سرطان الدم Leucémie

بقلم د. مبارك أجروض

 

يعد سرطان الدم Leucémie من أشهر الأمراض المنتشرة بين صفوف الأطفال ، ولم يتم التوصل حتى الآن إلى أسباب الإصابة بـأعراض سرطان الدم ، ولكن هناك بعض العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم، مثل العوامل الوراثية المتمثلة في الاضطرابات الجينية والبيولوجية ، والتعرض المستمر للإشعاع ، وأخيرًا التلوث البيئي ، ومن المعلوم أن سرطان الدم هو نوع من السرطان الذي يصيب الأنسجة المكونة للدم في الجسم ، بما في ذلك النخاع العظمي والجهاز الليمفاوي ، وتوجد أنواع عديدة من سرطان الدم ، وبعض الأنواع أكثر شيوعًا بين الأطفال ، وهناك أنواع أخرى تصيب البالغين .

 

عادةً ما يبدأ سرطان الدم في خلايا الدم البيضاء ، وتعد هذه الخلايا مقاتلات فعالة لمكافحة العدوى، وفي الوضع الطبيعي ، فإنها تنمو وتنقسم عادةً بطريقة منظمة بقدر ما يحتاج الجسم ، ولكن في حالة الأشخاص المصابين بسرطان الدم ، ينتج النخاع العظمي خلايا دم بيضاء شاذة ، لا تؤدي وظيفتها بشكل مناسب . وقد يكون علاج سرطان الدم معقدًا ؛ فهو يرتبط بنوع السرطان وعوامل أخرى . ولكن هناك استراتيجيات وموارد تساعد في علاجه بشكل ناجح .

 

* أعراض سرطان الدم

تختلف أعراض سرطان الدم حسب نوعه ، وتتضمن علاماته وأعراضه حمى أو رعشة ، تعب دائم أو ضعف ، عدوى متكررة أو حادة ، فقدان الوزن دون محاولة ذلك ، تورم العقد الليمفاوية أو تضخم الكبد أو الطحال ، سهولة النزف أو ظهور الكدمات ، نزيف الأنف المتكرر ، ظهور بقع حمراء صغيرة في الجلد (الحبرات) ، فرط التعرق ، خاصةً أثناء الليل وألم في العظم أو إيلام عند اللمس .

 

* تصنيف سرطان الدم

يصنف الأطباء سرطان الدم بناءً على سرعة تطوره ونوع الخلايا ذات الصلة إلى :

التصنيف الأول : يعتمد على سرعة تطور سرطان الدم

ـ سرطان الدم الحاد Leucémie aiguë : في سرطان الدم الحاد ، تكون خلايا الدم الشاذة عبارة عن خلايا غير ناضجة ، ولا تستطيع هذه الخلايا القيام بعملها الطبيعي وتتكاثر بسرعة ، ما يؤدي إلى تفاقم المرض بشكل سريع . ويتطلب سرطان الدم الحاد علاجًا قويًا وفي الوقت المناسب .

ـ سرطان الدم المزمن Leucémie chronique : يتضمن هذا النوع من سرطان الدم خلايا دم أكثر نضجًا . تتضاعف هذه الخلايا الدموية أو تتراكم ببطء أكثر ويمكن أن تؤدي وظيفتها الطبيعية لفترة من الزمن . ولا تتسبب بعض أنواع سرطان الدم المزمن في البداية في ظهور أعراض مبكرة ، فضلاً عن أنه يمكن ألا تتم ملاحظتها أو تشخيصها لسنوات .

التصنيف الثاني : يعتمد على نوع خلايا الدم البيضاء المصابة

ـ سرطان الدم الليمفاوي Leucémie lymphoïde : يؤثر هذا النوع من سرطان الدم على الخلايا الليمفاوية ، والتي تشكل النسيج الليمفاوي . ويقوم هذا النسيج بدوره بتشكيل الجهاز المناعي .

ـ سرطان الدم النخاعي Leucémie myéloïde : يؤثر هذا النوع من سرطان الدم على الخلايا النخاعية . وتشكل الخلايا النخاعية خلايا الدم الحمراء والبيضاء والخلايا المنتجة للصفيحات الدموية .

 

* أنواع سرطان الدم

وبناء على هذه التصنيفات ، تتضمن الأنواع الرئيسية لسرطان الدم ما يلي :

ـ سرطان الدم الليمفاوي الحاد Leucémie aiguë lymphoblastique : يعد هذا النوع من أكثر أنواع سرطان الدم شيوعًا بين الأطفال الصغار . ولكنه يصيب البالغين أيضًا .

ـ سرطان الدم النخاعي الحاد Leucémie myéloïde aiguë : سرطان الدم النخاعي الحاد هو نوع شائع من سرطان الدم . ويصيب كلاً من الأطفال والبالغين . وهو أكثر أنواع سرطان الدم الحاد شيوعًا بين البالغين .

ـ سرطان الدم الليمفاوي المزمن Leucémie lymphoïde souche : في حال الإصابة بسرطان الدم الليمفاوي المزمن ، أكثر أنواع سرطان الدم المزمن شيوعًا بين البالغين ، قد يشعر المريض أنه بصحة جيدة لسنوات من دون الحاجة إلى علاج .

ـ سرطان الدم النخاعي المزمن Leucémie myéloïde chronique : يصيب هذا النوع من سرطان الدم البالغين بشكل خاص . وقد يعاني المريض من بعض الأعراض أو لا تظهر عليه أي أعراض لشهور أو سنوات قبل أن يدخل في مرحلة تنمو فيها الخلايا السرطانية الدموية بسرعة أكبر . وهناك أنواع أخرى نادرة من سرطان الدم ، بما في ذلك leucémie à tricholeucocytes، وSyndromes myélodysplasiques، وTroubles myéloprolifératifs.

 

* أسباب سرطان الدم

لم يكتشف العلماء بعد السبب المحدد لحدوث سرطان الدم . ويبدو أنه ينشأ عن مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية . فكيف يتشكل سرطان الدم ؟ بشكل عام ، يُعتقد أن سرطان الدم يتشكل عندما تتعرض بعض خلايا الدم لطفرات في acide désoxyribonucléique  والذي يحتوي المعلومات المخزنة داخل كل خلية لتوجيه أدائها . أو بدلاً من ذلك ، يمكن أن تسهم تغييرات أخرى تطرأ على الخلايا لم يتم فهمها بشكل كامل بعد في حدوث سرطان الدم . تتسبب في اضطرابات معينة في نمو وانقسام الخلية بصورة أسرع ولا تموت عندما تموت الخلايا الطبيعية . ومع الوقت ، تطرد هذه الخلايا الشاذة خلايا الدم السليمة من النخاع العظمي ، ما يؤدي إلى قلة عدد خلايا الدم السليمة وظهور علامات وأعراض سرطان الدم .

 

* عوامل الخطورة لحدوث سرطان الدم

تتضمن العوامل التي تزيد مخاطر الإصابة ببعض أنواع سرطان الدم ما يلي :

ـ تلقي علاج للسرطان في الماضي : تزيد مخاطر الإصابة بأنواع معينة من سرطان الدم لدى الأشخاص الذين تلقوا أنواعًا معينة من العلاج الكيميائي والإشعاعي لعلاج أنواع أخرى من السرطان .

ـ اضطرابات وراثية : يبدو أن الاضطرابات الوراثية لها دور في تطور سرطان الدم ، وترتبط اضطرابات وراثية معينة ، مثل متلازمة داون ، بزيادة مخاطر الإصابة بسرطان الدم .

ـ اضطرابات معينة في الدم : قد يكون الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم باضطرابات معينة في الدم ، مثل متلازمات خلل التنسج النخاعي ، أكثر عرضة لمخاطر الإصابة بسرطان الدم .

ـ التعرض لمستويات عالية من الإشعاع : يعد الأشخاص الذين تعرضوا لمستويات عالية جدًا من الإشعاع ، مثل الناجين من حادث مفاعل نووي ، أكثر عرضة لمخاطر تطور سرطان الدم .

ـ التعرض لمواد كيميائية معينة : يرتبط التعرض لمواد كيميائية معينة ، كالبنزين – الموجود في الجازولين ويُستخدم في الصناعات الكيميائية – أيضًا بزيادة مخاطر الإصابة ببعض أنواع سرطان الدم .

ـ التدخين : يزيد تدخين السجائر من مخاطر الإصابة بسرطان الدم النخاعي .

ـ التاريخ العائلي للإصابة بسرطان الدم : في حال تشخيص إصابة أحد أفراد عائلتك بسرطان الدم ، فهذا يزيد من مخاطر إصابتك بالمرض . ومع ذلك ، فإن معظم الأشخاص الذين يحملون عوامل خطورة معروفة لا يصابون بسرطان الدم . والعديد من المصابين بسرطان الدم لم تكن لديهم أي من عوامل الخطورة تلك .

 

* زيارة الطبيب

حجز موعد لزيارة الطبيب عند ظهور أي علامات أو أعراض مستمرة تثير القلق ، وكثيرًا ما تكون أعراض سرطان الدم مبهمة وغير واضحة ، وقد تغفل عن الأعراض المبكرة لسرطان الدم ، وذلك لأنها تشبه أعراض الأنفلونزا وأمراضًا شائعة أخرى، ونادرًا ما يُكتشف السرطان عند إجراء اختبارات الدم لبعض الحالات المرضية الأخرى.

 

* تشخيص سرطان الدم

قد يكتشف الأطباء الإصابة بسرطان الدم المزمن من اختبار الدم الروتيني قبل حتى بدء ظهور الأعراض. وإذا حدث ذلك، أو إذا كان المريض يعاني من علامات أو أعراض تشير إلى الإصابة بسرطان الدم، فقد يطلب الفحوصات التالية:

ـ الفحص الجسدي: سوف يبحث الطبيب عن العلامات الجسدية المرتبطة بمرض سرطان الدم، مثل شحوب الجلد نتيجة فقر الدم وتورم العقد الليمفاوية وتضخم الكبد والطحال.

ـ اختبارات الدم: بفحص عينة الدم، يستطيع الطبيب تحديد ما إذا كانت مستويات خلايا الدم البيضاء أو الصفيحات غير طبيعية – ما يدل على الإصابة بسرطان الدم.

ـ اختبار النخاع العظمي: قد يوصي الطبيب بالخضوع لإجراء أخذ عينة من النخاع العظمي لعظم الورك. ويتم استئصال النخاع العظمي باستخدام إبرة طويلة ورفيعة. بعد ذلك، يتم إرسال العينة إلى المختبر للبحث عن الخلايا السرطانية الدموية. وربما تكشف الاختبارات المتخصصة للخلايا السرطانية الدموية عن صفات معينة يتم استخدامها لتحديد خيارات العلاج. وقد يطلب الطبيب اختبارات إضافية لتأكيد التشخيص وتحديد نوع سرطان الدم ومدى انتشاره في الجسم، ويتم تصنيف أنواع معينة من سرطان الدم إلى مراحل تعكس شدة المرض، وتساعد مرحلة سرطان الدم الطبيب في تحديد خطة العلاج.

 

* علاج سرطان الدم

قد يكون علاج سرطان الدم معقدًا؛ فهو يرتبط بنوع السرطان وعوامل أخرى. ولكن هناك استراتيجيات وموارد تساعد في علاج السرطان بشكل ناجح، ويحدد الطبيب خيارات علاج السرطان حسب السن والحالة الصحية العامة ونوع سرطان الدم وما إذا انتشر في أجزاء أخرى من الجسم، وتشمل طرق العلاج الشائعة المستخدمة في مكافحة سرطان الدم ما يلي

ـ العلاج الكيميائي Chimiothérapie: يعد العلاج الكيميائي الطريقة الرئيسية لعلاج سرطان الدم. ويستخدم هذا العلاج الدوائي المواد الكيميائية لقتل الخلايا السرطانية الدموية، وبناءً على هذا النوع، قد يصف الطبيب دواءً واحدًا أو مجموعة من الأدوية. ويمكن أن تكون هذه الأدوية في شكل أقراص أو يتم حقنها في الوريد مباشرةً.

ـ العلاج البيولوجي Thérapie biologique: يعمل العلاج البيولوجي على مساعدة الجهاز المناعي في التعرف على الخلايا السرطانية الدموية ومهاجمتها.

ـ العلاج الموجه Thérapie ciblée: يستخدم هذا العلاج الأدوية التي تهاجم مواطن ضعف معينة داخل الخلايا السرطانية. على سبيل المثال، يقوم العقار Imatinib (Gleevec) بكبح عمل البروتين داخل الخلايا السرطانية الدموية لدى المصابين بسرطان الدم النخاعي المزمن. وقد يساعد ذلك في السيطرة على المرض.

ـ العلاج الإشعاعي Radiothérapie: يستخدم العلاج الإشعاعي كالأشعة السينية أو غيرها من الإشعاعات عالية الطاقة لتدمير الخلايا السرطانية الدموية وإيقاف نموها. وخلال العلاج الإشعاعي، يستلقي المريض على منضدة ويدور حوله جهاز ضخم يوجه الإشعاع لنقاط محددة في الجسم. قد يتلقى المريض الإشعاع في منطقة واحدة محددة في جسمه؛ حيث يوجد مجموعة من الخلايا السرطانية الدموية، أو ربما يتم توجيهه على جسمه بالكامل، ويمكن استخدام العلاج الإشعاعي في تجهيز المريض لعملية زرع الخلايا الجذعية.

ـ زرع الخلايا الجذعية Greffe de cellules souches: زرع الخلايا الجذعية هو إجراء لاستبدال النخاع العظمي المريض بآخر سليم. وقبل عملية الزرع، يتلقى المريض جرعات عالية من العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي لتدمير النخاع العظمي المريض. ومن ثم، يتم حقن الخلايا الجذعية المكونة للدم التي تساعد في إعادة بناء النخاع العظمي. ويمكن الحصول على الخلايا الجذعية من متبرع، أو في بعض الحالات، يمكنك استخدام خلايا جذعية من جسمك. ويشبه زرع الخلايا الجذعية إلى حد كبير عملية نقل النخاع العظمي.

التعليقات مغلقة.