أمقبول سقوط كابول ؟؟؟ / الجزء الرابع

بقلم: مصطفى منيغ

 

البعض من أجهزة المخابرات ، لا تكتفي بالحصول على المعلومة الصحيحة ، مهما كانت الوسيلة المُستعملة من طرفها ، مُمكنة أو حتى المُصَنَّفة بغير الممكنة ، بل أحياناً تبثّ الخاطئة المغلوطة المصطنعة بدقَّة احترافية عالية ، تجعل الغير يأخذ بها لِيُوَجَّهَ لمصيدةٍ توقعه في مأزق يصعب الخروج منه بيُسر ، للمملكة السعودية في الموضوع أرشيف زاخر بتلك المعلومات المغلوطة ، التي قادتها لمواقف ، ما كان لها الوصول إليها ، لولا الإتكالية المطلقة على الشِّراء ، بدل الالتجاء إلى بذل المجهود المضني للتحرّي ملاحقةً للهدف ، وكان لها الكفاءات المدرَّبة المؤهَّلة لتنفيذ ذلك ، لكن عدم الثّقة ظل العامل الأساس في فشل .

لازالت تلك الدولة تؤدي ثمنه لحد الساعة ، أرشيفها ذاك المجزَّأ على أقسام ثلاث ، الأخير منها ممنوع الاقتراب منه إلا بإذن من اعلي هرم في السلطة ، القائم عليه متمكّن من معرفة أسرار ، لو شاع أدناها أهمية ، أدركت العامة سبب استمرار تبعية زعماء حكم تلك البلاد للإدارة الأمريكية  وليس لسواها على الإطلاق ، وإن لمَّحت بعض الوقائع لفهم عكس ذلك فالمراد به التمويه لا غير .

دفعتها بعض تلك المعلومات المصطنعة لحشر نفسها في متابعة أشخاص بدل التوجه لإصلاح أحوالها الداخلية بسياسة تعميم حوار وطني نزيه ، يُعطي للنُّخب الشابة المتميزة بدراساتها العليا الحاصلة عليها من أحسن جامعات العالم ، فرصة المشاركة الفعلية في تدبير الشأن العام على أعلى مستوى ، في جو تنافسي سليم ، بعيد عن أي محسوبية أو وساطة أو استغلال نفوذ ، فأضاعت ما ترمز إليه.

سُنَّة الحياة من تجديد حتى في القيادات ، ملتجئة إلى إرضاء الأمراء وهم بالآلاف مهما كان المجال مما صنَّفَ الشعب إلى أسيادٍ وعبيد دون التوجُّه إلى “خير الأمور أوسطها” فعمَّ الفقر والدولة تضيق بالخيرات ، ليُفسَح المجال للفساد ، ومنه المُكَرّس خارج السعودية على حساب الأموال السعودية التي كان من المفروض أن تُصرَفَ كما يليق بدولة شرَّفها الله سبحانه وتعالى ببيته في مكة ، وقبر رسوله وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة ، الشيء الذي شجَّع أفغانستان لتكون مَقاماَ آمنا لما افرزه التصرف السعودي غير المقبول ، تقف ضده حتى كابول ، فأصبح ما يجري بواسطة “القاعدة” ينعكس مباشرة كلوم على المملكة السعودية ليراها الغرب السبّب في وقوع تلك الجرائم التي ذهب ضحيتها الآلاف من الأبرياء عبر مختلف المناطق والدول ، المغرب نفسه لم يُستَثنَى منها ، حتى أصبح السعودي مهما كان وضعه الاجتماعي أو السلطوي ، ممنوعاً من التِّجوال داخل أي مدينة أوربية أو أمريكية ، بهندام وطنه التقليدي .

ممَّا يدل على غضبٍ عارمٍ شمل معظم الأجناس ، اتجاه ذاك البلد الذي انحاز لتطبيق ما يتنافي حتى مع الإسلام الحقيقي ، الداعي إلى الحق بالحق ، والمودَّة وعدم تفضيل عرق على عرق ، وبالتقوى في العدل والتسامح المفعم بالإيمان الصادق ، والعفو عند المقدرة ، وحفظ الأمانات ، والأخذ بيد المحتاج ، والعمل لتحقيق الاستقرار بالأمن والأمان والسَّلام . فتراكمت السلبيات تنخر جسد ذاك البلد الذي تنازل (بفعل فاعل) عن هوية العروبة الأصيلة مُتَّبعاً تعاليم من كان تخطيطه في الأصل معادياً للإسلام.

مُركِّزاً في الدرجة الأولى على تلك الأمكنة التي اتَّخذها المسلمون في مشارق  الأرض ومغاربها ، مصدر نورٍ يضيء لهم طريق حياتهم في السراء والضراء ، فكانت المملكة السعودية في مقدمة القائمة المرشَّحة للتقهقر وصولا لفقدان موقعها الديني ، فكانت “جماعة القاعدة” في أفغانستان بما سبقها وما بعدها بمرحلة  سوى المقدمة ، لتصبح مملكة “آل سعود” وهي مقبلة على مرحلة ما قبل النهاية ، ما لم تستيقظ مخابراتها لإنقاذ ما تبقَّى للإنقاذ قبل فوات الأوان ، اعتماداً على أهليتها وكفاءتها وإخلاصها لوطن شرَّفه العليم السميع سبحانه وتعالى ، بمواقع هو حافظها إلى قيام الساعة .

… على تلك المخابرات ، التحقُّق من محتويات ذاك الأرشيف بما تكدَّس داخله من معلومات مغلوطة ، هي أساس ما بلغت إليه المملكة من وضعية لا تُحسَد عليها. (يتبع) 

التعليقات مغلقة.