الصحة العالمية تؤكد لا مجال للحديث عن القضاء التام على كورونا

محمد حميمداني

عكس التوقعات القائلة بأن فيروس “كورونا” سيعرف نهايته العلاجية مع الوصول إلى تحقيق المناعة الجماعية ، أي بلوغ نسبة التلقيح 70 % ، خرجت منظمة الصحة العالمية بتصريحات تناقض هاته الحاملة لبذرة تفاؤل ، و التي مفادها أن المتحورات الجديدة الشديدة العدوى ، و أهمها متحورة “دلتا” ، قد قلبت المعادلات رأسا على عقب محطمة بذلك تلك الأحلام الوردية التي تم رسمها و المبشرة بالقضاء النهائي على الفيروس كمطمح للبشرية و ربط تحقيق هذا الحلم باتساع نسبة التلقيح و الملقحين .

 

عكس هاته التوقعات و التصريحات المدلى بها سابقا خرج مدير الفرع الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية ، هانس كلوغه ، عن القاعدة التي عبرت عنها منظمة الصحة العالمية سابقا و التي جاء فيها بأن “الوباء سينتهي عندما سنلقح بالحد الأدنى 70%” من سكان العالم” ، لكنه سرعان ما يتراجع خطوات إلى الوراء و يلغي تلك النظرة التفاؤلية ليشير إلى أن الهدف الأساسي من التطعيم “هو قبل كل شيء منع الأشكال الحادة من المرض و الوفيات” ، مضيفا أن “كوفيد سيواصل التحور و سيبقى معنا ، على غرار الزكام” .

 

من خلال هاته الصورة القاتمة و بهاته النظرة التشاؤمية خرجت المنظمة لتعبر عن العجز أمام سلطة فيروس متحور مرعب ، حتى هاته الساعة على الأقل ، غير متمكن من السيطرة عليه رغم التلقيحات و بلوغ نسب مرتفعة من الأشخاص الذين تلقوا جرعات التلقيح ، المنظمة لم تجد من مفر سوى الحديث عن وجود متحورات تحد من طموح الوصول إلى تحقيق هاته المناعة الجماعية .

 

نفس المسؤول الصحي الأممي كان قد نبه خلال شهر مايو الماضي أن “الوباء سينتهي عندما سنعمل على تلقيح 70%” من سكان العالم كحد أدنى” ، قبل أن تخفت تلك النبرة المتفائلة لصالح نظرة أكثر سوداوية حول مصير البشرية و علاقته بالفيروس و قوة المتحورات ، حسب تصريحه ، إذ اعتبرها شديدة العدوى و لا سيما المتحورة “دلتا” التي غيرت المعطيات ، وفق تصريحه ، حيث قال “أعتقد أن ذلك يقودنا إلى نقطة هي أن الهدف الأساسي من التطعيم هو قبل كل شيء منع الأشكال الحادة من المرض و الوفيات” ، مضيفا “نعتبر أن كوفيد-19 سيواصل التحور و سيبقى معنا ، على غرار الزكام ، إذن علينا الاستباق في كيفية تكييف استراتيجيتنا مع الانتقال المزمن للعدوى والتوصل إلى معرفة دقيقة جدا بشأن تأثير الجرعات الإضافية” .

 

خبراء أوبئة ، استبعدوا تشكل مناعة جماعية قائمة على اللقاحات فقط ، في الوقت الراهن ، معتبرين الأمر بعيد المنال ، رغم إقرارهم بأهمية التلقيح في احتواء تفشي الوباء .

 

كل هاته المواقف المتضاربة تعكس حقيقة اللخبطة التي يعيشها المجمع الصحي العالمي أمام قوة فيروس استعصى على القهر بعد أن كانت قد اعتبرت ، يومه الخميس الفارط ، في موقف مناقض بان اللقاحات المعتمدة “فعالة ضد كل المتحورات ، داعية إلى التحرك “الحذر” في مواجهة “كوفيد – 19”

من جهة أخرى قالت ، كاثرين سمولوود ، مسؤولة الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية في أوربا إنه تهديد غامض” و أن “الوباء لم ينته بعد” .

 

و كانت منظمة الصحة العالمية قد قالت عبر موقعها الإلكتروني إن المتحورات ظاهرة شائعة و حميدة في أغلب الأحيان لكنها يمكن أن تصبح خطيرة “إذا قامت بتعديل سلوك الفيروس” ، داعية إلى “مراقبة هذه التطورات عن قرب بين السكان و اتخاذ الإجراءات الأكثر ملاءمة لاحتوائها و السيطرة عليها”

 

و أوضح “كلوغه” أن “ليس هناك انعدام كلي للأخطار ، فقد تكون اللقاحات ضوءا في نهاية النفق ، لكن يجب ألا يعمينا هذا الضوء” .

فمتى سيتم القضاء على فيروس “كورونا” ؟

 

وفقا لتقرير أعده و نشره  “بلومبيرغ” ، فإن تلقيح 75% من السكان سيتطلب 7 سنوات حسب الوتيرة الحالية لعملية التطعيم ، و أن حصول المزيد من الناس على اللقاح سيؤدي إلى بناء دفاع جماعي ضد الفيروس ن لكن التقرير الأخير لمنظمة الصحة العالمية يخالف كل هاته التوقعات و يجعل مسألة القضاء على الفيروس مستبعدا في الوقت الراهن و أن المطلوب التعايش معه و العمل على تقليص نسبة الإماثة التي قد يحدثها و الحد من انتشار العدوى بوثيرة متسارعة و التي ترسخ قاعدتها متحورة “دلتا” .

 

و لعل النموذج الدانماركي سيكون هو المحصلة النهائية لعمل الحكومات أمام حالة الشلل في التعاطي مع الفيروس، حيث أقرت الدانمارك، اليوم الجمعة، رفع كافة القيود المفروضة من إجبارية وضع الكمامات أو اعتماد التصريح الصحي، بحيث عادت الحياة العامة إلى شكلها الاعتيادي الطبيعي.

التعليقات مغلقة.