العمل التطوعي، نشاط وحيوية، ثقافته واختيار بقناعة شخصية. جمعية مرافقة الأمل بستراسبورغ فرنسا نموذج

بقلم الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون ستراسبور

يعتبر العمل التطوعي الخيري الإنساني بالدرجة الأولى، من أهم جوانب التكافل والتضامن الاجتماعي الناجح في عصرنا هذا و وقتنا الحرج حاليا بسبب جائحة كرونا(كوفيد19) وما سببته من كوارث و أضرار ووفيات حفظ الله عباده من كل داء

و وبلاء. 

الحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، التي جاء منها العمل التطوعي الذي يحمل نتائج إيجابية جد ممتازة ومثمرة، في وقت أصبح فيه المجتمع بحاجة ماسة إليه و ضرورة ملحة إلى تطوير وتشجيع أصحابه لما له من دور كبير فعال في أوساط المجتمع عامة و الفئة الهشة خصوصا. 

وبحكم تطور هذا النوع من العمل التطوعي في السنوات القليلة الماضية، انتشر نشاطه بشكل لافت للجميع على جميع الأصعدة، واضحت استمرارية أبجديات أدبياته تأخذ طريقها الناجح برقي عالي و تألق بثبات, والتي أصبحت في كثير من الأحيان علوما تدرس في الجامعات والمؤسسات وتقام لها دورات تكوينية وتدريبية محلية ووطنية و دولية, ولم يأت هذا النوع من فراغ، بل جاء بداية من تطور المجتمع البشري بالدرجة الأولى وهيمنة انتشار مفهوم دوره الإيجابي في الحياة اليومية و قيامه بالمساهمة في العمل التطوعي برمته خيري إنساني , اجتماعي .علمي. طبي ورياضي إلخ….. 

يعتبر العمل التطوعي قديما في عصر سلفنا رحمهم الله بالدرجة الأولى واجب ديني، أمر رباني من المولى العلي القدير، حث به عباده على القيام به مصداقا لقوله تعالى عز وجل بعد بسم الله الرحمن وتعاونوا على البر والتقوى – فمن تطوع خيرا فهو خير له. و أوصانا بالإنفاق مصدقا للآية الكريمة ( وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) ومن حيث مجمل أحاديث المصطفى سيدنا و حبينا محمد صلوات ربي وسلامه عليه القائل ( خير الناس أنفعهم للناس , من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته. ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة. ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة). 

ومن باب كمظهر اجتماعي وسلوك حضاري، بما تحمل الكلمة من معنى ظاهري وباطني للمروءة والشهامة والإيثار للقيام بالأعمال الخيرية، لكونه وسيلة من وسائل بناء الفرد وتعزيز انتمائه للجماعة، إذ بات العمل التطوعي بكل معانيه وصفاته من الأعمال التي لا يستغنى عنها اليوم في العالم أجمع. 

والذي يعد الحلقة الأقوى في مجال العلاقة المجتمعية المثمرة بين أفراده ورواد العمل التطوعي، فهو المحرك الأساسي والرئيسي للكثير من الأنشطة المتنوعة الإنسانية، الخيرية، الاجتماعية، وباقي سائر الأعمال الخدماتية التي تحتاج لها فئات المجتمع 

وتتويجا و بلورة لهاته الأعمال التطوعية شمولية تم هيكلتها تنظيما و تأطيرا في شكل قانوني بما يعرف بالجمعيات تضبطها قوانين ولوائح تنظيمية تسير حركتها و طاقم يرأس ويشرف عليها رئيسا وأعضاء و نوابا و متبرعين و ممولين منها مساهمين و مشاركين إلى غاية وصول دور المتطوعين ليتفرغوا للتوزيع و إيصال الشيء إلى أصحابه المحتاجين من ذوي العسر و الفاقة و من المرضى و العجزة بالدرجة الأولى و يتواصل بذل المجهود و العطاء ليصل إلى أقصى درجات قوته ويتفرع ليخرج للشارع للبحث عن ما هو في حاجة للمساعدة الإنسانية بالدرجة الأولى للتضامن و التآزر, للأخذ بيده إلى بر الأمان و شاطئ الاطمئنان ليليه التكافل 

وتحرك جهود هاته الأعمال التطوعية قوافل بجموع بشرية وجنود شبانيه مسخرة و مجندة في كل وقت وحين, مهيأة و مستعدة لكل طارئ لا سمح الله. تدعمها عدة عوامل وهياكل أهمها وأقواها طاقة بذل العطاء المستمر عند المتبرعين والمانحين لتمكين هاته الجمعيات من النشاط بكل أريحية، دون موانع ولا عوائق. لأنهم يقدرون ويثقون في جهود الشباب عامة ذكور وإناثا، رجال ونساء نظير دورهم الفعال في خدمة المجتمع، وقدرتهم على إيصال هاته المساعدات والخدمات سواء العينية المادية أو المعنوية إلى أصحابها في وقتها. بصفتهم دعما وسندا لمدهم بيد العون، في كل زمان ومكان. 

من هذا المنبر تبرز أهمية وضرورة تعزيز دور الشباب ومكانته في جميع مجالات العمل التطوعي من خلال بناء شبكة تعاونية،تضامنية , تأزرية قوية ,تتحد فيها جميع جهود الجميع، بسعي فريق العمل المكلف به إلى تصميم آليات الأنشطة المختارة والأعمال المبرمجة, أعمال تمتزج فيها الخبرة بالدرجة الأولى والتأطير من ذويها بكل مرونة و دراية بالحركة الجمعوية، لتحقيق أهداف فريق العمل التطوعي المنشود. 

ومن خلال توسيع خصوصية العمل من جميع زواياه، مجال العمل التطوعي الذي فتح مجالات أوسع والأبواب للجميع على مصرعيها، من أجل أن تكون المشاركات الجماعية عامة و الشبانية خاصة شاملة، وتوسع رقعة مجالات نشاطها وتعديه لما يقام من نشاط في السابق الذي كان مقصور ومرتبط بتوزيع الطعام واللباس وغيره من الوسائل البسيطة على بعض المحتاجين والمشردين. فبات العمل التطوعي شاملا لأبرز أوجه الحياة برمتها، تلبية لاحتياجات الناس المعنوية والإنسانية قبل المادية والاجتماعية كالمشاركة في الإغاثة الإنسانية، وحماية البيئة، والعمل الجماعي في المجال الصحي، وأنشطة الأسر في المرافق العامة. 

إذ أن أبرز ما يميز العمل الخيري والإنساني هذه الأيام هو فتح باب التطوع والمساهمة مع كل الجهات، حيث تعد هذه التجربة من أعظم وأنبل المشاركات التي تركت بصمتها شاهد حي على مرأى ومسع من الجميع، والتي لا ينكرها أحد. 

وما لاحظناه ولمسناه خلال مرافقاتنا لعديد الجمعيات على مدار أشهر السنة بداية من انطلاق الموسم إلى غاية نهاته. فإن آليات العمل التطوعي تتنوع وتختلف أساليبها وأهدافها, حسب إمكانيات كل جمعية و هيئة مؤسساتية، إلا أنها تلتقي جميعها و تصب في المضمون العمل الإِنساني  بحذافره، لتبقى هاته الخدمات التي يقدمها المتطوع بشكل خاص متجددة على مدار السنة وقائمة في حد ذاتها كرسالة إنسانية أسمى، ولا ننسى في هذا السياق دور المؤطرين طواقمهم التي توثق آليات العمل الخيري والإنساني في خانة التطوع، وتعميمه في كل مناسبة. لتحقيق الأهداف المرجوة منه عبير عديد الأماكن بالمدينة و تواجد الفئة المنشودة، لا سيما تلك التي تشهد الكثير من الإضطرابات النفسية و الصحية، والحالات الاجتماعية للفئات المعوزة عموما وما تخلفه من فقر ومجاعة. التي تحتاج بجهود الخيرين، على أيادي هؤلاء المتطوعين. 

يوم مميز في ضيافة أهل الجود والكرم والعطاء والسخاء ألا محدود جمعية رفقاء التضامن ( les compagnons de l’espoir ). 

بدعوة من صديقة وتعريف بالجمعية واستضافة من أحد نشطاء التطوع، كانت لنا جولة و حضور مع جمعية رفقاء الأمل بستراسبورغ وختامها مسك نهاية أسبوع حافل بالنشاط وختام الموسم الخيري الإنساني تطوعي بساحة 5 مرفق كوش غاليا بستراسبورغ. أين اطلعنا على نوعية الطرود الغذائية ومكونات المواد المقدمة لأصحابها ومحتاجيها و كيفية تحضيرها و تعليبها في عين المكان أمام الملاء على مرأى ومسمع من الجميع بكل شفافية ومصداقية, أين سلم لنا طرد ونصيب على أساس فرد محتاج كبقية الحاضرين من مأكولات مما لذ و طاب و جاد به الخيرين والمحسنين جزاهم الله خير و خلف عليهم بخلفة الخير. وجبة دسمة مشكلة ومتنوعة مرفقة بمشروبات و تحليات شاي و قهوة ومرطبات من حلويات و تشكيلاتها المختلفة، وعلى هامش اليوم إقتطعنا برهة وقت من أجندة الطاقم المسير والمشرف على الجمعية و العملية برمتها في حوار و نقاش أين كان اللقاء جد مثمر ومبهر, وحسب ما علمناه من رئيس الجمعية السيد عزيز, الذي باغتناه بأسلتنا و اقتطعنا بعض الدقائق من وقته الثمين ساعة نشاط اليوم الأسبوعي بالهواء الطلق بمرفأ كوش بغالية. 

فكان ما يلي بما علمناه منه في ومضة على سبيل المثال لا الحصر فالجمعية عريقة و لها باع منذ سنين خلت ولا يمكن الحديث عنها في سطرين ولا حصرها في حوار بسيط: 

نتشرف بحضرتكم أستاذ عزيز يبدو من حرصك وإشرافك و توجيهاتك أنك أحد المسؤولين عن الجمعية , فأجاب بكل فرح نعم أنا العبد لله رئيس الجمعية مرحبا بك هل يمكن إطلاعنا و تعريفك بالجمعية . 

تتمثل أهداف الجمعية باختصار فيما يلي  : 

من أنبل أهداف الجمعية النقاط الآتية 

محاولة التقليل من نسبة الفقر المدقع وحالات التشرد بالشارع والأخذ بيدهم بتقديم الشيء القليل للتخفيف من معناتهم وسماع آهاتهم. محاولة الحد من الاختلاف بين الطبقات برمتها وتحسيس الفئة الهشة بقيمتها ومكانتها في المجتمع، وذلك عن طريق تقوية العلاقات الاجتماعية بين الطبقات الغنية والفقيرة من خلال الأنشطة المقامة على مدار السنة ومشاركة الأغنياء فيها بمفهوم الغنى بمعنى ميسور الحال والمقتدرين ماديا، ومن خلال تحسين حالة الفقراء بشكل تدريجي. 

أنشطة الجمعية 

من أبرز النشطات والمشاريع الخيرية والإنسانية الاجتماعية للجمعية على مدار السنة دونما توقف, المادية والمعنوية التي تقوم بها الجمعية, من قوافل و خرجات و طرود, ننقل بعض منها على سبيل المثال لا الحصر .هي مساعدة العائلات المعوزة و الأسر الفقيرة, مساعدة الطلبة الأجانب ومرافقتهم خاصة في ظل جائحة كروونا و ما خلفته من أضرار و كوارث لا تعد ولا تحصى و تكبده المجتمع برمته من حرمان و حجر وغيره. 

تقديم أضحيات عيد الأضحى للفقراء المحتاجين داخل فرنسا وخارجها. إضافة إلى توزيع الألبسة الجديدة على الفقراء والفئات المستحقة خاصة من هم بدون مأوى ولا دخل. 

أخر نشاطها الخيري الإنساني الدولي إرسال قافلة شاحنة أدوية و معدات طبية للجزائر عبر الشحن, حمولة شاركت فيها عديد الجمعيات الخيرية و الإنسانية, ومواصلة للنشاط في تقليص لحجم المساعدات إقتصر على تقديم وجبة صيفية خفيفة تتثمل من خبر وحلويات و مرطبات وفواكه بما تجود عطاءات المحسنين الخيرين لحين عودة النشاط في شكله الطبيعي للموسم القادم ان شاء الله. 

ومن نشطاء الجمعية إقتربنا من السيدة إيمان صفاقسي أصيلة تونس الشقيقة و التي فتحت لها قلبها و سمحت لما بلحظات من وقتها أين علمنا منها دورها كفنانة طبخ بكافة أنواعه بأرض المهجر خاصة التقليدية, وإشرافها على إعداد الوجبات المقدمة للمحتاجين من طرف الجمعية ظهيرة كل أحد و المبهر في لقاء السيدة إيمان حوارها الشفاف والصريح و محادثها بلغتها الأصلية لغة الضاد بكل فصاحة وطلاقة لغة سلسلة تعبر داخل القلب للتربع على عرش مملكته , فسنين الغربة لم تنسيها لا أصلها ولا أصلها ولا ثقافتها ولا عاداتها و تقاليدها , فتسمكها المتجدر لم يترحك من مكانه و لم يتزعزع من منبع فبقيت محافظة حفظها الرحمن و رعاها وألف تحية تقدير و إحترام لها كسيدة بكل المعايير و المقاييس المشرفة لكل المهاجرين في ديار الغربة. 

فشكرا وألف شكر لمن عرفنا بالجمعية و أرشدنا و على حفاوة الإستقبال وحسن الضيافة والترحيب وكرم الضيافة, وألف شكرا لما ساعدنا وتحية خاصة لمرافقنا الشخصي الأخ عمار الشاب المكافح المتطلع لمستقبل زاهر و والرغبة في الإنضمام لفريق العمل التطوعي حلم يراوده ويناشده منذ مدة برسم طريق نجاح باهر برضا الوالدة حفظها الرحمن وفي حياتها . 

 

 

التعليقات مغلقة.