المضادات الحيوية ومشاكل الإسهال

بقلم د. مبارك أجروض

 

عندما يحتاج الفرد إلى تناول المضادات الحيوية لعلاج عدوى بكتيرية، فقد تواجهه اعراض مزعجة بسبب المضاد الحيوي، ومنها الإسهال، تشنجات البطن والغازات، وفي أسوأ الحالات، ويمكن أن يؤدي استخدام المضادات الحيوية على المدى الطويل إلى الإصابة بالتهاب شديد في القولون، وفقا لموقع كلايفند كلينيك، ويمكن أن يترافق استخدام المضادات الحيوية في بعض الحالات بالاضطرابات الهضمية خاصة الإسهال، وعادةً ما يكون الإسهال الناجم عن استخدام المضادات الحيوية طفيف ويختفي بعد التوقف عن استخدام المضاد الحيوي بمدة بسيطة، وفي بعض الحالات يمكن أن يتسبب المضاد الحيوي في تطور التهاب القولون الغشائي الكاذب أو التهاب القولون، وفي كلتا الحالتين قد يعاني المريض من أعراض متعددة مثل ألم البطن، والحمى، وخروج الدم مع البراز.

إن المضادات الحيوية هي الأدوية التي تستخدم لعلاج الالتهابات البكتيرية، والتي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى آثار جانبية كثيرة، ومنها الإسهال المرتبط بالمضادات الحيوية، وهو شائع إلى حد ما. وتشير التقديرات إلى أن ما بين 5 و25 في المائة من البالغين قد يعانون من الإسهال أثناء تناول المضادات الحيوية.

* اسباب الاسهال المرتبط بالمضادات الحيوية

تستهدف المضادات الحيوية البكتيريا من خلال الاستفادة من الهياكل والعمليات التي تمتلكها الخلايا البكتيرية والتي تختلف عن خلايانا. لذلك، في حين أن المضادات الحيوية لا تؤذي خلايانا، فإنها يمكن أن تقتل البكتيريا الجيدة والسيئة التي تعيش في أمعائك. فهناك العديد من أنواع البكتيريا الجيدة التي تعيش في أمعائنا، وتساعد في عملية الهضم كما أنها تلعب دورًا في الحفاظ على الصحة.  كما تقوم البكتيريا الجيدة في الحفاظ على نمو البكتيريا الانتهازية تحت السيطرة. ويمكن أن تسبب هذه البكتيريا، مثل المطثية العسيرة Clostridium difficile عدوى إذا سُمح لها بالنمو، وهو ما يمكن أن يحدث إذا تم قتل البكتيريا الجيدة بالمضادات الحيوية. ويمكن أن تسبب السموم التي تنتجها بكتيريا المطثية العسيرة التهابًا في الأمعاء، مما يؤدي إلى الإسهال. وتقدر الدراسات أن ما يصل إلى 17.5% من الأشخاص الأصحاء مستعمرون بالمطثية العسيرة، ويمكن أن يزيد هذا الرقم في أماكن الرعاية الصحية، مثل المستشفيات. وبالنسبة لمعظم الأشخاص، يتسبب الاسهال المرتبط بالمضادات الحيوية في علامات وأعراض بسيطة، مثل البراز الرخو. والتبرز المتكرر.

ويبدأ الإسهال عادة خلال أسبوع بعد بدء العلاج بالمضادات الحيوية، ولكن في بعض الأحيان، قد لا يظهر الإسهال وغيره من الأعراض إلا بعد أيام أو حتى عدة أسابيع من انتهاء العلاج بالمضادات الحيوية. لكن، قد يعاني بعض الأشخاص من شكل أكثر خطورة من الاسهال المرتبط بالمضادات الحيوية. فعندما يكون فرط نمو البكتيريا الضارة حادًا، قد تعاني من علامات وأعراض التهاب القولون أو التهاب القولون الغشائي الكاذب، مثل:
ـ إسهال مائي متكرر.
ـ ألم البطن والتشنجات.
ـ الحمى.
ـ مخاط في البراز.
ـ براز دموي.
ـ الغثيان.
ـ فقدان الشهية. 

* مضاعفات الاسهال المرتبط بالمضادات الحيوية

ـ الجفاف

يمكن أن يؤدي الإسهال الحاد إلى فقد مفرط للسوائل والشوارد الكهربائية – ومواد أساسية مثل الصوديوم والبوتاسيوم. ويمكن أن يتسبب فقد السوائل الشديد في مضاعفات خطيرة. وتتضمّن علامات وأعراض الجفاف جفاف الفم الشديد، والعطش الشديد، وقلة التبول أو انعدامه، والضعف الشديد.

ـ حدوث ثقب في الأمعاء (انثقاب الأمعاء)

يمكن أن يؤدي التلف البالغ ببطانة الأمعاء الغليظة إلى انثقاب جدار الأمعاء، مما يتطلب إجراء عملية جراحية لاصلاح هذا الثقب.

ـ تضخم القولون السمي

في هذه الحالة، يصبح القولون غير قادر على طرد الغازات والبراز، مما يتسبب في انتفاخه بشكل كبير (تضخم القولون). وتتضمّن علامات وأعراض تضخم القولون السمي ألمًا وتورمًا بالبطن، والحمى، والضعف. ويعد تضخم القولون السمي من المضاعفات الخطيرة التي يمكن أن تؤدي إلى إصابة القولون بالعدوى أو تمزقه، كما يتطلب تضخم القولون السمي علاجًا مكثفًا، عادة عن طريق الأدوية أو ربما الجراحة.

ـ الوفاة

يمكن أن تؤدي المضاعفات الحادة الناجمة عن الإسهال المرتبط بالمضادات الحيوية إلى الوفاة.

* التشخيص والعلاج

لتشخيص الإسهال المرتبط بالمضادات الحيوية، قد يقوم الطبيب بطرح أسئلة بشأن تاريخ الفرد الصحي. وسيطلب تحليل عينة من البراز، وإذا كان الفرد يعاني من أعراض حادة، لتحديد ماهية البكتيريا المسببة للإسهال المرتبط بالمضادات الحيوية.

ويعتمد علاج الاسهال المرتبط بالمضادات الحيوية على مدى حدة العلامات والأعراض لديك.

ـ إذا كان الفرد يعاني من إسهال بسيط، فقد تزول الأعراض لديه في غضون بضعة أيام بعد انتهاء علاجه بالمضادات الحيوية. وفي بعض الحالات قد ينصحه طبيبه بإيقاف العلاج بالمضادات الحيوية حتى يزول الإسهال. وفي تلك الأثناء، قد يوصيه طبيبه باتباع تقنيات الرعاية المنزلية لمساعدته في التكيف مع الإسهال حتى يزول من تلقاء نفسه.
ـ أما إذا كان الفرد يعاني من التهاب القولون أو التهاب القولون الغشائي الكاذب، فقد يصف له الطبيب المضادات الحيوية لقتل البكتيريا الضارة المسببة للإسهال المرتبط بالمضادات الحيوية. وبالنسبة لمعظم المرضى، سيؤدي هذا الإجراء لزوال العلامات والأعراض. أما بالنسبة للمرضى المصابين بالتهاب القولون الغشائي الكاذب، فقد تعود أعراض الإسهال وهو ما يتطلب تكرار العلاج.

* توصيات طبية

ـ الإكثار من تناول السوائل، وتعتبر المياه هي الأفضل، ولكن قد تكون السوائل المضاف إليها الصوديوم والبوتاسيوم (الشوارد الكهربية) مفيدة أيضًا.

ـ محاولة شرب المرق أو عصير الفواكه المخفف بالمياه. وتجنب شرب المشروبات كثيرة السكر أو التي تحتوي على الكحول أو الكافيين، مثل القهوة، والشاي، والكولا، حيث إنها قد تفاقم الأعراض.
ـ تناول أطعمة لينة، وسهلة الهضم، مثل هريسة التفاح، والموز، والأرز. وتجنب تناول الأطعمة الغنية بالألياف مثل البقوليات، والمكسرات، والخضروات. وإذا كان الفرد يشعر بتحسن الأعراض لديه، فعليه إضافة الأطعمة الغنية بالألياف ببطء إلى نظامه الغذائي مرة أخرى، مع تناول عدة وجبات صغيرة، بدلاً من تناول بضع وجبات كبيرة، والابتعاد عن تناول الأطعمة الحريفة، أو الدسمة، أو المقلية وأي أطعمة أخرى تؤدي لتدهور الأعراض لديه.
ـ تناول البروبيوتيك، لاستعادة التوازن الصحي في أمعائه عن طريق زيادة نسبة البكتيريا النافعة للمساعدة في القضاء على البكتيريا الضارة. وفي بعض حالات الإسهال البسيط المرتبط بالمضادات الحيوية، قد يوصي الطبيب بتناول أدوية مضادة للإسهال، مثل لوبيراميد (إيموديم إيه-دي). ولكن تبقى استشارة الطبيب أولاً قبل تناول الأدوية المضادة للإسهال لأنها قد تتعارض مع قدرة الجسم على التخلص من السموم وتؤدي لمضاعفات خطيرة.
ـ للمساعدة في الوقاية من الاسهال المرتبط بالمضادات الحيوية، تناول المضادات الحيوية عند اللزوم فقط، فهي لا تفيد في معالجة العدوى الفيروسية، مثل نزلات البرد والإنفلونزا.

* الوقاية من الاسهال المرتبط بالمضادات الحيوية

ـ عدم تناول المضادات الحيوية إلا عند الشعور مع الطبيب أنها ضرورية. على سبيل المثال، يمكن أن تعالج المضادات الحيوية العدوى البكتيرية، ولكنها لا تفيد في معالجة العدوى الفيروسية، مثل نزلات البرد والإنفلونزا.
ـ إذا كان الفرد راقدا في المستشفى، فعليه أن يطلب من أي شخص يتعامل معه غسل يديه قبل لمسه، لأن هذا قد يقلل من خطر الإصابة ببكتيريا المطثية العسيرة، وهي بكتيريا قد تسبب الإصابة بالإسهال الشديد المرتبط بالمضادات الحيوية.
ـ إخبار الطبيب إذا كان الفرد قد يعانى من الاسهال المرتبط بالمضادات الحيوية في السابق، فربما يختار له الطبيب مضادًا حيويًا لا يسبب الإسهال.
ـ التفكير في استخدام البروبيوتيك إذا كان الفرد قد يعاني من الاسهال المرتبط بالمضادات الحيوية في السابق، حيث تفيد بعض الأدلة أن تناول البروبيوتيك خلال العلاج بالمضادات الحيوية قد يقلل من خطر الإصابة بالإسهال لدى الأشخاص الذين أُصيبوا في السابق بالإسهال المرتبط بالمضادات الحيوية بسبب بكتيريا المطثية العسيرة.  

التعليقات مغلقة.