موقف “منيب” يحصرها في الزاوية ودعاوى لطردها من الحزب

محمد حميمداني

 أشعل قرار “نبيلة منيب” ، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد ، الانسحاب من التوقيع المشترك مع كل من حزبي الطليعة الديمقراطي الاشتراكي و المؤتمر الاتحادي من التصريح المشترك الذي قدم إلى وزارة الداخلية ، فتيل حرب داخل الحزب ، فبعد رفض رؤوس قيادية بالحزب القرار واصفين الخطوة ب “المشؤومة” ، و مسلطين جام غضبهم على تفرد “منيب” بالقرارات

و مشددين على ضرورة معاقبتها بصرامة و التي قد تصل حدود الإقالة أو الطرد من الحزب.

 جاءت كل هاته التفاعلات التي أوصلت المشهد الداخلي للحزب الاشتراكي الموحد إلى هاته الوضعية عقب قرار “منيب” المفاجئ و الأحادي بالخروج من التنسيق الانتخابي المشكل في إطار فدرالية اليسار الديمقراطي ، منهية بذلك أحلام العديد من “الرفاق” ، بتحقيق وحدة اليسار و تشكيل تجمع يساري كبير تكون نواته الأحزاب الثلاثة التي تشكل أذرعه.

 خروج الأمينة العامة للحزب عن هذا التوجه و قرارها التنصل من بنود الاتفاق و الانسحاب الأحادي من هذا التنسيق اليساري ، قوبل برد فعل قوي من داخل الحزب الاشتراكي الموحد ، من خلال عريضة تنديدية بالقرار حملت توقيع 100 شخصية قيادية بالحزب ، ضمنها “محمد الساسي” منسق سكرتارية الحزب ، و “محمد حفيظ” نائب الأمين العام ، و “محمد مجاهد” الأمين العام السابق للحزب ، و أعضاء من المجلس الوطني للحزب ضمنهم “نجيب أقصبي .” و أعضاء المكتب السياسي للحزب من بينهم “فاطمة الزهراء الشافعي ، نائبة الأمين العام ، منذر السهامي ، كمال السعيدي” ، إَضافة إلى “مصطفى الشناوي” النائب البرلماني و “رجاء كساب” المستشارة البرلمانية،الذين رفضوا الخطوة ، واصفين إياها ب “المشؤومة” ، متهمين الأمينة العامة ، في بيان صادر عنهم ، بعدم الرجوع إلى الأجهزة التقريرية في اتخاذ القرارات .

 و في سياق مرتبط بالخطوة يتم الإعداد داخل دواليب الحزب لإقصاء “منيب” من المسؤولية القيادية ، بل هناك أحاديث عن إقصائها بشكل نهائي من الحزب ، فيما تسابق “نبيلة” الزمن من خلال الاتصال بعدد من فروع الحزب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حضورها و هيبتها و استدراك ما يمكن استدراكه ، في وقت أعلنت التعبئة العامة داخل الحزب لإسقاطها من عرش القيادة و الحزب .

 المواقف المحلية الصادرة عن الفروع كانت قد أدانت الخطوة ، و طالبت الأمينة العامة للحزب بالتراجع عن هذا القرار و العودة لآليات التنسيق الوحدوي مع مختلف مكونات الفدرالية محليا و جهويا و وطنيا .

 وكانت”منيب” قد فاجأت مناضلي الحزب و الرأي العام الوطني بعد قرارها بسحب توقيعها من التصريح المشترك الذي قدم إلى وزارة الداخلية صحبة كل من “علي بوطوالة” ، الكاتب الوطني لحزب الطليعة الديمقراطي ، و “عبد السلام لعزيز” ، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي ، و الذي نص على دخول غمار انتخابات 2021 بترشيحات موحدة ما بين الأحزاب الثلاثة المكونة للفدرالية .

     مصادر إعلامية عزت القرار المتخذ من طرف “منيب” إلى مسألة متعلقة بالانتخابات الجهوية بجهة الدار البيضاء – سطات و عدم قدرتها على ضمان مكان لها في سوق الترشيحات على مستوى الفدرالية ، إضافة إلى المشاكل الداخلية التي طفت على السطح داخل الفدرالية و ظهور تيار جديد داخلها ، بل أن “منيب” لم توضح خلال اجتماع الهيئة التنفيذية للفيدرالية ، أسباب توجهها لوزارة الداخلية لسحب توقيع حزبها من التصريح الذي تم التقدم به منذ أسبوعين .

 “عبد السلام العزيز” ، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي ، قال إن انسحاب “نبيلة منيب” و حزبها من الفدرالية “لا يمنع من دخولنا باسم الفيدرالية و برمز “الرسالة” في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة” ، مشيرا إلى أن القانون الخاص بالفيدرالية ، لا يمنع الانسحاب ، كما لا يقر عدم استمرار التنسيق .

 اجتماع المكتب السياسي لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي و الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي بحضور أمينيهما العامين على خلفية القرار ، و لرسم الآفاق ، أكد على ضرورة خوض المعركة الانتخابات المقبلة باسم تحالف فيدرالية اليسار و رمزه “الرسالة” و استكمال جميع المهام التنظيمية و النضالية التي سبق أن تم الاتفاق عليها بالهيئة التنفيذية ، مشددين على ضرورة الاستمرار في التنسيق و الوحدة بين الحزبين و انفتاحهما على كافة التيارات اليسارية ، و معبرين عن أسفهما من قرار “منيب” معتبرينه “انقلابا على القانون الأساسي و الورقة التنظيمية لفدرالية اليسار الديمقراطي” ، و أنه “أتى في لحظة حرجة و بمبررات غير مقبولة” .

 و كان العديد من مناضلي الحزب الاشتراكي الموحد قد نددوا بقرار “منيب” سحب التوقيع ، حيث وصف “الشناوي” البرلماني عن الفدرالية ، التصرف ب “الطائش و الأرعن” و أنها انقلبت على قرارات الحزب و مواقفه و التزاماته و بدون الرجوع إلى مؤسساته ، و أن هاجسها الأكبر أصبح هو الظفر بمقعد في مجلس النواب بطريقة سهلة من خلال اللائحة الجهوية لجهة الدار البيضاء – سطات ، مضيفا “لقد طال سكوتنا حفاظا على وحدة الحزب ، لكن لقد وصل السيل الزبى و لا يمكننا الاستمرار في السكوت عن عملية التخريب والتدمير الممنهجة لحزبنا و التخلي عما راكمه من تجربة و مصداقية و حضور لدى المواطنين بفضل صمود و نضال و وضوح مناضلاته و مناضليه و ليس بسبب الشعبوية و الأنا المضخمة لدى البعض ، و لن نستمر في السكوت عن خرق القانون و تهميش المؤسسات و تحييدها باعتماد التسلط و الإقصاء و الاستبداد و الكذب و التخوين و الدسائس و سلوك أساليب غير ديمقراطية لتهريب المؤسسات من أجل الانفراد بالحزب” .

 و كانت “نبيلة منيب” قد قررت سابقا طرد النائب البرلماني “عمر بلافريج” من الحزب بسبب تصريحات مثيرة للجدل حول “كورونا .

 و للإشارة فإن اجتماع المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد ، في دورته المنعقدة ببوزنيقة في 30 نونبر 2019 ، كان قد اعتبر “أن المشروع الاندماجي يمثل خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه ، و جوابا ملحا على تحديات يطرحها الوضع السياسي الحالي ببلادنا ، و يثمن كل ما تم إنجازه ، و يحيي الجهود المبذولة من طرف كافة المكونات ، على طريق إنجاح المشروع” .

 فهل سيدفع قرار “منيب” إلى مزيد من التصلب من الجانبين ، خاصة بعد حديث المعارضين لقرارها ، و هم من الصفوة الأولى في الحزب ، و هجومهم الكاسح عليها و بلغة تجاوزت آليات اللباقة في القول ، بضرورة إقالتها و طردها ليس من منصب الأمانة العامة فحسب بل من الحزب ككل ، مما يشكل محطة مفصلية قابلة للمزيد من التطورات التي لن تخرج إن لم يتم تدخل حكماء الحزب إلى حصول شرخ داخل الحزب الاشتراكي الموحد ، مما سيعمق مسلسل التفتيت الذي يضعف اليسار و يحد من حضوره الجماهيري ، بما أن لغة الخشب و لغة المصالح البراغماتية هي التي تقود زعامات بعض هاته المكونات بدلا من تعميق الديمقراطية الداخلية التي يناضل اليسار من أجل تجسيدها سلوكا دولتيا و مؤسساتيا في جميع مؤتمراته و أوراقه السياسية ، لكنه يعدمها داخليا بقدرة سطوة المصالح على الفكر و وحدة المبدأ .

 

 

التعليقات مغلقة.