رسالتي إلى السيد شكيب بنموسى….السياسة والتعليم هما أصعب حِرَف البشر على الإطلاق….

بقلم عثمان الدعكاري

بقلم عثمان الدعكاري

أولاً قبل كل شيء نهنئكم بالثقة الملكية بتعيينكم وزيرا للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ونتمنَّى لكم كل التوفيق والنجاح في هذه الوزارة الاستراتيجية، التي لا شك أن أي تغيير فيها يُحرِّك الأحلام؛ ويحيي الكثير من الآمال والأمنيات الراكدة في نفوس معظم شرائح المجتمع؛ نظرًا لتأثيرها المباشر على كل بيتٍ في الوطن.. فتطوير وتحسين التعليم وتجويد مخرجاته ليست هاجسًا محليًّا فقط، بل تُمثِّل اليوم مطلبًا وتحديًا عالميًّا لجميع حكومات وشعوب العالم؛ من أجل صناعة مستقبل أفضل لها ولأبنائها.

 

ولا شك أن معاليكم كمسؤولٍ ؛ وكمواطن وأب قبل ذلك، يُدرك حجم التحديات الكبيرة والملفات الشائكة والثقيلة التي تُواجه هذه الوزارة منذ زمن، وأهمها ضعف المخرجات، وتعثُّر خطط التطوير التي بالرغم من النفقات الهائلة التي قدَّمتها مختلف الحكومات فإنها ما زالت دون المأمول بكثير، فلم تظهر لها أي نتائج ملموسة على الواقع التعليمي المحلي؛ ما يجعل السؤال: ما الذي يُعيق هذه الخطط المليارية ويُقلِّل من نتائجها؟.. سؤالًا مشروعًا ومُلحًّا.

 

هذا السؤال المهم، جوابه يكمن في شعور المعلم بالإحباط!! كيف يُمكن لنا الحديث عن تطوير للتعليم؟! وكيف لا تُجنِّد الوزارة كل طاقاتها من أجل علاج هذا الخلل البنيوي الظاهر؟!. فلا يخفى على علم معاليكم أن الرضا الوظيفي هو أهم عوامل ضمان العطاء والإنتاجية في أي مهنة، فكيف والمهنة هي التعليم الذي أصبح (ثلثا) ممارسيه يشعرون بعدم التقدير، إما بسبب بعض التصريحات المستفزِّة التي تَصدر عن الوزارة بين فترةٍ وأخرى، وإما بسبب تأخير بعض حقوقهم المالية، وإما بسبب بطء حركة النقل، استجابةً لبعض الضغوط، وإما بسبب المحسوبيات، وهذه الكارثة الأكبر التي لا تحترم الأفضلية أو الأقدمية أو حتى الكفاءة.

 

لا أظنني بحاجةٍ لوضع بعض مقولات الفلاسفة والمُفكِّرين التي تُوضِّح خطورة دور المعلم في المجتمع، مثل الألماني (كانت) الذي يقول: «إن السياسة والتعليم هما أصعب حِرَف البشر على الإطلاق»، كل ما أردت قوله: (وأظنكم تتفقون معي فيه) هو التأكيد على حقيقة أن المعلم هو المحور الأهم في العملية التعليمية (مع احترامي لكامل المنظومة)، وأنه لا نجاح لأي تطوير لا يأخذ برضا المعلم الوظيفي؛ وتلبية احتياجاته، وتطوير قدراته، وإشعاره بالثقة في نفسه وفي دوره الاجتماعي، والأهم ضمان ترقِّيه الوظيفي دون حاجة للتسوُّل وإراقة ماء وجهه……

 

أما فيما يخص قراركم بتسقيف سن الولوج لمباراة التعليم…فهل بنت الوزارة قراراتها على دراسات ومعطيات علمية؟ وهل هذه هي الحلول المبتكرة التي وعد بها الوزير الغاضبين من عدم إلحاقهم بالوظيفة العمومية؟ وما مصير الآلاف من الذين تجاوز سنهم الثلاثين أو أصحاب الشهادات الذين لا يجدون غير التعليم مجالا للعمل؟

التعليقات مغلقة.