كلمة السيد عبد اللطيف وهبي في لقاء تشاوري مع نواب ونائبات البام بسلا

بعد لقاءه مع رئيس الحكومة المعين عزيز أخنوش، في إطار المشاورات الحكومية وتلقيه إشارات إيجابية، رد عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، اليوم 15 شتنبر بمدينة سلا في لقاء مع برلمانيي الأصالة والمعاصرة الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بالمثل على رئيس التجمع الوطني للأحرار معبرا بذلك عن استعداده للتعاون معه في المرحلة المقبلة وتشكيل حكومة متماسكة ومتكاملة.

وجاء في مجمل كلمته يشرفني أن ألتقي معكم في هذا اليوم التاريخي، الذي يعقب عملية إجراء الاستحقاقات الانتخابية برسم مجلس النواب ومجالس الجهات والجماعات الترابية، لنقيم نتائجنا المحققة بشكل موضوعي ومسؤول، ولنرسم معا معالم المرحلة السياسية المستقبلية لحزبنا، في ظل هذه الظرفية التي تعرف تسارعا متوارثا في الأحداث السياسية.

ومعبرا في ذلك تقديم شكره  لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره، على إرادته الصلبة في احترام روح الدستور، وفي صون الاختيار الديمقراطي ببلادنا، وسعيه القوي لوضع قطار بلادنا على سكة مصاف الدول الديمقراطية العظمى، التي استطاعت تنظيم عملية الانتخابات في وقتها الدستوري، رغم الإكراهات المتعددة المرتبطة بجائحة كورونا، الأمر الذي سيعزز لا محالة من المكانة الديمقراطية للمملكة المغربية، ومن صورتها المشرقة بين الأمم وبين مختلف شركائها الدوليين وأحسن رد على أولئك الذين لا يريدون أن يفهموا أن ديموقراطيتنا تنبع قوتها من تمسك شعبنا بملكيته ووحدته الترابية.

وتفضل بتقديم أجمل عبارات التهاني لحزب التجمع الوطني للأحرار على فوزه بالمرتبة الأولى في الاستحقاقات التشريعية الأخيرة، وكذلك تهنئة السيد الرئيس عزيز أخنوش على الثقة المولوية الغالية التي حضي بها، وتعيينه رئيسا للحكومة مكلفا بتشكيلها، متمنين له كامل التوفيق والسداد في المهام الموضوعة على عاتقه.

كما أنتهز هذه الفرصة لأتقدم إليكم بأحر التهاني وأجمل التبريكات، على ثقة المواطنات والمواطنين التي حصلتم عليها، وعلى فوزكم في هذه الاستحقاقات، ومن خلالكم أهنئ جميع مناضلات ومناضلي الحزب على النتائج الهامة التي حققها حزبنا في هذه الانتخابات، وهي نتائج ما كانت لتتحقق لولا مجهوداتكم الشخصية، ولولا تضحيات جميع المسؤولين الحزبيين، ومختلف المترشحات والمترشحين، وجميع المناضلات والمناضلين، الذين قدموا درسا عميقا في الانضباط لمختلف القوانين الانتخابية، وفي التشبث بأخلاقيات التنافس الشريف، والاحترام التام لإرادة الناخبات والناخبين.

وهي مناسبة كذلك لأعبر باسمكم جميعا عن التقدير الكبير لمختلف المواطنات والمواطنين عموما، ولإخواننا من ساكنة الصحراء المغربية خصوصا على مشاركتهم المكثفة في الانتخابات الأخيرة رغم إكراهات الوباء، حيث بلغت نسبة المشاركة في عملية التصويت حوالي 50.35 بالمائة، وهي نسبة هامة عكست مدى انخراط المواطنات والمواطنين في هذه العملية الديمقراطية، موجهين بذلك رسالة للعالم بأن الإرادة المشتركة لجلالة الملك والشعب المغربي صنعت من يوم 8 شتنبر 2021 ملحمة ديمقراطية جديدة، انتصرت على كل التحديات و الظروف الاقتصادية والاجتماعية والوبائية الصعبة، ورسخت الصورة الديمقراطية للمملكة المغربية في مختلف المحافل الدولية، وما إشادات المنتظم الدولي بهذه الاستحقاقات سوى اعتراف أممي من جديد، بجدية المملكة المغربية في ورش البناء الديمقراطي.

 

مشيرا إلى ان يوم 8 شتنبر لم يشكل نقلة نوعية في ترسيخ المسار الديمقراطي لبلادنا وتعزيز صورته الديمقراطية، وترسيخ اختياراته في السير قدما وبتبات نحو مصاف الدول الديمقراطية فحسب؛ بل كذلك وجه رسائل ديمقراطية داخلية، واختار بوضوح أغلبية سياسية مكونة من ثلاثة أحزاب فقط، قد تشكل في حالة نجاح المشاورات، أرضية مواتية وغير مسبوقة لتشكيل تحالف سياسي مشروع ومنسجم، اختارته الصناديق بكل ديمقراطية وحرية وشفافية.

واستنادا على ما أفرزته هذه العملية الانتخابية، وما يقتضيه الأمر من التحلي بالمسؤولية التاريخية، فإننا في حزب الأصالة والمعاصرة نتوجه اليوم إلى جميع الأحزاب الوطنية من أجل الحوار والتعاون، وتغليب المصلحة العامة لبناء مرحلة ديمقراطية جديدة، ستعمل لا محالة على تطوير المشهد السياسي ببلادنا، والدفع بالأحزاب السياسية إلى المزيد من الأدوار الطلائعية داخل المجتمع.

لقد فرضت علينا العملية الانتخابية الأخيرة ضرورة احترام اختيارات الشعب المغربي وضرورة التحلي بالحس الديمقراطي، والعمل على تدشين مرحلة سياسية جديدة تخضع للنتائج الانتخابية إعلاء للقيم الديمقراطية، ومن تم نؤكد بكل شجاعة، أنه مع إعلان نتائج الانتخابات تكون المواقع داخل المؤسسات المنتخبة للولاية السابقة قد انتهت، وانطلقنا في تأسيس مرحلة جديدة، بمواقع جديدة، وخريطة سياسية جديدة، حددها الناخب المغربي، ومن تم نؤكد أننا تجاوزنا صراع المواقع مع حزب التجمع الوطني للأحرار، ودشنا مرحلة جديدة برسائل إيجابية جيدة من هذا الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات والمكلف بتشكيل الحكومة، ونعمل حاليا على دراستها والتفاعل معها بإيجابية أكبر، خدمة للصالح العام وترسيخا للاختيار الديمقراطي ببلادنا.

وفي نفس السياق نود أن نشكر وبحرارة، أصدقائنا في حزب التقدم و الاشتراكية و حزب الاستقلال اللذان اشتغلنا معهما في المعارضة خلال الولاية السابقة، وكان التنسيق بيننا مثمرا، بفضل تصرفاتهما النبيلة التي لا يمكن نكرانها، وسنحتفظ لهما بهذا الرصيد الهام في ممارسة معارضة جماعية مسؤولة، استثمرت كل الوسائل والإمكانيات الدستورية المتاحة لمراقبة الحكومة واقتراح الحلول البديلة، واليوم سنواصل العمل من أي موقع لنا مع جميع الأحزاب وبروح وطنية مسؤولة، خدمة لقضايا المواطنين والوطن.

من جهة أخرى، وبعيدا عن المنطق الضيق لمعنى الخسارة على مستوى نتائج الانتخابات الأخيرة، فإننا نؤكد أن الأحزاب السياسية الجادة والمسؤولة تظل مكانتها متميزة داخل المجتمع وداخل المشهد السياسي. لهذا فان تراجع عدد مقاعد حزب العدالة والتنمية خلال الاستحقاقات الأخيرة لم ولن ينقص أبدا من وطنيته وجدية أدواره التي جسد فيها غيرته على الثوابت الدستورية ومراجع الأمة المغربية طيلة الولايتين الحكوميتين السابقتين. إنه سيظل حزبا هاما في التاريخ السياسي المغربي، وسنظل حريصين على التعاون معه، لحاجة بلادنا له ولكل أحزابنا الوطنية، ولنواصل بنائنا الديمقراطي، لذلك نحن متأكدون أن شرعية وجوده ستعيد له قوته للمساهمة من جديد في العملية الديمقراطية علما أنه ليس هناك موت دائم في السياسة ولا انتصار دائم فيها

وأضاف إن انتخابات يوم 8 شتنبر الأخير لم تصنع حدثا سياسيا تاريخيا في مسارنا الديمقراطي الوطني فحسب، بل شكل هذا اليوم محطة مفصلية في تاريخ حزبنا حزب الأصالة والمعاصرة، إذ برهنا للجميع على أن اختياراتنا الفاصلة والحاسمة التي دافعنا عنها باستماتة وشجاعة كبيرتين مند المؤتمر الوطني الرابع خلال فبراير 2020 بالجديدة، كانت اختيارات صائبة، وشكلت بوصلة واضحة لخطنا السياسي، عقب نقذ ذاتي شجاع، صححنا من خلاله المسار، وتوجهنا بعده بنفس تصالحي جماعي مسؤول نحو هذه المحطة، ولم يخب ظننا وثقتنا فيكم وفي جميع المناضلات والمناضلين، فكانت الحصيلة كما ترونها اليوم، كسب الرهان بشرف وتنويه كبيرين من خصوم حزبنا قبل أصدقائه ومناضليه.

لقد برهن حزبكم اليوم بما لا يدع مجالا للشك، أنه حزب متجدر بالمجتمع، له مكانته الريادية بالمشهد السياسي والمؤسساتي، تعكسها اليوم تلك المشاركة الكبيرة في مكاتب تسيير الجماعات والجهات، وسنحرص على أن تتبلور بشكل قوي في باقي المؤسسات الدستورية المنتخبة.

إن ما حققناه اليوم من نتائج انتخابية باهرة، لن يكون دافعا للغرور أو الاتكال، بل يجب أن يتحول إلى مسؤولية وأمانة ثقيلة على عاتقنا اتجاه وطننا واتجاه مواطنينا، من موقعنا في المعارضة أو موقعنا في الحكومة في حالة ما نجحت المفاوضات مع السيد رئيس الحكومة المعين وفق التوافقات الضرورية والمشاورات السياسية الجارية. لذلك سنلعب دورنا كاملا من موقعنا الجديد داخل الوطن الذي تتطلب تحدياته نكران الذات، فالبام من رحم الوطن، خدم الوطن من موقع المعارضة وسيظل كذلك في حالة ما دخل موقع تدبير الشأن العام.

إنه بالقدر الذي نعبر فيه عن ارتياحنا للنتائج الانتخابية الهامة على جميع المستويات، بالقدر نفسه نريدها أن تكون حافزا قويا لتحمل المسؤولية الكاملة في إعادة بناء تنظيمنا الحزبي على جميع المستويات وعلى جميع الواجهات، بناء تنظيماته الجهوية والإقليمية والمحلية على أسس الديمقراطية، إن محطة انتخابات 2026 قد انطلقت من الآن ولن نكون حاضرين بقوة أكبر مما حققناه اليوم إلا إذا شيدنا تنظيما حزبيا مؤسساتيا، ديمقراطيا قويا.

وختم، إن بلادنا مقبلة على تحديات جمة، وعلى إكراهات صعبة، تتطلب منا تحمل المسؤولية الكاملة، واتخاذ القرارات الوطنية الصائبة، بعيدا عن هوس مصالح حزبنا الضيقة، لذلك نعول كثيرا على لقاءنا التشاوري هذا، وعلى باقي اللقاءات التشاورية  الدورية التي ستكون معكم، ومع مختلف أجهزة الحزب وباستمرار، لرسم معالم المحطة المستقبلية، التي يجب أن يحكمنا فيها قيم التضامن و المسؤولية الكاملة، وخدمة المصالح العليا للوطن، هاته الأخيرة التي يجب أن تظل نصب أعينكم دائما، فأنتم ممثلي الأمة، وصوت الحزب وواجهته الأساسية التي سندافع من خلالها عن قضايا الشعب والوطن، بأمانة ونزاهة وتضحية ونكران للذات، كما ستكونون ضمير الحكومة اليقظ، والمنبه دوما لأفضل وأنجع السبل لخدمة الصالح العام

التعليقات مغلقة.