عسكر الجزائر بين الكبوة و تشجيع الربيع الإرهابي

محمد حميمداني

 

ملفات و أسرار تعرى من قلب باريس لتكشف حقائق العسكر الجزائري و مخطط المؤامرات التي لا تنتهي إلا لتبدأ عبر زرع فوضى متنقلة يقودها قواد العسكر الجزائري ، و أسرار تكشف عن تورط الجيش في الحرب القذرة و الأهلية و التي تمت تعريتها بالوثائق لأول مرة .

 

المكان باريس ، و الشخوص ضباط في الاستخبارات الجزائرية فروا إلى عاصمة الأنوار هربا من ظلام الجيش الجزائري الذي أسقط “القايد صالح” و بحوزتهم أسرار تعري مؤامرات العسكر الجزائري .

 

شخوص الإجرام متعددة تتوسع مع اتساع دائرة الضوء لتمتد من “توفيق مدين” إلى “خالد نزار” مرورا ب “سعيد شنقريحة” ، و آخرين ، يعوم المؤلف في بحر الشخوص المكونة للمشهد الدموي المتنقل ، و الموزع عبر خارطة الدم و العرق و إثارة النعرات باسم “الرب” لإشعال فتيل حرب لا تنتهي إلا لتشعل لإلهاء الكل في لعبة قذرة تديم سيطرة العسكر على دواليب الحكم ، و تسكت كل الأحلام الناشدة للحقوق و الحريات ، و هو ما يؤكده المؤلف الذي يعري تورط العسكر في لعبة الدم و توظيف ورقة الإرهاب لتصفية الاختلاف و نقد الفساد القائم .

 

“ربيع الإرهاب في الجزائر” كتاب صدر بباريس ، عرى حقائق نظام الجنرالات في الجزائر و أثار ضجة كبرى حتى قبل صدوره بما حمله من حقائق صادمة عن الجزائر و نظام القتل باسم الحرب المقدسة ضد الإرهاب ، و تقاسم الأدوار بين مكونات الغنيمة من جنرالات المؤسسة العسكرية خلال الفترة التي تعرف بــ “العشرية السوداء” .

قيمة الكتاب يستمدها مما حمله من شهادات حية صادمة لضباط انشقوا عن المخابرات الجزائرية ، بعد اغتيال القايد صالح ، و فرارهم إلى فرنسا الملجأ ، و بحوزتهم أسرار إجرام عرته الوثائق السرية المهربة من أرشيف الجيش الجزائري  .

و ثائق تؤكد تورط الجنرال توفيق مدين ، و خالد نزار ، و سعيد شنقريحة ، بالإضافة إلى جنرالات آخرين ، في استغلال ورقة الإرهاب و النعرات العرقية ، لإحراق الجزائر عبر إشعال حرب أهلية بدعوى محاربة الإرهاب .

 

وثائق أعلنت حالة طوارئ في مقرات المخابرات الجزائرية لقيمة المكشوف الثمينة في تعرية رموز الفساد و القتل و هو الأمر الذي أثار فوضى في المكان ، فالوثائق المعروضة هي من الأرشيف السري جدا و تفجيرها في هاته الفترة معناه كشف أسرار المخازن السرية الجزائرية المشحونة بجرائم لا حدود لها .

 

خطورة العرض و المعروض دفع الجنرال “قايدي” مدير المخابرات العسكرية الجزائرية ، و “مجاهد” المستشار الأمني للرئيس الجزائري ، لفتح باب التفاوض مع السلطات الفرنسية من أجل ستر المفضوح و سحب الكتاب القنبلة و الفضيحة من سوق التداول الذي سيعري حتما ، و يسقط ورقة التوت التي تغطي عورة جنرالات الجزائر ، خاصة و أن الكتاب يضم صورا و وثائق رسمية وصفت بالخطيرة لأنها تورط كل الأدوات الغليظة في تركيبة العسكر الجزائري ، و الرؤوس التي تستنزف خيرات البلاد و تحمي مصالحها من خلال شلالات الدم التي تفرغها في الشوارع باسم الحرب المقدسة ضد الإرهاب ، و خلق أجواء التوتر مع الجيران .

 

الكتاب أثار ضجة كبرى حتى قبيل صدوره ، بما حمله من شهادات عن ما سمي ب “العشرية السوداء”، و التي تروي قصة آلام الدم و فضيحة القرن التي تورط النظام الجزائري و مخابراته و أجهزته المختلفة وعلاقاته بالإرهاب ، مما شكل زلزالا قويا سيهدم كل الصروح التي راهن عسكر الجزائر على استمرارها من خلال هاته التمثلات الدموية و التستر الأعمى باسم المصالح من دول و نظم تغض الطرف عن هاته الجرائم ، ضمانا لامتيازات مباشرة أو غير مباشرة ، و هي حقائق ستقود حتما إلى تدمير كيان العسكر و المخابرات ، و إعلان الموت السريري لزمر القتل ممن تربوا في أحضان خلق أجواء التوتر ضمانا لحياة المصالح .

 

غباوة عسكر الجزائر و شطحات و جنون “شنقريحة” ، قد تقوده إلى الدفع لحرب مع المغرب ، وفق ما أعلن عنه موقع جزائري ، فيعلن عن إحراق المنطقة بعد أن أحرقوا البلد   

 

جزائر اليوم لا تحمل إلا لغة التساؤلات المفتوحة ، حيث الغياب أصبح لغة رائجة و السؤال المرجعي هو عن وجهة الغياب ، ففي جزائر اليوم لا مجال للتمييز بين غياب الجنرالات من الفريق الأول “علي بن علي” و جنرالاته إلى المصير المجهول لوجهة الجنرال “لغريس” و الذي تتحدث مصادر عن تصفيته جسديا ، خاصة و أنه يلقب بالعلبة السوداء للجيش الشعبي ، و الصراع المستمر منذ اغتيال “القايد صالح” بين الجنرال “شنقريحة” و الموالين للقايد صالح داخل مختلف المؤسسات الأمنية و العسكرية .

 

الفريق “شنقريحة” رئيس الأركان ، حتى الآن هو المنتصر و مسجل الأهداف ضد مختلف الخصوم ، و المتربع على عرش مختلف الأجهزة و المؤسسات و هو المتهم الرئيسي بالتخلص من الخصوم بدءا من الفريق الأول “علي بن علي” في إطار حرب العمالقة ، خاصة و أن هناك اتهاما لحاشية “القايد صالح” بتدبير محاولة اغتيال “شنقريحة” و هو الأمر الذي أدى به إلى إزاحة كل الخصوم و تنصيب الأتباع ، علما أن نهمه للسلطة و سقوطه في البراغماتية القوية دفعته للتخلص حتى من اقرب أصدقائه ، و لا غرو في ذلك إذا علمنا أنه هو من اغتال ولي نعمته “القايد صالح” بعد أيامٍ من ترقيته له ، فمن سيوقف هذا الطموح الجامح ؟

 

الأكيد أن الكتاب عرى ميكيافيلية جنرالات الجزائر و استعدادهم للتضحية بالاستقرار من أجل حصد الغنائم و الدفاع عن استمرارية السلطة و الثروة ، عبر شلالات الدم المسال ، و خلق النعرات القبلية ، و التضحية بكل المعارضين تحت دعاوى محاربة الإرهاب الذي لا يعني سوى محاربة معارضي مصالح الجنرالات الحاكمين الفعليين في قصر “المرادية” .

التعليقات مغلقة.