غموض المغص الذي يشعر به الرضّع

بقلم د. مبارك أجروض

من المعروف أن مغص الرضيع معروف لدى كل الأمهات والآباء، وهو يصيب الأطفال الرضع في الأشهر الأولى (عادة الأشهر الثلاثة الأولى من العمر). ولكنه قد يستمر عند البعض حتى الشهر الثامن. وهو يزداد عند الأطفال الذين يرضعون الحليب الصناعي، ولكنه قد يصيب من يحصلون على رضاعة طبيعية. ويتميز بنوبات من البكاء والصراخ الشديد قد تستمر لأكثر من الساعة، وتحدث في أوقات معينة من اليوم (عادة في المساء)، ولكنها قد تحدث في الليل مما ينتج عنه تأثر نوم الوالدين، وإذا كان البيت صغيرًا فقد يوقظ بكاء الرضيع الحاد كل من في البيت. ويسبب بكاء الرضيع قلقًا كبيرًا للوالدين، وقد يطلبان المساعدة الطبية حال حدوث النوبة.

ومن المعروف أيضا أن سبب البكاء غير معروف تمامًا، وهناك نظريات لم تثبت صحتها بعد ومنها انحباس الغازات في أمعاء الرضيع مما يسبب المغص والبكاء، ومنها احتمال وجود ارتجاع في الحمض من المعدة إلى المريء. ويرى بعض الباحثين أن السبب يعود إلى حساسية مزاج الرضيع في هذه الفترة من العمر، وعدم اكتمال نوم جهازه العصبي، وتبقى كلها نظريات واردة. ومن الأسباب المذكورة الحساسية للاكتوز.

وعادة ما يبكي الرضع لأسباب عدة، لكن البكاء بسبب المغص متكرر. وغالباً ما يبدأ المغص في الأسبوع الثالث من العمر، ويبلغ ذروته بين الأسبوعين الرابع والسادس، وتختفي أعراضه عادة بعد 3 و4 أشهر، ويمكن أن تستمر عاماً. وهذه مجموعة من الحقائق التي يجهلها الكثيرون حول المغص عند الرضع:

* أسباب المغص مجهولة

لدى مقدمي الرعاية الصحية والأمهات والآباء الكثير من النظريات حول أسباب المغص، لكن لا أحد يفهم حقًا ما يحدث في أجسام الرضع المصابين بالمغص. وتشمل العوامل التي قد تساهم في تطوره، الجوع، أو الإفراط في التغذية، والجهاز الهضمي غير الناضج، وارتجاع الحمض، وآلام الغازات، واختلال بكتيريا الأمعاء، والحساسية الغذائية أو عدم تحملها، والتوتر والقلق.

* النمو الطبيعي والتطور

لأن الرضع الذين يعانون من المغص غالبا ما يظهرون ويتصرفون وكأنهم يعانون ألماً في البطن، تفترض العديد من الأمهات أن هناك شيئا في أجهزة هضمهم. ورغم أن المصابين بالمغص يبدون غير مرتاحين مع شد الساقين لأعلى وبطن متوتر، فإن معظمهم يتمتع بصحة جيدة وينمون بشكل مناسب. وفي الواقع، يعتبر النمو الطبيعي والتطور نموذجياً لدى المصابين بالمغص.

* ظهور المغص في المساء

لسبب غير معروف، تظهر أعراض المغص عادة في نفس الوقت كل يوم في المساء. ولسوء الحظ، فإن هذه النوبات المسائية قاسية على جميع أفراد الأسرة. وقد يجد الأمهات والآباء صعوبة خاصة في تكوين علاقة مع طفل يبدو أنه يبكي بشكل دائم. وإذا كان هناك أطفال أكبر سنا في المنزل فقد يحرم الرضيع المصاب بالمغص الأمهات والآباء من العناية الكافية بالأطفال الآخرين.

* وقت الاتصال بالطبيب

في معظم الحالات، لا يوجد أي عيب جسدي لدى المصاب بالمغص. ومع ذلك، ولأن مجموعة متنوعة من الحالات الطبية يمكن أن تسبب أعراضاً متشابهة، فمن الجيد الاتصال بمقدم الرعاية الصحية، عند ملاحظة المغص، لفحص نمو الرضيع وتطوره، واستبعاد مشكلة طبية، مثل الفتق أو ارتجاع المريء.

* استعمال أدوية من دون وصفة طبية

يمكن شراء قطرات غاز سيميثيكون gouttes de gaz siméthicone دون وصفة طبية، وتسوق هذه المنتجات على أنها “قطرات ضد المغص”. وتقول الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال إن قطرات سيميثيكون آمنة للأطفال، لكنها تشير إلى أن الدراسات العلمية أظهرت أنها غير فعالة في علاج المغص.

* الحساسية لأطعمة معينة

وفقًا للمكتبة الوطنية للطب، فإن الأطعمة التي تمر مع حليب الثدي قد تؤدي إلى المغص عند الرضع. ولذلك من المهم عند الرضاعة الطبيعية استبعاد أطعمة معينة من النظام الغذائي للأم.

* البروبوتيك Probiotique لعلاج المغص

يشتبه في أن عدم توازن بكتيريا الأمعاء قد يكون مسؤولًا عن المغص، على الأقل لدى بعض الرضع، ولذلك يختبرون علاجاً بمكملات البروبيوتيك.، التي تعتبر بكتيريا “جيدة” تساعد في الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي. وأظهرت دراسة واحدة على الأقل أن الرضع الذين يعانون من مغص والذين حصلوا على علاج بالبروبيوتيك، يقل بكاؤهم.

* اكتئاب ما بعد الولادة dépression post partum

التعامل مع رضيع يبكي، مرهق، ولأن الرضع الذين يعانون من المغص يبدو أنهم لا يستجيبون في بعض الأحيان، فمن السهل على الوالدين الشعور بعدم الكفاءة أو لوم أنفسهم. والإرهاق والارتباك بسبب بكاء الرضيع أمر طبيعي، ويمكن طلب المساعدة قبل اليأس والغضب، أو ظهور أفكار لإيذاء النفس أو الرضيع.

* علاج مغص الرضع

لا يوجد علاج محدد للمشكلة لأن السبب غير معروف بالتحديد لكن بعض الأطباء والأمهات قد يجربون مضادات الغازات وهي تفيد في بعض الحالات، كما قد يستخدم البعض مضادات التقلص. ويلجأ بعض الوالدين إلى استخدام المصاصة المسكتة أو إلى هز الرضيع، وقد يستخدم الوالدان كل الطرق السابقة في نفس الليلة، ولأن النوبات تنتهي فجأة كما بدأت فجأة، فقد يظن الوالدان أن آخر طريقة استخدامها هي الطريقة الناجحة.

ويقوم بعض الأمهات والآباء بالتناوب ليلا على رعاية الرضيع حتى يتمكن كل واحد منهما من الحصول على قسط كافٍ من النوم. وبعد زوال النوبة يعود الرضيع طبيعيًا كأن شيئًا لم يكن. وقد يفيد تغيير الحليب الصناعي بعد استشارة الطبيب. أما بالنسبة إلى من يحصلون على رضاعة طبيعية فقد يفيد أن تعدل الأم من غذائها مثل تجنب البهارات والبيض والمنبهات، والمشكلة بصفة عامة حميدة وتزول مع تقدم عمر الرضيع وتختفي في العادة بعد الشهر الثالث. وليس هناك من داعٍ لقلق الوالدين لأنه لا توجد مضاعفات من المشكلة، ولكن ما سبق لا يمنع من عرض الرضيع على طبيب الأطفال للتأكد من التشخيص

التعليقات مغلقة.