ألم البطن mal de ventre

بقلم د. مبارك أجروض

 

غالباً ما يُعبّر ألم البطن mal de ventre عن الألم الذي يشعر به المصاب في المنطقة الممتدة تحت القفص الصدري وفوق الحوض والمغبن، وتتراوح شدة الألم ما بين الخفيف والشديد، فقد يكون الألم بسيطاً في بعض الحالات، وقد يكون شديداً للغاية في حالات أخرى يحول دون قدرة الشخص على تناول الطعام والشراب، ويمكن القول إنّ الناس جميعهم قد يُعانون من ألم البطن ولو لمرة واحدة في حياتهم، وعلى الرغم من عدم إحساسنا بالآلية التي تعمل بها أعضاء البطن، إلا أنّ الشعور بألم البطن دليل قطعيّ على وجود اضطراب في وظائف الأعضاء الموجودة هناك، كالمعدة، والأمعاء الدقيقة، والأمعاء الغليظة، والكبد، والبنكرياس، والمرارة، ومن الجدير بالذكر أنّ حدوث اضطراب في وظائف هذه الأعضاء قد يكون أمراً مؤقتاً وبسيطاً للغاية فيزول من تلقاء نفسه، ويندر أن يكون السبب وراء الشعور بألم البطن المعاناة من مشكلة صحية خطيرة.

وهذه قائمة لبعض آلام البطن الشائعة، مصنفة بحسب الخبراء، وما يرافقها من أعراض، مع ضرورة الإشارة إلى أنه رغم أن هذه هي الأعراض شائعة إلا أنها قد تختلف من مريض لمريض، وبالتالي فتحديد موضع وشكل الألم قد يعطي فكرة أولية عن الاحتمالات، ولكنه لا يعتبر بديلا عن استشارة الطبيب وإجراء الفحوص التي يقترحها.  

 

* الألم المتموضع حول السُرة

ـ التشخيص
احتمال كبير أن يكون الألم المتثاقل عند منطقة السرة بسبب التهاب الزائدة، ومع تطور الألم للأسوأ تدريجياً واشتداده، ينتقل في أقل من يوم إلى منطقة البطن السفلى اليمنى (فوق عظم الحوض الأيمن).

ـ المحتمل فعله
في حال الشك في وجود التهاب في الزائدة الدودية، فإنه يجب على المصاب استدعاء الطبيب، أو التوجه إلى الطوارئ في المستشفى من دون تأخير، فهذه حالة إسعافية قد تصيب أي إنسان وفي أي عمر، وإذا ما أهملت (أو اعتمد في تسكينها على الحبوب المضادة للألم) فسينتهي الالتهاب بانفجار الزائدة، وذلك سيعرض المريض لمضاعفات خطيرة، بما في ذلك تهديد حياته. ويوضع التشخيص عادة لدى الفحص الطبي وإجراء بعض التحاليل المخبرية البسيطة، والعلاج التقليدي هو استئصال الزائدة بعملية جراحية غير خطرة.

على المصاب ألا يتناول، في حال شكك في التهاب الزائدة الحاد، أي عقار أو طعام أو شراب، بل عليه أن عرض نفسه على الطبيب في أقرب فرصة.

 

* سبب الألم في أعلى البطن وأسفل الصدر مصحوب بحس حارق

ـ التشخيص

الاحتمال الأكبر في تشخيص ومعرفة سبب وجع أعلى البطن، والذي يظهر كألم حارق متموضع خلف أسفل عظم القفص يكون في الغالب ناتجا عن ارتجاع حامضي معدي ـ مريئي reflux gastro-oesophagien، ينتج عن ضعف في العضلة في أسفل المريء (المعصرة)، أو فتق حجابي، يسمح للعصارة المعدية الحامضة بالارتداد صعودا إلى المريء وتخريشه Le suc gastrique acide peut remonter dans l’œsophage et l’irriter. ويزداد هذا الألم عادة بعد تناول وجبة كبيرة دسمة، أو بلع شراب حامض، أو الاضطجاع على الظهر.

ـ المحتمل فعله
إذا كان المصاب يعاني من هذه الأعراض التي عادة ما تتكرر بين فترة وأخرى، فعليه تجنب ملء المعدة بالطعام، وتحاشى أن يأكل المقليات والحوامض وكل ما يشعر أنه يدعو لأن تتكرر شكواه، وعليه أن يعوّد نفسه على النوم ورأسه مرتفع على وسادة عالية (أو وسريره أعلى ناحية الرأس من القدمين). فإذا بقيت الأعراض أو ازدادت، فلا بد من زيارة الطبيب، الذي سيؤكد التشخيص بالصور الشعاعية، ويصف للمصاب الأدوية المناسبة، وقد يحتاج الأمر – إذا بقيت الأعراض- إلى عملية جراحية.

 

* ألم حاد أعلى البطن وتحت الأضلاع اليمنى

ـ التشخيص
هذه أعراض التهاب المرارة الصفراوية، التي تحصل عادة من وجود حصيات في المرارة، وقد ينتشر الألم للكتف اليمنى من الخلف، ويكون ألم في البطن عند الوقوف أيضاً.. قد تكون نوبة الألم محتملة، وتختفي ثم تتكرر، خاصة بعد تناول الطعام، وقد تستمر وتشتد حدتها حتى يصبح المصاب مضطرا للذهاب إلى الطوارئ، وقد تترافق أحيانا بتبدل لون الجلد إلى اللون الأصفر إذا وجدت إحدى الحصيات طريقها إلى القناة الكبدية الجامعة.

ـ المحتمل فعله
رغم أن التهاب المرارة (الذي يحصل خاصة للسيدات ذوات الوزن الزائد) ليست حالة طوارئ مثل التهاب الزائدة، إلا أنها تستدعي استشارة الطبيب، الذي سيجري الفحوصات اللازمة لتأكيد التشخيص (بعد فحص المريض أو المريضة طبعا)، ويقرر ما إذا كان بالإمكان معالجة النوبة دوائيا ومتابعة الحالة عن كثب، أو ينصح بالتدخل الجراحي.

 

* ألم قابض (وأحيانا حارق) في أعلى البطن فوق السُرة

ـ التشخيص
قد يكون هذا دليلا على وجود قرحة هضمية، خاصة إذا حدث بعد تناول طعام حامض، أو عندما تكون المعدة فارغة.. ويأتي الألم عادة على شكل نوبات متكررة، وقد يترافق بتجشؤات حامضة ورائحة فم غير مستحبة أو بالتقيؤ.

ـ المحتمل فعله
لا تشكل القرحة حالة طارئة إلا إذا ترافقت مع مضاعفات مثل النزف أو الانثقاب، وبالإمكان لمن يشكون من أعراضها أن يجربوا الابتعاد عن المأكولات الحامضة، والمقلي من الطعام، والتوابل، ويقسموا وجباتهم إلى وجبات صغيرة متعددة. لكن إذا بقيت الأعراض أو تطورت للأسوأ وتعددت النوبات، فلا محالة من استشارة الطبيب الذي سيسعى لتأكيد التشخيص بالأشعة وربما بالتنظير الهضمي العلوي endoscopie digestive haute. وقد تقدمت وسائل المعالجة الدوائية منذ اكتشف الأطباء أن معظم حالات القرحة الهضمية تعود للإصابة بجرثومة (microbe) خاصة، ويمكن معالجتها بنجاح بالمضادات.

 

* نوبات ألم بطني متعمم تحصل مع نفخة في البطن

ـ التشخيص
كثيرا ما تحدث هذه الأعراض في حالات التهاب القولون التشنجي colite spastique (Syndrome du côlon irritable)، مسببة ألم البطن من الجهتين، وتترافق مع اضطرابات في التبرز (الإسهال أو الإمساك أو كلاهما)، وأحيانا مع إفرازات مخاطية مع البراز sécrétions muqueuses avec selles.

ـ المحتمل فعله
هذه الحالة الشائعة ليست طارئة، ويمكن لكثير من الناس تداركها بتجنب المأكولات التي تشكل غازات بطنية flatulence مثل البروكلي والقرنبيط، والإكثار من الألياف في الطعام (مثل الفواكه ومعظم الخضار والحبوب الكاملة)، ومعالجة الإمساك أو الإسهال بالأدوية المتداولة في الصيدليات، وتخفيف كل مسببات الشدة النفسية. لكن إذا تكررت النوبات كثيرا وترافقت مع إسهالات شديدة، فلا بد من استشارة الطبيب. وفي حالات نادرة تحدث أعراض مشابهة عند من لديهم حساسية للحليب ومشتقاته وعدم تحمل اللاكتوز Intolérance au lactose، أو لديهم حساسية للنشويات، من أمثال الخبز والمعكرونة والحبوب والحساسية للغلوتين sensibilité au gluten، حيث تترافق الأعراض مع نوبات من الإسهال الشديد، الأمر الذي لا يخفى على الطبيب، ويطلب من المصاب تجنب الأطعمة ذات العلاقة.

 

* ألم شديد مستمر في أعلى البطن ينتشر إلى الظهر

ـ التشخيص
قد تكون هذه الحالة مصحوبة بألم في البطن عند الاستلقاء، وقد تكون ناتجة عن التهاب غدة البنكرياس (pancréatite) الحاد. خاصة إذا حدثت بعد وليمة كبيرة رافقها تعاطي الكحول.

ـ المحتمل فعله
هذه حالة طارئة تحتاج إلى زيارة الطبيب أو الذهاب للطوارئ في المستشفى. وإذا ثبت التشخيص (Après une prise de sang)، فلا بد من دخول المستشفى والمعالجة عن طريق السوائل الوريدية لبضعة أيام.

* ألم شديد في البطن (خاصة في الجهة اليمنى) مصحوب بإسهال مدمى

ـ التشخيص
كثيرا ما تكون هذه الأعراض ناتجة عن مرض التهابي بالجزء الأخير من الأمعاء الدقيقة (وأحيانا الغليظة)، يدعى مرض كرون maladie de Crohn، وقد تترافق مع حس الغثيان وارتفاع الحرارة.

ـ المحتمل فعله
يحتاج هذا المرض غير معروف الأسباب لاستشارة الطبيب، وقد يطول أمد معالجته حتى الوصول لمرحلة الشفاء.

التعليقات مغلقة.