انطلقت فعاليات الأمسية الربيعية في نكهتها التقليدية وعراقتها الاجتماعية وثقافتها الشعبية المتجذرة من الأعماق والمنبعثة من رحم الأصالة والجود والكرم في مثل هاته المناسبات الأكثر شعبية. بداية حفل شاي الأخوة كانت بومضة تقديمة من تنشيط الثنائي الأخ محمد وصاحبة الحنجرة الذهبية الصادحة السيدة مغنية أحمد احدي ركائز الجمعية وإطاراتها الناشطة الفاعلة في حقلها التعليمي التربوي رفقة رفيقاتها وزميلاتها المتطوعات المجندات للعمل الخيري في سبيل الله وفي أهم بيوته المختارة. بكلمة ترحيبية لفضيلة الشيح الدكتور صالح حفاي رئيس الجمعية وإمام المسجد وأحد الشخصيات البارزة في المجتمع وفي الحقل الإسلامي برمته على كافة الأصعدة والمنابر، شاكرا الحضور على تلبية الدعوة وتشجم التنقل وعناء السفر لمن هم بعيدين عن المسجد خاصة في ظروف الأحوال الجوية الراهنة التي لا تسمح بالتنقل ولا الحركة فما بال الحضور للحفلات. تطرف إلى التعريف للمعنى الحقيقي للصداقة و كيف جاءت الفكرة وإختيار الإسم الذي تمت الموافقة عليه بناء على الجمعية العامة التأسيسية المنعقدة بتاريخ 23 فيفيري 2021 لفصل الجانب الديني عن الثقافي عن جمعية اليقظة بلامينوا (Eveil La Meinau)، مكان للصداقة لكي يجد كل إنسان مكانه ومكانته ونفسه فيها بكل أرحية، بموجب القيم و المراجع الإنسانية إنطلاقا من كتاب الله و ديننا الحنيف السمح الذي يحث على الأخوة والتعايش السلمي و على مواثيق القوانين و اللوائح الأممية لحقوق الإنسان المعتمدة. كلمة مختصرة وباعثة لرسالة حاملة للخير والسلام تربعت على قلوب مستمعيها.

عقبه السيد أليون المهندس الرئيسي لنشاطات المسجد وناطقه في كلمة شكر قصيرة مؤكدا على هدف الجمعية وفضاءها الشاسع بخلق حرم مواطنة وسلم وإظهاره في صورة ظل تعاليم ديننا الحنيف تماشيا وقوانين الجمهورية، ليقوم الجميع بالمساهمة سواسية لكون كرامة الإنسان جد ثمينة محفوظة ومصانة، لنعيش في أمان, كون لامينو هو مخبر حوار ديانات ومواطنة وحضارات.

تواصلت فقرات المداخلات من ضيوف وشخصيات صبت في مجملها على الحرص على أهمية المكان وقدسيته وحرمته والعمل على تحقيق المشروع وإنجاحه.

وفي ختامها دعي الحضور لزيارة أجنحة المعارض المقامة ومحاورة القائمون عليها لكل معلومة وإستفسار سواء في فيما يخص مشروع بناء المسجد و مبلغ قيمة وضع ألى لبنته الحجر الأساسي التي حدد لها تاريخ 2 أكتوبر 2021 إن شاء الله، ومعرض نشاطات المسجد بها فيه قسم التعليم و دعوة الأهالي للاطلاع عليه و زيارة الجناح الأهم ألا وهو قسم سبر الآراء ودعوة الأباء و الأمهات لإبداء ملاحظاتهم و تقديم مقترحاتهم و توجيهاتهم فيما يخص طريق تعليم اللغة العربية وتطويرها.

وختامها مسك:

ونكهة حلاوة حفل الشاي في أمسيته المختارة ولحظاتها الودية في دفئ عائلي أسري وجو أخوي بما تحمله الكلمة من معنى، كانت حول طاولة الشاي التي أجتمع حولها جمع الحضور لعشرات الجنسيات بإختلاف ألوانهم وألسنتهم, تجمعهم مظلة الاخوة و الصداقة الصادقة دون زيف ولا نفاق, لتناول مختلف كؤوسه على الطريقة الصحراوية المغاربية بربوع مدنها وجهاتها وما رافقها من مرطبات ومشروبات ومائدة روائع أجود الأصناف المميزة وأحلى أطباق الحلويات المعدة من طرف حرائر الجمعية ومتطواعاتها مما لذا وطاب واللواتي أخذن زمام المبادرة على عاتقهن من تحضيرات وإعداد طيلة الأسبوع ليكن في الموعد المحدد ولا يتخلفن عن الركب رفقة باقي إخوانهم المتطوعين. إذ بتن ساهرات طوال الليل لمطلع الصبح وراء الفرن في تسابق مع الزمن ليكن في الموعد ساعة وزمانا. ولقد برهن على تحديهن المشرف وعملهن المبهر الذي أسال اللعاب وإلتف حوله جمع الحضور و ما من ذاق و تذوق إلا وطالب بأخذ صحن مشكل من باقة الأصناف ليشارك أسرته و عائلته و أصدقائه.

وعلى هامش ولدت فكر تأسيس مجلة لنشاطات المسجد تدون فيه جميع مقالاتنا التي انجرت واعدت عن هاته النشاطات و الملتقيات المسجدية, كما كانت مبادرة الأستاذ جميعي رفقة السيدة مغنية تصب في نفس القالب و التي سترى النور مستقبلا إن شاء الله إضافة إلى مواضيع أخرى و أبواب ومحاور متعددة.

تكللت الأمسية بجلسة أدبية ثقافية جمعت كبار المسجد ورواده الأوفياء ترأسهم العم المقدم الحاج عمار صاحب الثلاثة عقود ونيف في خدمة المساجد الموسوعة التاريخية للمهاجرين و أساطير روايتهم و الحاج عبد القادر و الشيخ الحساني و غيرهم حفظهم الرحمن أمسية تنوعت بين العلم و الفكر و الأدب والشعر و التاريخ و التراث و الثقافية . كما كانت فرصة فضاء تلاقي للكثيرمن المهاجرين وتبادل اخبارهم ومعرفو امورهم واحوالهم ومن تزاورهم رغم إنقاطعهم عن بعض وحرمانهم و من محاسن الصدف تم لقاء احبة تفرق مند سنة 1997 وشاء القدر أن يجتمع ثانية سنة 2021 فسبحان الله مسهل الأسباب و جاز الله الخير على إتاحة الفرصة.

كانت أمسية بأتم معنى الكلمة جاز الله الخير المحسنين على ما بذلوه والقائمين على ما فعلوه والحضور لما حضروه لتكتمل الصورة و تشكل اللوحة المطلوبة رسما و تخطيطا و هندسة. لا شيء إلا أجل القيام جميعا بيد واحدة وصوت عالي لبناء روابط الأخوة و الصداقة على أسسها المتينة و روابط أواصرها المتجذرة للم الشمل و الحرص على الوحدة ورص الصفوف تحت مظلة المسجد الجامع الشامل. أمسية أستغرقت قرابة الستة ساعات من الوقت من الظهيرة للمغرب كان ختامها مسك تلاوة عطرة و دعاء ختام مجلس لفضيلة الشيخ صالح فاي حفظه الرحمن.

بقلم الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون   ستراسبورغ فرنسا

 

التعليقات مغلقة.