ألو المسؤول

الإعلامي المتخصص "ع-م"

الإعلامي المتخصص “ع-م”

 

في الآونة الأخيرة أصبحنا أمام وضع استثنائي ، مع تعفن المشهد العام داخل الوطن ، حيث أصبحنا نرقب بامتعاض كبير إقفال المسؤولين، و خاصة البرلمانيين منهم، لكافة الحقوق الدستورية التي يمنحها الدستور المغربي، و في المتاهة الثانية نجد أشباه إعلاميين بخسوا العمل الصحافي و أصبحوا خداما بالمجان، أو عبر علاقات الارتزاق مع جهات معينة يستفيدون من خلال هاته العلاقات السوداء من كافة الامتيازات، فيما تحرم باقي المنابر الإعلامية من هاته الحقوق.

  

الديمقراطية ليست انتخابات عابرة تفرز قشورا برلمانية أو مجالسية

فالديمقراطية ليست مرحلة انتخابات عابرة تفرز قشورا برلمانية أن جماعاتية أو مجالس بشكل صورية، و هو ما بثنا نلحظه اليوم ، بل هي سلطة تمنح من الشعب لخدمة مصالح الشعب، و ليس تحقيق التراكم الرأسمالي على حساب مصالح الأغلبية المانحة للثقة، إنها سلطة رقابية ، و انفتاح المؤسسات على المحيط العام ، خاصة وسائل الإعلام ، لكن ما نلاحظه اليوم هو انفلات عقال الصفة مع اندحار الموصوف، لتظهر قشورية الحضور من خلال الابتعاد عن مشاكل الناس، و هو ما فجر حالات غضب بمجموعة من المدن المغربية و ضمنها مدينة فاس التي يبقى حضور برلمانييها لأخد الصور التي يلتقطها مصورون يمثلون منابر بعيدة عن المشهد الإعلامي، لأنها  بخست هذا المشهد لدرجة أضحى “زبالة” لدى هؤلاء المتمكنين من زمام السلطة، و الذين لا يقبلون المواطن و الإعلام إلا خلال فترات الانتخابات و جوقات الولائم و الحضرة العيساوية و ما يصاحبها من بخور تطلق، و ماء زهر يقطر في حضرة الجلسة ليرفع الكل مع انتهاء العرس و إعلان الفوز.

 

ما جدوى حضور المؤسسات إن كانت ستغلق الأبواب و النوافذ على كل الأشكال الرقابية و ضمنها "صاحبة الجلالة"

إن ما وصل إليه المغرب و ما أنتجته رحى الانتخابات من إفرازات، خاصة بمدينة فاس، تجعلنا نتساءل عن جدوى حضور المؤسسات إن كانت ستغلق الأبواب و النوافذ على كل الأشكال الرقابية و ضمنها “صاحبة الجلالة” في ضرب للدستور ، و المادة 31.13 التي تمنح الحق في الوصول إلى المعلومة، و التي ارتأى “ممثلوا الأمة” بفاس إغلاقها مع سبق الإصرار و الترصد في ضرب لكل قيم البناء المجتمعي و المؤسساتي .

 

و يزداد المشهد قتامة مع حصول انحدار خطير في الدور المفترض للإعلام باعتباره سلطة رقابية على المؤسسات، و توجيهية و تثقيفية للمجتمع، مما يمنحه الدور الأكبر في عملية البناء المجتمعي بل و تشكيل ملامح هاته المجتمعات ، و تبعا لهذا الحضور يمكن أن نميز بين الإعلام الفاعل و المؤثر و الذي يحمل مشعله شرفاء في هذا الوطن ، و بين إعلام “البوز” و “الماكياج” و “الدقة المراكشية” و “الخليع الفاسي” … و هو إعلام تابع غير مؤثر و غير فعال لكنه حاضر بقوة الدعم الرسمي و يستفيد من كل الإمكانيات في وقت نجد الصنف الأهم و الفاعل محاصر و معطل، و رؤساء المقاولات الإعلامية ضمنه لا يقدرون على إدارة الأجور و اللوجستيك التدبيري لهاته المؤسسات الإعلامية، بل أن الصنف الثاني الفارغ من المحتوى يبادر إلى عرض خدماته بالمجان ، الشيء الذي بخس العمل الصحافي و جعل تقدير الإعلامي يسقط من خلال هاته الممارسات الشاذة التي لا تطور المسار الديمقراطي و التنموي و للدوق و للسلوك العام .

 

كيف يمكن للمؤسسات الإعلامية أن تؤدي دورها في ظل هاته الفوضى

و السؤال الجوهري الموجه للمسؤولين و القيمين على تذبير المشهد كيف يمكن للمقاولات الإعلامية أن تؤدي دورها و تنشر قيم الجمال و الحياة مع سيادة قيم السواد و الانحطاط والموت في الواقع من قبل أشباه الإعلاميين، و مسؤولي “آخر زمن” على حد قول الشاعر الكبير “أحمد فؤاد نجم”، فكيف لهاته المؤسسات أن تباشر مهامها في ظل ثقافة الانحطاط و “البوز” السائدة و غياب كلي للدعم لهاته المؤسسات و توزيع غنائم “الإشهار” و الإعلانات الإدارية و عقد الشراكات و الصفقات في الغرف المغلقة و بمباركة من الجهات المعلومة و الخفية .

 

واقع أليم نلحظه على صعيد عمالة إقليم فاس، حيث نجد أن هناك العديد من الملفات السوداء التي تعري وجوه و ماكياج المسؤولين عن تدبير الشأن العام و الشأن المحلي لكن لا يتم النبش فيها من طرف “وسائل الإعلام” المحلية.

 

كيف يمكن بناء و عن مستقبل أمة و وطن في ظل سيادة هاته الأفكار الداعشية الفكرية المعيقة للبناء و التنمية؟

فكيف تمكنت و الحالة هاته أن نتحدث عن بناء و عن مستقبل أمة و وطن في ظل سيادة هاته الأفكار و الممارسات المعيقة للتطور و التنمية ، و التي تشكل داعشية فكرية تضرب عرض الحائط بكل ما هو دستوري، و ما هو من صميم الممارسة الديمقراطية ، خاصة وأن شوارع فاس تعرف غليانا غير مسبوق ، و الموكلة لهم تدبير الشأن المحلي في “دار غفلون” في “سباتهم يغطون” بعد أن ظفروا بالمنصب المريح فأغلقوا الآذان و العيون عن التواصل و الدستور و عن آلام و مشاكل الناس التي حولوها إلى حفلات خطابية ومديح، ضدا على ما ارتآه صاحب الجلالة الملك المعظم خيارا لمغرب جديد، مغرب المؤسسات ، مغرب الدستور، مغرب البناء و معركة الجهاد الأكبر كما عنونها أب الأمة جلالة المغفور له “محمد الخامس” و غرس جدورها الملك الباني جلالة المغفور له “الحسن الثاني” و سار على النهجين جلالة الملك “محمد السادس” نصره الله.

 

منهاج أمة و خريطة طريق سطرها الشرفاء من قادة الأمة و لكنها تعطل في رحلة البحث عن المصالح و لو اقتضى الأمر تعطيل القوانين و الدستور و التوجيهات المولوية الرسمية.      

 

الواقع الذي يعيشه الإعلامي يضعه بين سلطتي الواجب و الخوف من نتائج أداء هذا الواجب

إن المطلوب هو ضمانات مسؤولة ضد كل أشكال الإرهاب الفكري المعيق للتطور من خلال تحريك كل أشكال وألوان المنع و بوسائل مختلفة و ضمنها القضاء لإخراس كل الأفواه المنددة بالظلم و الفساد العام ، لأن الواقع الذي يعيشه الإعلامي يضعه بين سلطتي الواجب و الخوف من نتائج أداء هذا الواجب ، فالبناء لا يمكن أن يكون إلا في فضاء الحرية و فهم العمق الجوهري للإعلام بكونه سلطة مكملة للمؤسسات و منيرة الطريق أمام مختلف الأجهزة، بناء لسلطتي القانون و المؤسسات، اعتبارا لكون الصحافي هو الأقرب إلى نبض المجتمع و الألصق بكل تفاصيل السياسة و الساسة و الأحداث المتحركة في جميع الدوائر، و باعتباره الوسيط بين المعلومة و مصادرها والأجهزة المسؤولة لاتخاذ ما يلزم تجسيدا لخريطة الطريق كما رسخها صاحب الجلالة الملك المعظم، و دعا إلى جعلها سلوكا مؤسساتيا و مجتمعيا. 

تعليق 1
  1. […] لقراءة الخبر من المصدر […]

التعليقات مغلقة.