موجة المتشردون تغزو شوارع الناظور….معاناة تتفاقم “الرصيف سريرهم والسماء غطاءهم” و البرد يقتلهم وسط صمت السلطات

الناظور / هشام قدوري

الناظور / هشام قدوري

 

منطقة الناظور كانت وجهة للتهريب و الهجرة غير الشرعية إلى الديار الأوروبية، و بفعل الجائحة و حالة الطوارئ والحصار المضروب على مناطق العبورK أصبح الوافدون على الإقليم محاصرون، و في وضعية تشرد، و موازاة مع ذلك يلاحظ كذلك توافد أفواج من الشباب العاطل بهدف البحث عن العمل، و أحيانا من أجل الهجرة إلى الضفة الأخرى، الفعل الذي ترتبت عنه ظواهر خطيرة خاصة بمدينة الناظور، العروي، بني انصار و زايو ..، و هي المدن التي تشهد تزايدا ملفتا للنظر لأطفال الشوارع و معهم المتسكعين و المتشردين و المتسولين و أحيان منهم المجرمون للتخفي بحجة البحث عن العمل …

 

وضع يخلق تهديدا للساكنة و الممتلكات، فضلا عن كون هؤلاء عبارة عن ضحايا قذفت بهم الظروف الاجتماعية إما لاستهلاك المخدرات أو جعلتهم عرضة للانضمام إلى الشبكات و العصابات الإجرامية .

و لا تخفى عنا أسباب ودواعي تفشي الظاهرة ، إذ نجدها مرتبطة أساسا بظواهر اجتماعية تتمثل في الفقر والبطالة ، و الطلاق بآثاره التي تجعل الآباء يتخلون عن مسؤولية التكفل بالأبناء و الآباء و الأمهات، ليصبحوا بذلك عرضة للتشرد و الضياع ، و بفعل توقف الشغل وتعطل جل المرافق المذرة للدخل بسبب الجائحة ، استفحلت ظاهرة الهجرات الجماعية و الفردية إلى المنطقة مما ولد تزايدا في أعداد العاطلين عن العمل بالإقليم، في ظل عدم قدرة السلطات و معهم جمعيات المجتمع المدني على احتواء الوضع وتقديم الدعم المادي لضحايا الجائحة وكذا إطعام المشردين و المتسولين ، و نحن مقبلين في فصل الشتاء .

علما أن الظاهرة تتطلب إرادة حقيقية لمعالجتها، و التي أصبحت تتنامى بشكل تصاعدي، و مع هذا نجد عددا من المتسولين و المشردين من خارج و داخل المنطقة لا يمكن ضبطهم أو محاصرتهم بفعل تحركاتهم المستمرة وانتقالهم من شارع لأخر بحثا عن مكان آمن لاحتضانهم وانتشالهم من الوضعية التي يعيشونها، نجد من بينهم قاصرين وكذلك مسنين و حتى النساء، حيث يعيشون دون هدف و عرضة للاعتداء، فيصبح منزلهم الشارع وغطائهم السماء و فراشهم الأرض و مأكلهم من التسول و بقايا الطعام، وعادة ما يشاركون القطط والكلاب في حصيلة القمامة، و ليس لهم من رغبة أخرى في هذه الحياة غير الركض بحتا عن المصير المجهول، و إذا ما استمرت الحالة قد يتعرض الضعيف منهم للتعنيف و الاغتصاب، أو التعاطي للمخدرات و الانخراط العفوي في أعمال إجرامية دون التفكير في العواقب، حيث نجد أن الضعيف منهم يمتهن التسول أو التعاطي للدعارة و مخدر (السيلسيوم)، و في ظل غياب الرحمة و الشفقة يموت بعضهم موتا بطيئا ، وأما الأقوياء منهم فيدخلون عالم الجريمة و التطرف من بابه الواسع ، بعد أن يشعروا بأن أبواب الرحمة قد أغلقت في وجوههم و أن أحلامهم قد تبخرت، و لاقتناعهم بعجز المجتمع عن احتواءهم و احتضانهم و إخراجهم من الوضعية المأساوية التي يعيشونها و الأمثلة كثيرة و متنوعة…

 

وضع يتطلب وضع خطة اجتماعية و أمنية استباقية عاجلة ، و من جهة أخرى البحث عن أسباب فشل المركز الإقليمي للمساعدة الاجتماعية و معه جمعيات المجتمع المدني والأحزاب السياسية في محاصرة الحالة ، من خلال إعادة إدماج المشردين و التفكير في سبل وطرق معالجتها قبل استفحالها و تصبح ظاهرة يصعب بذلك وقفها…

 

 

ومن غرائب الواقع المؤلم أنه رغم بناء بعض من المؤسسات الاجتماعية الخاصة بهؤلاء الأشخاص الذين يعيشون أقصى حالات التهميش في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومندوبية التعاون الوطني التابعة للعمالة .. واحتضان عدد من هؤلاء، إلا أن هذا الواقع المؤلم يشير إلى استفحال هذه الظواهر وتكاثرها وتناسلها وتتجسد في انتشار هؤلاء المستكعين والمتشردين بأعداد كبيرة بمختلف أنحاء مدن إقليم الناظور بل يتخذون من أرصفة الشوارع الرئيسية أسرة إسمنتية لهم، ويمنحون صورا قاتمة للتخلف والظلم والتهميش والإهمال، ويؤثثون مشاهد المدينة حيث أصبحت مألوفة لدى المواطن والزائر والسائح.

التعليقات مغلقة.