ماذا تبقى من “مانشتر يونايتد” بعد مهزلة الأحد الأسود ؟

محمد حميمداني

محمد حميمداني

 

أن تنتصر ليفربول على مانشستر يونايتد و على أرضية ملعب هذا الأخير، أمر عادي، لأن منطق الكرة يقتضي ضمن قواعده فريقا فائزا و آخر منهزما أو أن يتقاسما النقط ، لكن أن تكون النتيجة بتلك الصورة المذلة ، و مع ما يعج به الفريق من نجوم غابت و ذابت في زحام رقعة الميدان ، فتاه اللاعبون كما تاه مدرب الفريق و فتحت الشوارع لغزوات “صلاح” الذي أزبد و أرغد و قسى على قلوب الجماهير و معه زملاءه بخماسية لا ماء الوجه حتى هو تم صونه ، بل إن الشرود و انطفاء وهج العالمية جسده قائد الجوقة “رونالدو” من خلال سلوكه المشين الذي لا يرقى إلى النجومية ، و تيهان حكم اللقاء الذي اكتفى برفع الأصفر في وجهه على الرغم من أن الجرم كان يقتضي الأحمر .

 

الأكيد أن النتيجة لا تشرف الشياطين الحمر، و الأكيد أكثر أن الجماهير من عشاق المارد لن ينسوا ثقل الهزيمة و مدى الذل الذي أحسوه و الذي جعلهم يغادرون الميدان منذ الدقيقة 60 اعترافا بسقوط نجومية الفريق على أرضيه ملعب “أولد ترافورد” ، و هي السقطة الثانية في تاريخ الفريق الحافل بعد تلك التي سبقتها و بنفس الحصة أمام “مانشستير سيتي” سنة 1955 .

ماذا سيقول أهل الدار عن الهزيمة و أوزارها و تفاعلاتها الطاحنة؟، “سولشاير”، مدرب مانشستر يونايتد، لم يجد ما يقوله سوى التحسر على ضياع الهيبة، عندما قال “ليس من السهل قول شيء ما عدا أنه أحلك يوم مررت به مع هؤلاء اللاعبين. يمكنك إلقاء نظرة على الموسم الماضي، خسرنا أمام توتنهام 6-1، وهذه نتيجة أسوأ بأميال (أمام ليفربول)، هذه أسوأ بكثير بالنسبة لي بصفتي أنتمي لمانشستر، يجب أن أقول إنه يتعين علينا تجاوز الأمر بأسرع ما يمكن” .

 

في الجهة المقابلة من الميدان وعلى كرسي احتياط الخصم، يقف “يورغن كلوب” مدرب ليفربول منتشيا بسطوة الفوز و سمو القامة حينما قال “النتيجة مجنونة، سألت عما إذا كانت هناك نتيجة مماثلة في التاريخ أو لا، وستبقى مدة طويلة. كتب اللاعبون فصلا جميلا في التاريخ. هناك القليل من الهزائم في ذهني لم تكن ضرورية لكننا انتصرنا اليوم” .

 

 

في معسكر القادة يقف “هاري مغواير” قائد مانشستر يونايتد مهزوما مكسور الوجدان ، على حد قول قارئة الفنجان، ليقرأ فنجان عثرات فريق هو قائده فيقول  “لم يكن الأمر جيدا بما يكفي لهذا النادي… علينا أن نتحد، لا فائدة من إلقاء اللوم على بعضنا البعض، لكن علينا النظر إلى أنفسنا، سننظر في المرآة عندما نعود إلى ديارنا الليلة ونفكر كيف نصبح أفضل. نعتذر للجماهير، لم يكن الأمر جيدا بما يكفي لهذا النادي، لقد ظلوا معنا حتى النهاية، ونحن نقدر ذلك، ولكن علينا كفريق أن نفعل ما هو أفضل” .

 

لكن “بول بوغبا” لاعب وسط مان يونايتد قالها و بجرأة المنهزم المعترف بالضعف “نستحق الخسارة. بصراحة، نواجه هذا النوع من المستوى منذ فترة طويلة، لم نعثر على المشكلة، وتلقينا أهدافا سهلة، وأخرى غبية. نحن بحاجة إلى أن نكون أكثر نضجًا، وأن نلعب بمزيد من الخبرة والقوة. نحتاج إلى التغيير، وإيجاد العقلية الصحيحة والتكتيك الصحيح” .

 

حارس المان يونايتد ، ديفيد دي خيا ، الذي تهاوى أمام صعقات “محمد صلاح” و رفاقه بخماسية، كان معقولا في توصيفه لحال الفريق حيث قال “لعبنا كالأطفال، أشعر بالألم من أجل الجماهير؛ أعطيتم الفريق كل شيء ويجب أن نفعل الأمر نفسه”.

و لنترك باقي الرفاق في مانشستر يونايتد حائرون في فضاء المستقبل ، الأكيد في المشهد أن المدرب راحل لا محالة ، و لكن في المقلب الآخر من الواقعة يقف أصدقاء “صلاح” منتشين بطعم لم يكونوا ليحلموا به ، “جيمي كاراغر” مدافع ليفربول السابق والمحلل في “سكاي سبورتس” ، قال “هل يمكنني تصديق ما رأيته؟ لا، وأنا لا أحاول أن أكون ذكيا هنا ولكن لا أعتقد أن ليفربول كان في أفضل حالاته من حيث الاستحواذ على الكرة، لكن رباعي دفاع يونايتد مضحك، والطريقة التي يلعب بها في الوقت الحالي هزلية. لقد كانوا في حالة من الفوضى؛ لهذا السبب قلت للمشجعين تقبلوا النتيجة. لم تكن النتيجة لتصبح أفضل من ذلك. خيبة الأمل أنه كانت هناك نصف ساعة بعشر لاعبين، لن نحصل على هذه الفرصة مرة أخرى أبدا” .

 

النجم الدولي المصري “محمد صلاح” ، عريس الواقعة بامتياز قال بثقة المتواضع “أن الأهم لديه هو الحصول على النقاط الثلاث ومعاونة زملائه في تسجيل الأهداف، فذلك يشغله أكثر من إحرازه الأهداف مع فريقه ليفربول”، مضيفا “من العظيم الفوز بخماسية بيضاء على مسرح الأحلام. كانت المباراة صعبة في البداية ومحتدمة، لكننا لعبنا بأسلوبنا وأدّينا بقوة منذ البداية”.  

 

وبهذه الأهداف الثلاثة، واصل صلاح تألقه التهديفي في المباراة العاشرة على التوالي في مختلف المسابقات، و هي نتيجة نادرة التحقق في الدوري الإنجليزي ليصبح أول لاعب في تاريخ ليفربول يحقق هذا الإنجاز، في حين بات أول لاعب أيضا في تاريخ النادي يهز شباك يونايتد في 3 مباريات متتالية في جميع البطولات على ملعب أولد ترافورد، لينفرد صلاح بصدارة ترتيب هدافي البطولة هذا الموسم برصيد 10 أهداف، بفارق 3 أهداف أمام أقرب ملاحقيه “جيمي فاردي”، مهاجم ليستر سيتي.

 

كما انفرد النجم المصري بصدارة اللاعبين الأفارقة الأكثر تسجيلا في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 107 هدفا، بعدما كان يتقاسمه مع النجم الإيفواري المعتزل ديدييه دروغبا (104 أهداف).

 

تاريخ يخطه “صلاح” في صمت في مقابل انهيار حطام “كريستيانو رونالدو” الذي أعرب هو الآخر عن عدم رضاه بخسارة فريقه مانشستر يونايتد المذلة أمام ضيفه ليفربول بخماسية نظيفة في ختام منافسات الجولة التاسعة من الدوري الإنجليزي لكرة القدم اليوم الأحد، حيث كتب عبر حسابه في “إنستغرام”: “في بعض الأحيان، لا نخرج بالنتيجة التي نقاتل من أجلها أو نريدها” .

التعليقات مغلقة.