نداء الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ” نموذج تنموي جديد” للنساء والفتیات أیضا!

إذا كان ” النموذج التنموي الجديد” المقترح یسعى لخلق توافق آخر بین مختلف الفرقاء السیاسیین، فما مصیر المشروع الديمقراطي للبلاد وموقع المغربيات؟

بل وما الحاجة أصلا للبرامج الانتخابية، وللانتخابات نفسها، إذا ما اتفق جميع الفرقاء حول النموذج ومیثاقھا؟ ألا یستبعد “النموذج” كلا من المجتمع السياسي والمدني إزاء نموذج تبدو معالمها محددة مسبقا واعتماده من قبیل تحصيل الحاصل؟

إن التفكیر في مغرب 2035 یعني، بالنسبة لنا، وبشكل أساسي، القطع مع مقاربات سبق العمل بھا لعقود بھدف تقویة وتثبیت تصور ذكوري للعلاقات بین الرجال والنساء، ومن ذلك:

الإبقاء على “حصن منیع” حول العلاقات بین الجنسین في الفضاء الخاص، وھو المجال الوحید الذي توقف القانون الوضعي عند حدوده، الأمر الذي یضعف أثر قوانین أخرى ظلت تحت “وصایة” التشریع الأسري، كما النساء والفتیات أنفسھن.

تقعيد ھذا التصور بالاستنجاد بالفقھ، في حین أن الإصلاح الذي تم في 2004 أبرز دور الإرادة السیاسیة في التراجع عن معتقدات كانت تبدو ثابتة مدى الدھر.

مأسسة الفكرة التي تعتبر النساء ” فئة ” (وبلغة الابداع التواصلي ” عنصر نسوي”) تخصص لھا فقرة في كل أصناف الوثائق الصادرة عن الفاعلين السیاسیین والحزبیین.

التشبث بالآلیات الحكومیة التي “تعتني بالمرأة” باعتبارھا مسألة اجتماعية تدخل ضمن اختصاص یشمل الأطفال والمسنین والأشخاص في وضعیة إعاقة.وھم أصلا رجال ونساء وأصحاب حقوق.

وفي الوقت الذي لم یعد فیھ المجتمع المغربي كما كان غداة الاستقلال، بدلیل العدید من المؤشرات الدیمغرافیة والاجتماعیة، وصارت المغربیات یتحملن مسؤولیاتھن في مختلف المجالات، ویؤدین الضرائب بالكامل، فإننا نرى من حقنا وواجبنا كمواطنات أن ننادي بمغرب یتموقع بما یكفي من الوضوح والحزم لتحقیق ما یلي في أفق 2035 :

• إصدار قانون عام یُعرّ ف التمییز المباشر وغیر المباشر على أساس الجنس تجاه الأشخاص أو المجموعات، سواء كان مصدر التمییز شخص مادي او معنوي، مؤسسة عمومیة أو خاصة، وذلك بما یتوافق مع دیباجة الدستور والاتفاقیات الدولیة ذات الصلة.

• تضمین مقتضیات تمنع التمییز تجاه الفتیات والنساء، بطریقة ممنھجة، في التشریعات الوطنیة وملاءمة القوانین في سائر المجالات مع معاییر عدم التمییز والمساواة والمناصفة التي یكرسھا الدستور واتفاقیة القضاء على جمیع أشكال التمییز ضد المرأة.

• تغییر شامل ومنسجم لمدونة الأسرة بكافة مقتضیاتھا التمییزیة و/ أو غیر المنصفة بما في ذلك: سن الزواج، تعدد الزوجات، الطلاق، اقتسام الممتلكات المكتسبة خلال الزواج، وبصفة خاصة، نظام المواریث.

• تغییر شامل مواز لسائر المضامین الثقافیة خاصة منھا التربویة والإعلامیة وتلك الموجھة الى التحسیس الجماھیري الواسع، بما یساھم في تكسیر الحلقة المفرغة “القانون- العقلیات” وفي الرفع من وتیرة التغییر في اتجاه ثقافة حاملة لقیم الكرامة الإنسانیة، والحریة والمساواة واللا-عنف، ومدافعة عنھا.

• ضمان فعلي لولوج النساء إلى مراكز اتخاذ القرار السیاسي والإداري على المستویین الوطني والترابي؛

• اعتماد مقاربة حقوقیة قائمة على معطیات وإحصائیات مدعومة بوسائل مؤسساتیة وبشریة ومالیة تعطي الأولویة للنساء الأكثر تضررا؛ وتفعیل ھذه المقاربة في كافة السیاسات العمومیة بما یتطلبھ ذلك من تخطیط، وتحدید للمیزانیات، وإرساء فعلي لآلیات الدیمقراطیة التشاركیة والنفاذ للخدمة العمومیة على المستویین الوطني والترابي؛

• إرساء بنیات وھیاكل حكامة لھیئة المناصفة ومكافحة كل أاشكال التمییز، مع تمتیع ھذه الأخیرة بالاستقلالیة الإداریة وبالصلاحیات المتعلقة بالتقصي، ومعالجة الشكایات على غرار ھیآت دستوریة أخرى.

• إرساء آلیات ووسائل مؤسساتیة وبشریة وتخصیص موارد مالیة مباشرة ضمن قوانین المالیة، وذلك من أجل امتصاص الفوارق بین الرجال والنساء على المستویین الوطني والترابي.

وعلیھ، فالمغرب الذي نریده، بكل بساطة، مغرب جدیر ببناتنا وحفیداتنا. وھو یحتاج لتجدید في التصور السیاسي، وإرادة قویة بجعل المساواة الفعلیة ضمن الأولویات المجتمعیة الدالة، الحاملة بما لا یدع مجالا للشك لشروط ومحددات التنمیة الدیمقراطیة لبلادنا.

إن ورشا من ھذا القبیل یحتاج لتعبئة واسعة لكافة الفاعلین والفاعلات في الساحة السیاسیة والمجتمع المدني والإعلام، ولكافة النساء والرجال الذین “یفكرون” في المغرب وینشغلون بمستقبلھ ویشعرون بالمسؤولیة تجاھھ باسم الجیل الصاعد وحرصا على مصیره.

التعليقات مغلقة.