حتى الموت لا يمكن أن يزيل قشور وحشية المحتل الغاصب

محمد حميمداني

كشرت الصهيونية المغتصبة للأرض و المشردة للشعب الفلسطيني البطل الصامد عن أنياب عنصريتها و قيمها الوحشية التي غدت شرايين وجودها ، بعدما منعت ، حتى في بعد إنساني ضيق الأم ، المناضلة الفلسطينية القابعة في سجون الكيان الغاصب “خالدة نجار” ، من حضور جنازة ابنتها الشابة “سهى” ذات 31 ربيعا ، و التي توفيت قبل يومين بنوبة قلبية حادة في بيتها في رام الله و شيعت، أمس ، إلى مثواها الأخير ، دون أن تتمكن والدتها من أن تطبع على جبينها قبلة وداع على الرغم من الحملات الفلسطينية و التدخلات الدولية لتحقيق هذا المطلب الإنساني البسيط.

و كانت الأمم المتحدة ، قد حثت الكيان الصهيوني ، يومه الاثنين ، على “النظر برأفة إلى قضية المعتقلة الفلسطينية خالدة جرار ، و السماح لها بالمغادرة لحضور مراسم تشييع جثمان ابنتها” .

 و هكذا فقد حكمت عنصرية و وحشية الكيان الصهيوني الغاصب للأرض و الحياة و الفاقد لكل قيم الإنسانية ، كما هو فاقد لكل شرعية وجود ، على المناضلة الفلسطينية “خالدة جرار” بعدم المشاركة في حفل تأبين فلذة كبدها ، لتكتفي بالمشاركة من خلال باقة ورد أرسلتها إلى الجثمان المسجى ، كتب عليها “حرموني من وداعك بقبلة ، أودعك بوردة ، أمك المحبة ، خالدة” ، كلمات على بساطتها و قصرها حملت أكثر من معنى و هزت مشاعر كل الذين حضروا لتشييع الجثمان الطاهر ، لما تضمنته من معاني الصمود و القوة التي تغذت بها “خالدة” في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، و في مسيرتها الكفاحية الطويلة ، و في مسار الاعتقال و التعذيب و المحاكمات و السجون .

 و كانت الشابة “سهى غسّان” قد فارقت الحياة بعد تعرضها لنوبة قلبية حادة وفق ما أكدته مصادر طبية من رام الله .

و الفقيدة ، و على خطى والدتها المناضلة الفلسطينية ، هي ناشطة شبابية معروفة و باحثة رئيسية في دائرة البحث القانوني و المناصرة الدولية بمؤسسة “الحق” .

و تجدر الإشارة إلى أن “خالدة جرار” القيادة البارزة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، و النائبة السابقة بالمجلس الوطني التشريعي الفلسطيني (برلمان فلسطين) ، توجد رهن الاعتقال بسجن “الدامون” الصهيوني منذ سنة 2019 ، حيث صدر في حقها حكم بالسجن لمدة سنتين بتهمة “توليها منصب في تنظيم الجبهة الشعبية المحظور بأوامر عسكرية إسرائيلية”

أثناء حفل التأبين الذي أقيم في “رام الله” أرسلت “جرار” عبر محاميها ، كلمة تأبينية قصيرة ألقتها شقيقتها قالت فيها “أنا موجوعة لأني مشتاقة لضم سهى ، و من قوة هذا الوجع عانقت سماء الوطن .. أنا أم شامخة و صابرة رغم القيد و السجان و لكني أيضاً موجوعة من كثرة الاشتياق . لا يحصل كل هذا إلا في فلسطين ، أردت أن أودع ابنتي بقبلة على جبينها و أقول لها ، أحبك بحجم حبي لفلسطين . و لكن اعذريني يا ابنتي لأنني لم أكن في عرسك هذا” .

و كانت الفصائل الفلسطينية قد هاجمت ، أمس ، الكيان الصهيوني لمنعه “جرار” من توديع ابنتها ، معتبرة أن ذلك يمثل تأكيدا على عنصرية “إسرائيل” و سياستها الانتقامية ، حيث قال مسؤول لجنة الأسرى في الجبهة الشعبية “عوض السلطان” ، “إن ما جرى بحق المناضلة الأسيرة خالدة جرار سياسة انتقامية و جريمة مركبة لم تبدأ باعتقالها تعسفا لأكثر من مرة و منعها من السفر و تحديد إقامتها ، و لم تنتهِ بحرمانها من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على كريمتها سهى التي توفيت في رام الله . و هو الأمر نفسه الذي حدث عند وفاة والدها أواخر عام 2017 ، و قد حرمت أيضا من إلقاء نظرة الوداع عليه لكونها كانت معتقلة إداريا” ، مضيفا أن هذا الفعل “يندرج تحت بند التعذيب النفسي الذي جرمته القوانين الدولية الإنسانية و اتفاقات جنيف الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب ، والتي توجب على القوة المحتلة أن تسمح للأسرى لديها بممارسة شعائرهم الدينية و الاجتماعية وفق ما يعتنقونه و يؤمنون به” .

 من جهتها قالت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان إن السلطات الصهيونية رفضت طلبا ثانيا “للسماح بنقل الجثمان (ابنتها) لسجن الدامون حيث تقبع جرار” .

التعليقات مغلقة.