غلق الحدود الليبية الجزائرية و جعلها مناطق عسكرية

صبرينة مسعودان

ميليشيات اللواء خليفة حفتر تُغلق الحُدود مع الجزائر، وتَجعلها مَنطقة عَسكرية بعد أسبوعين من تصريح الرئيس الجزائري تبون بأن الجزائر كانت على وشك التدخل عسكريا لمَنع سُقوط العَاصمة طرابلس.

 بعد مُقابلة أجراها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مع قناة الجزيرة القطرية اليوم الثامن من الشهر الجاري، أين أوضح فيها الرئيس الجزائري موقف بِلاده من القضية الليبية، وانه كان سيوافق بالتَدخل العَسكري في حالة ما تعرضت العاصمة الليبية لأيَة تَهديد من طرف المُرتزقة، بقوله بصَريح العِبارة:” طرابلس خط أحمر.

 

مِن المَعروف أن الجزائر تَرتبط مع ليبيا بِحدود تَمتد على طول نحو 1000 كلم، فيها 3 معابر برية، تتمثل في معبر الدبداب/غد أمس في أقصى الشمال، و معبرين في أقصى الجنوب ( الذي فرت  منه عائلة القذافي إلى الجزائر سنة 2011)، ذَكرت وكَالة “سبوتنيك” أن ” قُوات حفتر لَم تسْتحوِذ على المعابر الثلاث، بَل تُسيطر فقط على مَعبر إيسين الحُدودي في مدينة غات جنوب غربي ليبيا، و بِحسب ما أصدرته القُوات الموالية لقائد القُوات المسلحة حفتر، فإن إغلاق المَعبر و تَحويله لِقاعدة عَسكرية تم بهدف تأمين المنطقة الجنوبية من العمليات الارهابية، التي تُنفذها جَماعات مُتطرفة جنوب غربي ليبيا.

 

في ظِل التحركات العسكرية الليبية، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية في بيان، أن وزير الدفاع سعيد شنقريحة يقوم بزِيارة رَسمية إلى روسيا ابتداء من يوم 21 يونيو الجاري، بِدعوة من وَزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو للمُشاركة في فَعاليات النَدوة التاسعة للأمن الدولي، التي تُنظمها روسيا يومي 23 و24 يونيو بموسكو. وهذا بعد حوالي أسبوع من زِيارة وفد عسكري روسي، يقُوده مدير المَصلحة الفِدرالية للتَعاون العَسكري والتقني لفدرالية روسيا، “ديميتري شوغاييف” بِمقر رئَاسة أركان الجيش. أين تبادل الطَرفان الحديث حول التَعاون العَسكري والتِقني و سُبل تَطْويره أكثر، في إطار تَعزيز مُستوى الشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدين. و في مُداخلة للفريق شنقريحة في اليوم الثاني من النَدوة أكد أن المُؤتمر فَعال و مُهم لتَبادل الأراء حول المسَائل الامنية الإقليمية و الدولية، و في إشارة مُباشرة لما تعيشه المَنطقة المَغاربية و الإفريقية بشكل عام والجزائر بشكل خاص، صرح الفريق شنقريحة حسب جريدة الشروق :” أن رغم الاحتواء والتقليل من حدة التهديدات ومخاطر النزاعات المسلحة، بين فاعلين حكوميين تقليديين، إلا أنه من الواضح و التهديدات المعاصرة أصبحت عابرة للحدود، وغالبا ما تكون متعلقة بفاعلين غير حكوميين، ولا شك أن التَهديد أصبح مُنتشرا و مُتعدد الأوجه وأكثر خبثا”. وهذا فعلا يَنطبق على ما تَشهده مُعظم البُلدان الإفريقية، طالما يتم النِزاع بصفة رسمية بين أطراف حكوميين يَكمن في تَدخل غير مرئي لأطراف اخرى غير شرعية، قَصد التفريق والتَرهيب، وطبعا كل ما يَخدم المصلحة للأطراف المُعادية الغير حكومية.

تَحرُك القُوات التابعة لِحفتر ناحية الحدود الجزائرية عقب تَصريح الرئيس تبون، بِدون بيان واضح للمجلس الرئاسي الليبي “القائد الأعلى للجيش”! ما هو إلا رَدة فِعل ساذجة لزيادة مِساحة نفوذه، ففي الأيام الأخيرة أطلق عملية عسكرية في الجنوب الغربي لِتَعقب ما أسماه بالإرهابيين التكفيريين، وَ طَرد عِصَابات المُرتزقة الأفارقة التي حَسب البيان تُهدد الأمن والاستقرار وتُمارس كل أشكال النهب، في حين أن التحليل المَنطقي حسب خبراء سياسيين اتجاه هذه الخطوة، يشير الى أن اللِواء حفتر يَقُوم بعَملية عَسكرية مُزدوجة الأهداف، بِداية مع ضَم الميِليشيات الخارجة عن القانون لضَمان ولاءه و نفوذه، و في نفس الوقت  من يَسعى للسَيطرة على كافة الدَوائر الانتخابية بالجَنوب مع إبعاد أي مُعارِض له. وبالتالي يُحافظ على صِفة القائد الأعلى للجيش أمام أهالي المَنطقة، مُتَغاضي تماما عن أعراف المُجتمع الدولي، و خَرق مُباشر لاتفاق الهُدنة بين طَرفا الصِراع في ليبيا .في حين أن وزير الخارجية الجزائرية “صبري بوقادوم” كان قد أعلن نِهاية الشَهر الماضي.

 خِلال إشرافه على افتتاح المُنتدى الاقتصادي الجزائري الليبي المُنعقد بِفندق الأوراسي بالجزائر العاصمة، أن الجزائر بِصدد الوُصول إلى نِهاية وَضع التَرتيبات اللوجيستية و التِقنية بالتنسيق مع ليبيا، مِن أجل إعادة فَتح المَعبر الحُدودي بين البلدين” الدبداب ” لتسهيل عُبور مُواطني البلدين، خاصة أهالي المَنطقة الحُدودية، و أيضا فَتح الخط البحري للتَبادل التِجاري مُستقبلا، و هذا بالضبط ما لا يُريده حفتر (أن يتم التواصل البري و تنقل المُواطنين في المناطق الحدودية للبلَدين). و  مِن البديهي أن اللِواء المتَقاعد يَسعى الى حملة تَرويج واسعة عبر خلق بروباجَندا على حِساب دُول الجِوار، تَحضيرا للانتخابات الليبية التي سَتُقام نِهاية هذا العام.

 

التعليقات مغلقة.