ذاكرة المساجد بتازة محور ندوة علمية تراثية

“ذاكرة مساجد تازة العتيقة، المعالم والأدوار” محور ندوة علمية تراثية للمجلس العلمي المحلي لتازة

تازة / محمد حارص

 

سلطت ندوة علمية تراثية نظمت، يومه الإثنين 27 دجنبر 2021، بتازة، الضوء على “ذاكرة مساجد تازة العتيقة، المعالم والأدوار”، من خلال البعد الزمني في تطورها عبر سيرورتها (الدياكرونية)، وإحياء للمواقف التاريخية في نفوس الناس، وبما أن الحقبة الموحدية، على سبيل المثال، شاهدة على احتضان “تازة” المحروسة لمؤسسة دينية متمثلة في “المسجد الأعظم”.

 

وعرفت الندوة، التي نظمها، المجلس العلمي المحلي بتازة بتنسيق مع المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية بتازة مشاركة ثلة من الأكاديميين والمثقفين والمهتمين، مقاربة جديدة، ومن زاوية العمارة وبخاصة المساجد بإيقاع حركة المعاش اليومية، ومدى التأثير الذي تمارسه تباينات آذان مساجد المدينة على إيقاعات الحياة، وكذا أهمية المساجد في الثقافة الإسلامية عموما والثقافة المغربية خصوصا، والتي لا تكمن فقط في بعدها التعبدي الرمزي أو في بعدها الهندسي المعماري، أو بعدها الوظيفي المتصل بعدد من المؤسسات (القضاء، الإفتاء، المدرسة، …)، بل تتعاده إلى البعد الزمني، وقدرتها على تنظيم الزمن اليومي بالمدينة، حتى إنها عدت ركنا أساسيا للحياة اليومية بها إلى جانب السوق، لوجود انتظامية متصلة بينهما، يملك المسجد معها زمام ضبط الزمن وتدبيره.

 

الدكتور أحمد الجناتي، رئيس المجلس العلمي المحلي بتازة، وفي كلمته الترحيبية، أكد أن تنظيم هذه الندوة العلمية تهدف إلى التعريف بما قدمته وتقدمه المساجد، على اعتبار أنها تؤدِّي أدواراً كبيرة تعود كلُّها بالنَّفع والخير على المجتمع المسلم، وهي كثيرة ومتعددة منها: نشر الدين الإسلامي الحنيف، ومنها تماسك المجتمع، والحفاظ على الأسرة المسلمة، وتحقيق التَّكافل الاجتماعي، وذلك بسبب ما تقدمه من دروس الوعظ والإرشاد في المساجد حول ما يخصُّ وحدة المسلمين وتآلفهم. وكذا القضاء على الجهل بين المسلمين ونشر العلوم والمعارف بينهم، وأضاف ان المسجد مكانٌ لتعلُّم المسلمين شؤون دينهم، لاحتوائه على حلقات العلم، من العلماء والفقهاء المختصّين.

 

ومنها توحيد كلمة المسلمين، وتقوية الرَّوابط بينهم، وذلك لأنَّ المساجد تُنشئ بين المصلّين علاقات سامية، إذ يجتمعون في اليوم واللَّيلة خمس مرَّات، ويجتمعون كلَّ أسبوع في صلاة الجمعة، ممَّا يقوِّي العلاقات الودِّية بينهم، فيتعارفون ويتزاورون فيما بينهم، ويتعاونون على البرّ والتقوى، وتصفو نفوسهم من الحقد والضّغينة والحسد، وبذلك تنتشر بين المسلمين العادات الحسنة من عيادة المريض وإغاثة الملهوف وإجابة الدّعوة، وغيرُها الكثير.

 

مضيفا أنه لما كانت مساجد الله بهذه المكانة تروم ضبط السلوك وتقنين المعاملات؛ تلبية للحاجات، وتحقيقا للاستقرار بمفهومه الجامع المانع؛ فإنه من واجب الباحثين العلماء اختراق واقع هذه المؤسسة صوب جوهرها واستحضار البعد الزمني في تطور حركيتها، إحياء للمواقف التاريخية في نفوس الناس.

 

الدكتور محمد البركة، أستاذ التاريخ والحضارة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية مولاي اسماعيل بمكناس، قارب في مداخلة له بعنوان ” دور المسجد في تدبير الزمن الاجتماعي بالمدينة العتيقة –تازة نموذجا” في محاور ثلاث: (المساجد والزمن التعبدي، المساجد والوعي بالزمن الاجتماعي، صوامع المساجد ونواظم زمن الكسب)، حيث أكد أن المسجد عُد عند عدد من الباحثين محور المدينة وقلبها، إذ منه وحوله تشع الحياة بكل أصنافها وأنواعها وعلاقاتها، حيث تنتظم المدن العتيقة في عمومها على إيقاع آذان المسجد في تجاذب مستمر وتناغم متناسق بين تدبير زمن طلب الرزق، وبين زمن ابتغاء الأجر، بين إعلان بداية الحياة والحركة في شرايين المدينة وأزقتها مع آذان الفجر، وبين إعلان نهاية الحركة وسكون الأعضاء بعد آذان العشاء.

 

ولم يكن حضور المسجد بآثاره المعلنة والواضحة على إيقاعات المدينة طيلة اليوم، إلا تنظيما محكما لحركة الإنسان فوق الأرض، إنه التدبير الزمني بين الآذان لحظة رفعه، في غير تشابه للتفاعل الواقع مع كل آذان، فإذا كان آذان الفجر بداية اليوم والظهر دليل للغدوة، وآذان العصر دليل لقرب الأفول، وإعلان لنصيب رزق المرء في اليوم، فإن آذان المغرب إعلان بأفول الشمس ونهاية اليوم، وبداية الليل خاصة حين رفع آذان العشاء.

 

الدكتور عبد اللطيف الخمار، أستاذ التاريخ والحضارة بالكلية متعددة التخصصات بتازة، قارب في محاضرته عنونها بالمساجد العتيقة لمدينة تازة: مقاربة تاريخية وأثرية، من خلال الاستيطان البشري بتازة خلال مختلف فترات العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث، وعصر ما قبل الإسلام، ليعرج على بمداخلته على تأسيس المدينة التاريخية لتازة خلال العصر الموحدي، وتطور المجال الحضري للمدينة خلال الفترات المرينية، الوطاسية، السعدية والعلوية، عارضا المصادر البحثية في مجال عمارة المساجد العتيقة بتازة، وحصيلة البحث، مع تبيان الإكراهات والصعوبات التي اعترت البحث في مجال عمار المساجد العتيقة، مقدما نموذج الدراسة الأثرية للجامع الكبير بتازة.

 

الدكتور عثمان سال، أستاذ الثانوي التأهيلي، قارب مداخلة بعنوان، “مساجد تازة خلال العصر الوسيط –التوصيف والتوظيف” من خلال قراءة إحصائية وصفية للمساجد التازية، ووظائفها (الاقتصادية –الاجتماعية – السياسية والتعليمية).

التعليقات مغلقة.