قف انتخابات 2021 حينما تتذمل الحقائق فتجرف أوراق الكذب باسم الحق في القنيطرة الجزء الثاني

بقلم: حمد حميمداني

 

سخط عارم على قيادات التحالف الحكومي السائد ، هي خلاصات حضور هاته القيادات في مجمل الحملات الانتخابية و التي ووجهت برد فعل رافض و قوي ، معبر عن الامتعاض من هاته السياسات و ضرب كل مقومات وجود الإنسان المغربي المقهور ، و هي السياسات التي فاحت روائحها و أزكمت الأنوف ، و التي لن تستطيع شطحات “شعبوية بنكيران” في التخفيف من آثارها الصادمة ، بل أن مدافعه التهديدية التي اعتمدها كرسائل موجهة للدولة و التي مفادها إما “المصباح” في الحكومة أو “الفوضى” في لعبة “توم و جيري” و “البوليميك” التي يتقنها ، و التي مارسها و حزبه خلال الاستحقاقات السابقة ، و التي لا تعكس في توقيتها سوى الإحساس بتهاوي المصالح و السطوة التي جسدها “المصباح” خلال مدة طويلة ، في محاولة لاسترجاع ما يمكن استرجاعه من ماء وجه حزب “شاخ” بقوة السياسات اللاشعبية التي انتهجها و انكشاف كل مساحيق التجميل التي طالما نمقوا بها حضورهم من خلال البعد الأخلاقي ، حيث غذت كلمة “إرحل” ملازمة لكل ترحال نظمه رموز حزب “المصباح” ، كما وقع لزعيمه ، سعد الدين العثماني ، في خرجته الدعائية بحي المحيط بالرباط ، و لم يكن حال زميله في القيادة ، عمدة مدينة فاس و رئيس المجلس الوطني لذات الحزب ، إدريس الأزمي الادريسي ، خلال جولته بالمدينة العتيقة بأحسن حال ، إذ تعرض لنفس الوضع المهين حيث طالبته الجماهير ب “الرحيل” ، إضافة إلى ما وقع لعمدة مكناس الذراع القوي في جوقة “المصباح” ، عبد الله بوانو ، الذي صاحبت خرجته بمكناس بحمولتها المذلة ، و التي كادت في حالتي فاس و مكناس أن تتحول إلى مشادات و اشتباكات مع الغاضبين من هاته السياسات ، و في الجهة المقابلة فضلت بعض الوجوه المحسوبة على نفس التيار الركون إلى الزوايا المغلقة و تلافي الخروج و مواجهة حقيقة الشارع التي خبرها زملاءهم كما هو حال ، الوزير و رئيس المجلس البلدي بالقنيطرة ، عزيز الرباح.

وضع عده زعماء “المصباح” “مؤامرة” تستهدف الحزب من قبل من أسموهم ب “البلطجية” المحسوبين على أحد الأحزاب السياسية ، في إشارة إلى حزب “الحمامة” كاستكمال لهجوم “الأزمي” و “بنكيران” على نفس الحزب التي يبدو أنه ابتلع قواعد “المصباح” في مضمار سباق السوق الانتخابي المغربي .

المؤكد أن الاتهامات و الاتهامات المضادة لا تعكس جوهر الوضع ، لأن حقيقة ما وقع و يقع عرى بشكل جلي عورة هاته الأحزاب و عكس “خواء” كل المشاريع الحكومية السابقة كما اللاحقة في الإجابة عن مجمل القضايا الاستراتيجية المصيرية للأمة ، و عجزها عن حمل إجابات شافية تغذي البطون الجائعة و توفر الشغل و التطبيب و التعليم و السكن لعموم المواطنين المحرومين من كل شيء ، فيما مقابل إصدار قوانين تراكم من سلطة رأس المال و تغذي الفساد و الريع الانتخابي و الحكومي و التي لا تختلف أغلب التيارات السياسية في الدفاع عن فوائدها المتراكمة شهريا .

فهل ستجدي شطحات خطباء “الحلقة” و تقديمهم المواعظ و الدروس باسم الحق المنتهك ريعا كدس ملايين من أرصدة مركونة في حسابات بنكية شهريا مع سبق الإصرار و الترصد تحقيقا لمنافع شخصية و مزخرفة بدموع تماسيح مصحوبة بلغة التهديد بالفوضى و زلزلة الأرض في حالة عدم الظفر الحكومي ، و التي وصلت حد شن هجوم كاسح على “العدل و الإحسان” أيضا ، في محاولة للتغطية على حقيقة التباكي على الكعك الحكومي الذي يعني المزيد من الامتيازات و الفوائد المباشرة.

إن الأحزاب التي لا زالت لم توفر للمواطن في عاصمة الغرب حتى وسيلة نقل و التي راكمت رساميل لأولياء نعم بالولاءات أو التبني ، و ضخت أرباح عبر هاته الفوضى لجيوب المنفعة باسم المصلحة العامة التي لا تعني إلا المزيد من تركيم الثروات ، و أن إجماع مختلف التيارات السياسية على أن الأزمة تشكل عصب المعاناة التي تستوجب الحل و كـأن الأمر جلل لدرجة أن يعتبر في عهدة الراسبين أو الفائزين إنجازا يستحق التصويت و الثناء.

إن المشاريع المقترحة لا تعكس عمق المعاناة التي يعيشها عموم الشعب لأنها تتحدث عن حلحلة الأزمة بدل الإنكباب الفعلي على إيجاد مخارج محلية و جهوية و مركزية لمختلف المشاكل التي يعيش في كنفها المواطن في عاصمة الغرب الغرب ذات الامتيازات الاقتصادية الهائلة و الاستثمارات الضخمة و التي لم تستطع مص الأزمة الاجتماعية الخانقة من جهة البطالة و ارتفاع معدل الجريمة.

مشاريع كبرى عطلت بقرار لامسؤول كما هو حال المركب الثقافي بالقنيطرة الذي لا زال يراوح المكان شأنه شأن قضم كل المساحات الخضراء لفائدة التبليط الذي طغى على كل ما هو جميل في هذا المدار الأخضر سابقا.

إن المطلوب أكثر ليس شعارات ، لا تخدم إلا سدنة القبيلة و عصبياتها ، بل توفر إرادة حقيقية للنهوض بعاصمة الغرب ، كما باقي مدن المملكة تحقيقا للتنمية و التنمية المستدامة التي تقتل مع طغيان البراغماتية في التدبير الاقتصادي و الاجتماعي و حتى على صعيد الحريات ، و محاسبة كافة المتورطين في عرقلة هذه المشاريع .

إن المطلوب ليس تغير الألوان السياسية و الأسماء التي أصبحت ملازمة لحركة الترحال الحزبي و دعم السلف و التنصل من الماضي المأساوي الذي هم جميعا جزء لا يتجزأ من تركيبته .

فليس المطلوب النبش في الأسماء و سرمدية علاقتها بالمؤسسات النيابية و الجماعية و الجهوية و التي شاخت و لم تبرح الكرسي و تدود عنه تطبيقا لصرخة معاوية “عضوا عليها بالنواجذ” ، بل أن بعض الأحزاب أصبحت ضيعات مملوكة لأسر معينة كما هو حال حزب “الميزان” بعاصمة الغرب ، كما أن “فوزي الشعبي” الخارج من عباءة “الرباح” بعد انفصام حبل العشق الممنوع في علاقة غرامية تقاسما فيها المنافع و حظوة الوصول للمؤسسات النيابية ، في تلاق سلطتي المال و استغلال الدين لتحقيق النفعية المحضة ، كما أن بعض الوجوه قد أعطت الدليل سابقا على فشل تدبيرها لكنها تعود من جديد و من أبواب متعددة ، و عبر فوهات رموز مغايرة لتلك التي تربوا في حضنها نتيجة حسابات الجامع بينها أنها لا تعبر عن آمال و مطامح الجماهير الشعبية في عاصمة الغرب و في عموم ربوع الوطن و ضمن وضع داخلي متفجر أتى بوجوه لمحاولة ململة ما يمكن ململته في الوضع الداخلي كما هو الحال في حزب “الحمامة” و الرهان على “أنس البوعناني” ، رئيس هيئة الموثقين بالقنيطرة ، و عودة “محمد تلموست” من بوابة حزب “النخلة” بعد إدارته للمجلس لسنوات عدة .

إن ما يمكن تلمسه هو حرب ضروس تدور على طول خريطة الوطن الجريح من أجل الظفر بالكرسي المؤهل للمسؤولية محليا أو جهويا أو مركزيا في ظل رقم قياسي من الأسماء المهاجرة من ألوان سياسية متعددة خاصة في اتجاه حزب “الحمامة” .

فهل سنشهد تهاوي إمبراطوريات “الرباح” و البيجيدي وطنيا أمام تحالفات اجتمعت على قهر “المصباح” الذي يعيش أسوأ حالاته نتيجة خلافاته الداخلية و التي لن تستطيع شطحات “بنكيران” أن تعيد اللحمة لأي شيء مع تهاوي المشاريع الأخلاقية التي كانوا يمررونها لعموم الشعب ك”أسبيرين” لتحقيق إجماع أخلاقي ، سقط مع “التطبيع” و تمرير قانوني “الفرنسة” و “الكيف” ، الأمر الذي عجل بحدوث تصدعات داخلية أصابت الحزب بمقتل بعد أن عرته اجتماعيا نتيجة السياسات اللاشعبية التي فجرها بقتل آخر قلاع صمود عموم الشعب المغربي الكادح و حتى الفئات المتوسطة التي ضاقت أوزار أزمة زادت من حدتها أزمة “كورونا” و تخبط الحكومة في إيجاد علاج فعال يخفف من معاناة عموم الشعب ، و التي عكستها نتيجة اندحار الاتحاد الوطني للشغل الذراع النقابي للحزب في الانتخابات المهنية و كلك تهاوي صولة الحزب في انتخابات الغرف .

والملاحظة العامة التي يمكن تسجيلها هي سطوة الأعيان داخل معظم الأحزاب السياسية التقليدية مما يغذي حضور القبيلة كمفهوم اجتماعي و عائلي و اقتصادي و بالتالي العصبيات المصاحبة لمنطق القبيلة في تحقيق أكبر اصطفاف نفعي مصلحي لكل الأفخاذ و المريدين من ذوي القربى و الولاءات .

و ما يعزز هذا التوجه هو أنه و على الرغم من أن الاقتراع هو باللائحة إلا أن الحظوظ الأوفر تبقى لرؤوس اللوائح التي تصبح مجالا للمزايدات و تخضع بالتالي للعرض و الطلب على الرغم من أن النظام الانتخابي المعتمد في المغرب هو نظام لائحي ، لكن مع اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين ، تحولت المسألة من اللائحة إلى حظوظ المرشح الأول فيها ، و بالتالي ، أصبحنا و كأننا نعتمد الاقتراع الفردي ، الذي يعتمد على خصائص المرشح ، إما أن يكون من الأعيان و رجال الأعمال ، أو أن ينتمي لقبيلة معينة أو يقدم خدمات ، و هذا ما يفسر تنافس الأحزاب في الآونة الأخيرة على استقطاب هؤلاء الأشخاص .

إن وضع المشهد السياسي الحالي و مع غياب برامج فعلية يحوله في شموليته إلى شعارات يقودها أفراد من ذوي السطوة و المال و الحضور ضمن القبيلة باسم سلطتي “المال” أو “الدين” بعيدا عن الولاءات الحزبية ، على أن النسبة الكبرى و الحزب الأكبر في البلاد مكون من “أغلبية صامتة” فضلت العزوف عن التصويت بعيدا حتى عن كل تسييس للموقف “إسلاميا” أو “يساريا” ، و هو ما تؤكده التوقعات التي تبرز أن نسبة المشاركة ستكون متدنية جدا في الانتخابات المقبلة.

التعليقات مغلقة.