أية استراتيجية إعلامية في ظل صحافة “البوز” في المغرب؟

الإعلامي المتخصص "م - ع"

 

انطلاقا مما نشرته بعض الصحف الوطنية في خرجة، ويا للأسف، لا ترتقي لمستوى المهنية والحرفية والأخلاق الإعلامية، والتي جاءت بعد أن تم إسدال الستار عن قضية الطفل المغربي “ريان” التي هزت مشاعر العالم العربي والدولي بأسره، وما صاحب كل ذلك من جدل على عدة مستويات، لا تزال الانتقادات مستمرة لعدم الالتزام بأخلاقيات مهنة الصحافة جراء انجرار البعض للإثارة المفضوحة بغاية تحقيق مكاسب نفعية.

 

 ولعل بلاغ النقابة الوطنية للصحافة المغربية قد عرى وكشف عورة هاته المنابر التي لا تمت للإعلام بصلة، ففي البدء قامت الصحافة على نقل الأخبار، لكنها عاشت وانتعشت على المحتوى، إلا أننا أصبحنا نعيش أزمة بنيوية اسمها أزمة المحتوى، فالجمهور كان متلهفا، وعلى مدار الساعة، لاكتشاف الأخبار والمعلومات الصحيحة المرتبطة بالحدث، لكنه وجد نفسه يسقط في حبال التطبيل والتزمير، ومحاطا بأصحاب الميكروفونات التي أثرت على المشهد الإعلامي.

 

هذا المشهد الذي أصبح يعيش على الحوافز المالية والتضليل الإعلامي بشكل كارثي، فأقبرت بالتالي أخلاقيات مهنة المتاعب، حتى أصبح مكشوفا ومعروفا لدى الجميع بأن بعض المنابر الإعلامية لا تحمل هما ولا تبني مستقبل وطن، فهمها الأول والأخير هو “البوز”، وتحقيق أكبر عدد ممكن من المشاهدة بفبركة سيناريوهات كاذبة، وتعمد استعمال الأطفال في هاته المهازل المسرحية.

 

ولا يفوتنا هنا أن ننوه بالأستاذ “المنور”، الأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، في مقال نشره عبر حسابه على “الفايسبوك”، والذي قال فيه، إن الإعلام العمومي سخر كل إمكانياته لتأمين النقل المباشر دون انقطاع عبر الأنترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي خاصة “اليوتيوب” و”الفايسبوك”، وهو ما كانت تعتمد عليه جل القنوات الإخبارية الدولية.

 

وهنا لا بد من الإشارة لاستنكار النقابة الوطنية للصحافة المغربية ومجموعة من الهيئات للاستغلال المنحط لحالة إنسانية وإخضاعها للتوظيف المنافي للأخلاق الصحافية من قبل بعض المنابر، والمطلوب هو اتخاذ إجراءات رادعة ضد هاته المنابر، لأنها شوهت المشهد الإعلامي الوطني وأعطت صورة متسخة عن واقع الإعلام، وهو ما ضر ويضر بسمعة المؤسسات الإعلامية الشريفة، الشيء الذي يقتضي التصدي بصرامة لهاته الحالات المرضية البراغماتية، وتطوير الاستراتيجية الإعلامية المعتمدة من قبل جميع وسائل الإعلام الوطنية بكل أشكالها.

 

لكن ويا للأسف وجدنا بعض الذين كنا ننظر إليهم نظرة ريادة المشهد الإعلامي يسقطون هم أيضا في تمجيد الأوساخ و النفخ في الطبول المتهالكة والتي أساءت للإعلام الوطني، على حد قول المثل العربي “الفقيه اللي كنا كنتسناو براكتو وجدناه فالجامع ببلغتو”،  وهو ما تلمسناه من خلال برامج أعدتها القنوات التلفزية العربية حول سقوط هذا المشهد الإعلامي المغربي، بل ووجدنا أن هاته المنابر الإعلامية الورقية تنفخ في الميت “اللي ما شاف والو” والذي أصبح بقوة البوز” الصباحي ركنا من أركان هوليود الإعلامي في مواقف تثير الضحك والشفقة والاستهجان والدعاء لها بالشفاء العاجل من مرض عمى الألوان الذي أصابها.

التعليقات مغلقة.