الحسيمة: ممثلة الفردوس تنزل بالقطاع الثقافي إلى الدرك الأسفل

فاطمة مزيان

سجل العديد من المهتمين بالحقل الثقافي والفني بالحسيمة بأسى عميق الوضع الذي اصبحت عليه المؤسسات الثقافية بالإقليم خلال السنتين الأخيرتين بعد التراجع الكبير الذي عرفته ليس على مستوى تنظيم او احضان الفعاليات الثقافية ولكن حتى على مستوى التدبير الاداري والمالي لهذه المؤسسات.

فالصورة المتميزة التي تشكلت عن هذه المؤسسات بالإقليم لدى الفاعل الثقافي والمتلقي بدأت بالتلاشي بوتيرة جد سريعة في السنتين الاخيرتين؛ وصارت مثلا الاهداف النبيلة لدار الثقافة في مهب الريح بعد التراجع الكبير في الانشطة كما ونوعا وتحويلها إلى مقر حزبي لتغذية الصراعات الحزبية بالمنطقة.

فقد كان لفضاء دار الثقافة الأمير مولاي الحسن بالحسيمة فيما مضى دور كبير في استقطاب نجوم الركح والشاشة ومختلف المبدعين في مهرجانات كسبت صيتا وطنيا ودوليا طيلة سنوات، وكانت تجربة فريدة من نوعها ومرجعية على مستوى المشهد الثقافي الوطني.

وعاب هؤلاء المتتبعين على المستشارة الجماعية بالحسيمة وممثلة وزارة الفردوس سوء التدبير الذي تقع فيه باستغلال زوجها لممتلكات تابعة للقطاع، ناهيك عن الفوز المفبرك لابنتها بالمسابقة الثقافية التي نظمتها ذات المؤسسة ومنحت لها المرتبة الأولى دون مراعاة ولو واجب التحفظ.

وفي نفس السياق فممثلة الفردوي لا تتوانى في فتح أبواب دار الثقافة في وجه مؤسسات تعليمية خاصة من مختلف مناطق الإقليم مجانا خلافا لما هو منصوص عليه ومعمول به على الصعيد الوطني حيث يعتبر تنظيم أنشطة داخل فضاءات دور الثقافة من قبل المؤسسات الخاصة مؤدى عنه، وهو ما يفوت على الوزارة مبالغ هامة كانت ستعود بلا شك على القطاع بالنفع والفائدة المرجوة

وكان آخر ما رافق المسؤولة الإقليمية للثقافة بالحسيمة من “فضائح” هو عندما أعلنت أخيرا عن انتهاء عملية افتحاص الكفاءة التدبيرية للفترة السابقة بنجاح وذلك بوضع صور لها رفقة اللجنة المعنية بمواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما ينم عن جهلها الكبير بالمساطر الإجرائية لهذه العملية التي تتطلب على الأقل شهرا حتى يصدر التقرير حينها ستعرف نتائج تقييم اللجنة.

فهذا الوضع الذي آل إليه القطاع الثقافي بالحسيمة جعل مجموعة من الفعاليات الثقافية والفنية تعبر عن قلقها الشديد وتتوجس من مصير المكتسبات التي جعلت من الحسيمة حاضرة في كبريات التظاهرات الثقافية الوطنية والدولية وبصمت هذا المسار ببصمة التميز؛ وجعلت امكانية تحول الهامش إلى وجهة ثقافية وطنية ودولية واردة.

فكبار الفنانين والمبدعين والمثقفين الذين حضروا إلى اقليم الحسيمة في وقت سابق وبالضبط في مرحلة التأسيس لدار الثقافة كلهم أشادوا بدينامية المجتمع المدني والفعاليات الثقافية والمسؤولين الإداريين لقطاع الثقافة الذين ساهموا في بناء هذه التجربة المتميزة التي كان من المفروض أن ترتقي أكثر وتتكور عوض التراجع الذي ساهمت فيه المسؤولة على القطاع.

فالحديث عن دور المؤسسات الإقليمية -التي تعنى بالثقافة- في تنشيط الحياة الثقافية ورسم معالم التميز والإشعاع وسط عالم سريع التطور ومتأثر بالتكنولوجيا الحديثة ومنفتح على المحيط الاجتماعي والاقتصادي أصبح يتطلب أكثر من اي وقت مضى ادارة محلية مسؤولة وقادرة على الابداع في اساليب التدبير الاداري

ولعل من المبررات القوية لإيجاد هذه الادارة المبدعة ما يتطلبه واجب الرقي بالثقافة الوطنية بكل مكوناتها وتجسيد التلاقح الثقافي والتعايش والتي هي من الخطوط العريضة لأهداف دور الثقافة.

هذا بالإضافة إلى أن رهان الحكامة الثقافية الجيدة وتنفيذ سياسات الوزارة المعنية مع اقتراب افتتاح مجموعة من المشاريع والأوراش الثقافية الكبرى التي تم إنجازها أخيرا أصبح يسائل المسؤولين بالوزارة عن رأيهم في كل ما يحدث خصوصا في ظل الوضع “الخاص” لتنفيذ برامج التنمية المجالية للحسيمة أو ما يعرف ب “الحسيمة منارة المتوسط”. ومحاولة القائمين عليه بالإسراع في تنفيذ مشاريعه ومواكبة سير أشغاله لطي ملف الاحتجاجات التي عرفتها المنطقة.

 ولكن للأسف الشديد واقع التسيير الثقافي بالحسيمة حاليا غابت عنه هذه الأهداف النبيلة وأصبح معه المشهد الثقافي   رتيبا بعد ان تراجع إشعاع دار الثقافة مولاي الحسن بشكل كبير خصوصا حينما تحول الشغل الشاغل للسيدة المديرة هو اخذ والتقاط صور شخصية ووضعها على صفحات منصات التواصل الاجتماعي قصد جمع “الجمجمات” واستقطاب الأصوات لخدمة أجندتها الحزبية.

 

 

 

التعليقات مغلقة.